خلِيليّ، عوجا اليومَ حتى تُسَلّما … على عذبة ِ الأنياب، طيبة ِ النشرِ
فإنكما إن عُجتما ليَ ساعة ً، … شكرتكما ، حتى أغيّبَ في قبري
ألما بها، ثم اشفعا لي، وسلّما … عليها، سقاها اللهُ من سائغِ القطرِ
وبوحا بذكري عند بثنة َ ، وانظرا … أترتاحُ يوماً أم تهشُّ إلى ذكري
فإن لم تكنْ تقطعْ قُوى الودّ بيننا، … ولم تنسَ ما أسلفتُ في سالفِ الدهرِ
فسوف يُرى منها اشتياقٌ ولوعة ٌ … ببينٍ، وغربٌ من مدامعها يجري
وإن تكُ قد حالتْ عن العهدِ بَعدنا، … وأصغتْ إلى قولِ المؤنّبِ والمزري
فسوف يُرى منها صدودٌ، ولم تكن، … بنفسيَ، من أهل الخِيانة ِ والغَدر
أعوذ بكَ اللهمُ أن تشحطَ النوى … ببثنة َ في أدنى حياتي ولا حَشْري
وجاور، إذا متُّ ، بيني وبينها، … فيا حبّذا موتي إذا جاورت قبري
عدِمتُكَ من حبٍّ، أما منك راحة ٌ، … وما بكَ عنّي من تَوانٍ ولا فَتْر؟
ألا أيّها الحبّ المُبَرِّحُ، هل ترى … أخا كلَفٍ يُغرى بحبٍّ كما أُغري؟
أجِدَّكَ لا تَبْلى ، وقد بليَ الهوى ، … ولا ينتهي حبّي بثينة َ للزّجرِ
هي البدرُ حسناً، والنساءُ كواكبٌ، … وشتّانَ ما بين الكواكب والبدر
لقد فضّلتْ حسناً على الناس مثلما … على ألفِ شهرٍ فضّلتْ ليلة القدرِ
عليها سلامُ اللهِ من ذي صبابة ٍ، … وصبٍّ معنّى ً بالوساوس والفكرِ
وإنّكما، إن لم تَعُوجا، فإنّني … سأصْرِف وجدي، فأذنا اليومَ بالهَجر
أيَبكي حَمامُ الأيكِ من فَقد إلفه، … وأصبِرُ؟ ما لي عن بثينة َ من صبر
وما ليَ لا أبكي، وفي الأيك نائحٌ، … وقد فارقتني شختهُ الكشح والخصرِ
يقولون: مسحورٌ يجنُّ بذكرها، … وأقسم ما بي من جنونٍ ولا سحرِ
وأقسمُ لا أنساكِ ما ذرَّ شارقٌ … وما هبّ آلٌ في مُلمَّعة ٍ قفر
وما لاحَ نجمٌ في السماءِ معلّقٌ، … وما أورقَ الأغصانُ من فننِ السدرِ
لقد شغفتْ نفسي، بثينَ، بذكركم … كما شغفَ المخمورُ، يا بثنَ بالخمرِ
ذكرتُ مقامي ليلة َ البانِ قابضاً … على كفِّ حوراءِ المدامعِ كالبدرِ
فكِدتُ، ولم أمْلِكْ إليها صبَابَة ً، … أهيمُ، وفاضَ الدمعُ مني على نحري
فيا ليتَ شِعْري هلْ أبيتنّ ليلة ً … كليلتنا، حتى نرى ساطِعَ الفجر،
تجودُ علينا بالحديثِ، وتارة ً … تجودُ علينا بالرُّضابِ من الثغر
فيا ليتَ ربي قد قضى ذاكَ مرّة ً، … فيعلمَ ربي عند ذلك ما شكري
ولو سألتْ مني حياتي بذلتها، … وجُدْتُ بها، إنْ كان ذلك من أمري
مضى لي زمانٌ، لو أُخَيَّرُ بينه، … وبين حياتي خالداً آخرَ الدهرِ
لقلتُ: ذروني ساعة ً وبثينة ً … على غفلة ِ الواشينَ، ثم اقطعوا عمري
مُفَلَّجة ُ الأنيابِ، لو أنّ ريقَها … يداوى به الموتى ، لقاموا به من القبرِ
إذا ما نظمتُ الشعرَ في غيرِ ذكرها، … أبى ، وأبيها، أن يطاوعني شعري
فلا أُنعِمتْ بعدي، ولا عِشتُ بعدها، … ودامت لنا الدنيا إلى ملتقى الحشرِ