بني الكنانة هذا صوتها ارتفعا … لا تنكروا الحق إن الحق قد سطعا
أشقى الشعوب وأولاها بمرحمة … شعب تلقفه الغاوون فانخدعا
سلوا الألى صرعوا الدستور ما فعلوا … إذ مال قائمه بالأمس فاضطجعا
هم الجناة على الشعب الذي وصلت … أيديهمو من رباق الذل ما قطعا
يبغي السبيل إلى استقلاله ويرى … كيد الحماة وتضليل العدى شرعا
إذا هم انتزعوا الدستور من يده … حسبته من سواد القلب منتزعا
يا مطفئ الفتنة الكبرى وقد رجفت … أرض الكنانة من أهوالها فزعا
لولا دفاعك طارت نارها شعلا … واسترسل الدم في أرجائها دفعا
وقفت للشر تنهاه وتزجره … حتى تراجع بعد الكر وارتدعا
لما طلعت على الأحداث تدفعها … تكشف العارض المسود وانقشعا
قالوا السلاح وهاجوها مضللة … عمياء تبغي وراء الحق مطلعا
لو أنصفوك لقالوا ذو محافظة … حمى البلاد وصان الشعب فامتنعا
لقد تورعت حتى بات كل فتى … من الجنود يواري سيفه ورعا
لو كنت غيرك لم ترفق بسيدهم … ولم تبال من الدهماء ما جمعا
يصيبك الجرح يغشى من صحابته … من يشتكيك فتمسي مشفقا جزعا
أما بكوا يوم تسدي الصنع منك يد … تشفي الجراح وتنفي الهم والوجعا
لو كان للدمع في آماقهم عمل … جرى على الدم يجريه بما صنعا
هاجوا النفوس فلما طاح هالكها … طاروا سراعا وعادوا مهطعين معا
أين المواثيق والأيمان يحشدها … من لو رأى الحرب في أحلامه هلعا
كانت نوازع نفس ردها قدر … يرد كل غوي للأذى نزعا
الله أدرك شعب النيل فانصدعت … عنه الخطوب ولولا الله لانصدعا
أجرى على يد اسماعيل رحمته … فكان من مستحب الأمر ما وقعا
راح السلام مصونا في كلاءته … وبات كل فتى بالأمن مدرعا
فراجع الصانع المذعور ميعته … بعد الونى وسقى الفلاح ما زرعا
لا الأرض زالت بأهليها كما زعموا … ولا السماء هوت أجرامها قطعا
طافوا البلاد وقالوا كل ما ابتدعوا … فما رأى الشعب من شيء ولا سمعا
ما انفك سيدهم في كل مضطرب … حران يستصرخ الأنصار والشيعا
يغري السواد بمأمونين ما اعتصروا … دم السواد ولا زانوا له الشنعا
يجزيهم السوء أن بروا بأمتهم … وأن أبوا من سبيل الغي ما اتبعا
يزداد بالحكم إما ذاقه شغفا … كالخمر يزداد من يعتادها ولعا
يطغى فإن راعه إيماض بارقة … من جانب الغاصبين انحط واتضعا
مستهلك يبتغي من ودهم سببا … إذا وهى السبب الموصول فانقطعا
بث الشكاة فلم يترك لذي شجن … يشكو جوى الحب من قول وإن برعا
لما تبين مكدولند لوعته … تحدر الدمع من عينيه أو همعا
وقال ما بال اسماعيل ينكرنا … أما يرى رأي من أمسى لنا تبعا
لقد رمانا بخطب من رسالته … ما مسنا مثله خطب ولا قرعا
خاض البحار فلم نعجب لما وجدت … منه ولم نلم الأسطول إذ خشعا
ويح الكنانة لا استقلالها صدقت … فيه الظنون ولا دستورها نفعا
ضاق الرجاء فما تقضى له سعة … إن لم تجد دولة الإصلاح متسعا
ما يفعل المصلح الباني لأمته … إن عاجل الهادم الموتور ما رفعا