على جواد الحلم الأشهب
أسريت عبر التلال
أهرب منها من ذراها الطوال
من سوقها المكتظ بالبائعين
من صبحها المتعب
من ليلها النابح و العابرين
من نورها الغيهب
من ربها المغسول بالخمر
من عارها المخبوء بالزهر
من موتها الساري على النهر
يمشي على أمواجه الغافية
أواه لو يستيقظ الماء فيه
لو كانت العذراء من وارديه
لو أن شمس المغرب الدامية
تبتل في شطيه أو تشرق
لو أن أغصان الدجى تورق
و يوصد الماخور عن داخليه
على جواد الحلم الأشهب
و تحت شمس المشرق الأخضر
في صيف جيكور السخي الثري
أسريت أطوي دربي النائي
بين الندى و الزهر و الماء
أبحث في الآفاق عن كوكب
عن مولد للروح تحت السماء
عن منبع يروي لهيب الظماء
عن منزل للسائح المتعب
جيكور جيكور أين الخبز و الماء
الليل وافى و قد نام الأدلاّء
و الركب سهران من جوع و من عطش
و الريح صر و كل الأفق أصداء
بيداء ما في مداها ما يبين به
درب لنا و سماء الليل عمياء
جيكور مدّي لنا بابا فندخله
أو سامرينا بنجم فيه أضواء
من الذي يسمع أشعاري
فان صمت الموت في داري
و الليل في ناري
من الذي يحمل عبء الصليب
في ذلك الليل الطويل الرهيب
من الذي يبكي و من يستجيب
للجائع العاري
من ينزل المصلوب عن لوحه
من يطرد العقبان عن جرحه
من يرفع الظلماء عن صبحه
و يبدل الأشواك بالغار
أواه يا جيكور لو تسمعين
أواه يا جيكور لو توجدين
لو تنجبين الروح لو تجهضين
كي يبصر الساري
نجما يضيء الليل للتائهين
نزع و لا موت
نطق و لا صوت
طلق و لا ميلاد
من يصلب الشاعر في بغداد
من يشتري كفيه أو مقلتيه
من يجعل الأكليل شوكا عليه
جيكور يا جيكور
شدّت خيوط النور
أرجوحة الصبح
فأولمي للطيور
و النمل من جرحي
هذا طعامي أيها الجائعون
هذي دموعي أيها البائسون
هذا دعائي أيها العابدون
أن يقذف البركان نيرانه
أن يرسل الفرات طوفانه
كي نشرق الظلمة
كي نعرف الرحمة
جيكور يا جيكور
شدت خيوط النور
أرجوحة الصبح
فأولمي للطيور
و النمل من جرحي
هذا حرائي حاكت العنكبوت
خيطا إلى بابه
يهدي إلي الناس إني أموت
و النور في غابه
يلقي دنانير الزمان البخيل
من شرفة في سعفات النخيل
جيكور يا جيكور خلّ و ماء
ينساب من قلبي
من جرحي الواري
من كل أغواري
أواه يا شعبي
جيكور يا جيكور هل تسمعين
فلتفتح الأبواب للفاتحين
و لتجمعي أطفالك اللاعبين
في ساحة القرية هذا العشاء
هذا حصاد السنين
الماء خمر و الخوابي غذاء
هذا ربيع الوباء
أقوى من الأسوار هذا الجواد
أقوى جواد الحلم الأشهب
لأن الحديد المغتذي بالحداد
و انخذل الموكب
جيكور ماضيك عاد
هذا صياح الديك ذاب الرقاد
و عدت من معراجي الأكبر
الشمس أم السنبل الأخضر
خلف المباني رغيف
لكنها في الرصيف
أغلى من الجوهر
و الحبّ هل تسمعين
هذا الهتاف العنيف
ماذا علينا إن عبد اللطيف
يدري بأنّا ما الذي تحذرين
و انخطفت روحي وصاح القطار
ورقرقت في مقلتيّ الدموع
سحابة تحملني ثم سار
يا شمس أيامي أما من رجوع
جيكور نامي في ظلام السنين