إسأَلِ الأَرْسُمَ لو ردَّتْ جوابا … وَوَعَتْ للمْغرَم العاني خطابا
عَرصاتٌ يَقِفُ الصبّ بها … ينفدُ الدَّمع ذهاباً وإيابا
عاتب الدهر على إقوائها … إنَّ للحرّ مع الدهر عتابا
ما رعت فيها الليالي ذمّة ً … وكستها من دياجيها نقابا
فسقتها عبرة مهراقة … كالسحاب الجون سحاً وانسكابا
كلَّما أسبلها مُسبِلُها … روت الأغواز منها والهضابا
لا قضت عيناي فيها واجباً … إنْ تكن عيناي تستجدي السحابا
وقف الركب على أفنائها … وقفة الأميّ يستقري الكتابا
منكراً من أرسُمٍ معرفة … لبست للبين حزناً واكتئابا
لأريننَّكُما وَجدي بها … ما أرتني الدار إلاّ ما أرابا
ليت شعري هذه أطلالهم … أيّ رامٍ قد رماها فأصابا
وبكيتها البدن لكن بدم … فحسبنا أدمع البدن خضابا
وردت منهلها مستعذباً … وأراها بُدِّلَتْ منه عذابا
أينَ منها أوجهٌ مشرقة … ملكت من كامل الحسن نصابا
ولكم كان لنا من قمر … في مغاني ذلك الربع فغابا
وأويقات سرور جمعت … لذة الكأس وسلمى والربابا
زمن ما إنْ ذكرناه لِمَنْ … فاته عهد الصّبا إلاّ تصابى
ظنَّ أنْ أسلوكم الّلاحي بكم … كذب الظنّ من اللاّحي وخابا
وتَصامَمْتُ عن العاذل إذ … قال لي صبراً وما قال صوابا
ما عليكم لو دَنَوْتُم من شجٍ … في هواكم دنفٍ شبّ وشابا
أنا أغنى الناس إلاّ عنكمُ … فامنحوا النأي دنوّاً واقترابا
ما رجائي أملاً من فئة … زجر الحظ بهم منهم غرابا
كيف أستمطرُ جدوى سحبٍ … عقدوها بالمواعيد ضبابا
أوَيغريني وميضٌ خُلَّبٌ … وشراب لم يكن إلاّ سرابا
ما عرفت الناس إلاّ بعدما … ذقت من أعوادهم شهداً وصابا
إنْ تعالتْ في المعالي سادة … فعليُّ القدر أعلاها جنابا
سيّد يطلع كالبدر ومن … فكره يوقد بالرأي شهابا
أريحيٌّ لم يزل متْخِذاً … دأبَ المعروف والإحسان دابا
ويثيب الناس جوداً وندى ً … وهو لا يرجو من الناس ثوابا
فإذا استسقي وافى غيثه … ومتى يدعى إلى الحسنى أجابا
فإذا ما سمع الذكر اتقى … وإذا ما ذكر الله أنابا
من عرانين على ً قد نزلوا … من بيوت المجد أفناءً رحابا
ما بهم عيب خلا أنَّهم … يَجِدُون البخل والإمساك عابا
غرست أيديهم غرس الندى … فکجتنت من ثمر الشكر لبابا
سحبت ذيل کفتخار أمة ٌ … لبسوا التقوى بروداً وثيابا
وأعِدُّوا للعلى سمر القنا … والرقاق البيض والخيل العرابا
ينزل الوحيُ على أبياتهم … فاسأل الآيات عنهم والكتابا
عروة الوثقى ومنهاجِ الهدى … كثفوا عن أوجه الحقّ حجابا
إنَّ هذا فرعهم من أصلهم … طاب ذاك العنصر الزاكي فطابا
هاشميٌّ علويٌّ ضاربٌ … في أعالي قُلَل الفخر قبابا
ضاحكُ الثَّغر إذا ما خطبٌ … كثَّرتْ عن مدلهمِّ الخطب نابا
قد تأمَّلناك من بين الورى … فرأينا عجباً منك عجابا
يا مهاب البأس مرجوّ الندى … لا تزال الدهر مرجوّاً مهابا
طوَّقتني منك أيديك وما … طوَّقتْ إلاّ أياديك الرقابا
وأرتني كيف ينثال الغنى … والغنى أعيا على الناس طلابا
كلّما أغلق بابي دونه … فتحت لي يدك البيضاء بابا
أرخصتْ لي كلَّ غالٍ فكأنْ … وجدتْ في جودها التبر ترابا
فاهن بالعيد وفز في آجر ما … صُمْتَه لله أجراً وثوابا
فجزاك الله عنّا خيره … وجزَيْناك الدعاءَ المستجابا