حيّ تحتَ الدجى مُحيّاً أنارا … فأحال الليلَ البهيمَ نهارا
واعتنق كالُلجينِ ناظرَ قدٍّ … لا يجيل الوشاحَ إلاّ نُضارا
وارتشف كالسُلاف ريقة َ ساقٍ … خلت منها أدار لي ما أدارا
سحراً زارنا وأرخى جُعوداُ … ذات نشر تعطّر الأسحارا
وجلاها ورديّة َ اللون فيها … خلتُ أن قد أذاب لي جُلّنارا
ما أنارت من جانب الكأس إلاّ … قال قلبي الكليم آنست نارا
يا نديمي على الطِلى عاطنيها … أُخت خدّيكَ رقّة َ واحمرارا
هاتها تُطلق النفوس من الأسر … كما تترك العقولَ أُسارى
وبها يا بن نشوة الكأس صرفاً … داوِ شوقي فقد مرضت انتظارا
وعلى الرشف قرّط السمعَ مني … نغماتٍ تحرّك الأوتارا
غنني باسم ناعمٍ حضنته … في ظلال النعيم بيضُ العَذارى
وغريرٍ حلا بعيني ومنها … قد حمى الجفنَ أن يذوق غِرارا
زار سرّاً وكان صدَّ جهاراً … فأراني نجومَ ليلي نَهارا
كم تعاطيتُ من مقبّله العذبِ … على ورد وجنتيه عُقارا
في رياضٍ جلت عرائسَ زهرٍ … كان طلّ الأنداء فيها نثارا
واكتستها ديباجة أَلحمَ القطرُ … وسدّى في نسجها وأنارا
كلما زرّ نورُها الغضّ جيباً … عنه حلّت يد الصَبا الأزرارا
خلعة ٌ من بهاءِ عرس غنيّ … كان حسناً بهاؤُها مستعارا
ماجدٌ قرّت العُلى فيه عيناً … واستهلّت بسعده استبشارا
وغنيّ بفخرها أطلعته … كوكباً في سمائها سيّارا
عُرسه غادر الحواسدَ بالأمـ … ـس سكارى وما هم بسكارى
وعلى قُطب دارة المجد زهواً … فلكُ اليمن بالسعود استنارا
ذلك المصطفى الذي للمعالي … إن جرى قيل سابقٌ لا يجارى
رقّ طبعاً وراق خَلقاً وخُلقاً … وزكى شيمة ً وطاب نِجارا
قد حمى حوزة َ العُلى في زمانٍ … غيره فيه ليس يحمي ذمارا
واستطالت به على الدهر كبراً … هممٌ تبذل الخطير احتقارا
بيته كعبة ُ الندى وحماه … لبني الدهر لم يزل مُستجارا
من أُناس بذكرهم أنجد المد … حُ على أوّل الزمانِ وغارا
هم أطالوا عمرَ السماح وأعما … رَ المواعيد قدّروها قِصارا
كلهم ينتمي لدوحة ِ مجدٍ … شرفاً أثمرت عُلاً وَفخارا
تلك أقمارُ سؤددٍ بل شموسٌ … وَلدت في سما العُلى أقمارا
فإذا بأهلوا السما بأبي الـ … ـهادي وقد أشرقت ترومُ افتخارا
رأت الأرض تستنير بوجهٍ … حسنٍ مثله بها ما استنارا
ودعت يا رفيعة القدرِ من أنـ … ـجمي الزهرِ خفّظي الأقدارا
لستِ إلاّ فدى ً لوجه كريمٍ … ليس يرضى بدارة الشمس دارا
ذو يمينٍ مبسوطة ٍ بالعطايا … لا تغبّ الوفّاد منها اليسارا
فلكم حرّرت أرقّاءَ دهرٍ … واسترقّت من الورى أحرارا
مستشارٌ وهل لعقدٍ وحلٍ … يجد القومُ مثله مُستشارا
هو أنكى رأياً لطارقة الخطب … وأذكى لطارق الضيف نارا
لستُ أدري إذا احتبى ناطقاً بالـ … ـكلمِ الفصل ناهياً أمّارا
أبصدر النادي توقّر رضوى … أم هو احتلّه فأرسى وَقارا
حصَّ قومٌ حرّ القريض فأضحى … واقعاً لا يرى لأُفقٍ مطارا
وهو قد راشه فرفَّ بجنحيه … اشتياقاً ونحو علياه طارا
يا بني المصطفى كفى نظراً للمجـ … ـد منكم بأن تهينوا النضارا
والمعالي ليُهنها أن تُقضّوا … طرباً في وِصالها الأوطارا
وليزوّد ربع المكارم زهواً … إنكم تعمرون منه الديارا
قد كُفيتم من غارة البخل لمّا … أن نهضتم مشمّرين غيارى
وهي لولاكم لطلّت دمَ الجود … وقالت قد ضعت فاذهب جُبارا
أينعت روضة ُ الهنا فاجتنينا … لكم التهنياتِ منها ثِمارا
وغفرنا ذنبَ الزمان وقلنا … قد أقلناكَ يا زمان العثارا
وأزرنا عقيلة الفكر ترخي … طرباً للنشيد منها الأزارا
يمّمتكم عَطرى البرود بذكرا … كم فناهيكم بها مِعطارا
إن جلت من عرائس اللفظ عُوناً … فالمعالي تزفّها أبكارا
هي غيظُ الحسود لم تجل إلاّ … زادَ أهلُ الكمالِ فيها ابتهارا
وغدّت تكثر القيام لأعجاب … بها والحسود يبدي ازورارا
كلما أُنشدت دعى المجد قامَ … القومُ إلاّ وللحسود أشارا
فأقيموا على السرور بعصرٍ … هو فيكم يفاخر الأعصارا