ذراني أقم للشعر في مصر مأتما … إلى أن يفيض النيل في أرضها دما
تلومان أن أبديت ما بي من الأسى … وأني لما بي أن يوارى فيكتما
سبيلكما أن تخفيا لاعج الجوى … وما هو إلا أن يذاع فيعلما
أحر الجوى ما جاوز القلب فارتقى … وأصفى الهوى ما ذاب في العين فانهمى
وأوهى ضروب الحب حبٌ ملثمٌ … يصانع خافيه وشاة ً ولوما
رويدكما يا لائمي فإن بي … على مصر وجداً جل أن يلثما
بلادٌ سقتني الحب عذباً ووكلت … بصافيه قلباً بين جنبي أهيما
يزيد هواها كلما زاد بؤسها … وتنمو تباريح الجوى كلما نما
حفظت لها عهدين عهد شبيبة ٍ … تصرمت اللذات لما تصرما
وآخر يكسوني المشيب مفوفاً … ويلبسني منه الرداء المسهما
وما المرء إلا قومه وبلاده … فإن يذهبا يلق الأذى حيث يمما
ويحيا حياة البائسين ويحتقب … من العار ما يبقى له الدهر ميسما
وما من فتى ً تغشى المهانة قومه … فيطمع أن يلفي من الناس مكرما
بمغرسه يحيا النبات فإن ترد … له مغرساً من دونه مات مؤلما
ولم أر كالأوطان أكبر حرمة ً … وأكرم ميثاقاً وأعظم مقسما
حلفت بمصر والعوادي أواخذٌ … بحوبائها يرمينها كل مرتمى
لقد ضاق حلم النيل عن جهل فتية ٍ … جزوه من الحسنى عقوقاً وملأما
وما زال مكفور الصنيع كأنما … يجود به كرهاً ويسديه مرغما
ولا جرم للمصري فيما تأولوا … ولكن أساء النيل صنعاً وأجرما
تفيض خلال السوء منه فترتوي … نفوس بنيه لا ارتوين من الظمى
أفي كل يومٍ للغواة جريرة ٌ … تعيد الرجاء الطلق أربد أقتما
لقد كان فيما أسلف الدهر واعظٌ … لوان عظات الدهر تهدي أخا العمى
فيا لك يوماً كان في الشؤم واحداً … ويا لك خطباً كان في الهول توأما
تلقوه بالتهليل حتى كأنما … تلقوا به عيداً لمصر وموسما
وهموا بأخرى يسقط الدهر دونها … صريعا وتهوي عندها الشهب رجما
بعيدة مستن المكاره ما لنا … إذا انبعثت منها معاذٌ ولا حمى
إذا اهتزمت فيها الرزايا حسبتها … تشقق صخاباً من الرعد مرزما
تسف فتردي الواضعين وترتقي … إلى النفر العالين في القوم سلماً
وتعصف بالأهرام ثمت تنتحي … قوارعها العظمى فتذرو المقطما
وترمي عباب النيل منها بزاخرٍ … تظل المنايا فيه غرقى وعوما
لعمري لقد آن النزوع عن الهوى … وحق على ذي الجهل أن يتعلما
بني وطني من يرتد الشر يلفه … وإن راقه يوماً رداءً مسمما
بني وطني إن الأمور سماتها … تبين وإن الرأي أن نتوسما
بني وطني مالي أراكم كأنما … ترون السبيل الوعر أهدى وأقوما
أإن قام ينهاكم عن الغي راشدٌ … غضبتم وقلتم خائنٌ رام مغنما
ورحتم يهب الشر من لهواتكم … مدلين أن أمسى بكم فاغراً فما
تقودون من غاوٍ ومن ذي عماية ٍ … إلى المعشر الهادين جيشاً عرمرما
تعالوا إلينا إنما نحن أخوة ٌ … وإن انبتات الحبل أن يتفصما
تعالوا إلينا إنما نحن أخوة ٌ … وإني رأيت الأخذ بالرفق أحزما
وإن سبيلنا سواءٌ وكلنا … بنو مصر نأبى أن تضام وتهضما
وما العار إلا أن تظل أخيذة ً … وتبقى مدى الأيام نهباً مقسما
برئت من الأوطان إن هال حادثٌ … فلم تلفني في غمرة الهول مقدما
وإني لنهاض إلى السورة التي … تظل القوى عنها روازح جثما
وما زلت مذ أرسلت بالشعر هادياً … أجيء به وحياً وآتيه ملهما
وما بيدي أجري يراعي وإنما … يد الله تجريه فيمضي مقوما
من العار أن تشقى بلادي وأنعما … وكالموت أن يقضى عليها وأسلما
أحن إلى استقلالها وإخاله … إذا ما رأبنا الصدع أمراً محتما
أنطلبه فوضى ونسعى جميعنا … إلى عرصات الموت سعياً منظما
تحكم فينا الداء فانحلت القوى … وآية داء الجهل أن يتحكما
تفرقنا الأديان والله واحدٌ … وكل بني الدنيا إلى آدم انتمى
وساوس ضل الشرق فيها مصفدا … فما يملك الشرقي أن يتقدما
هي استوطنت منا الرؤوس فغادرت … مكان النهى منها طلولاً وارسما
بني الشرق لا يصرعكم الدين إنني … أرى الغرب لولا الجد والعلم ماسما
سلوه إذا رام الفريسة فانتحى … أيرعى مسيحياً ويرحم مسلما
هو الموت أو تستجفل الشرق رجفة ٌ … تزلزل صرعى من بنيه ونوما