أهاجها حادي المطي فمالَها … ولم يهَجْ لمّا حدا أمثالَها
فهل عرفت يا هذيمُ ما بها … وما الَّذي أورثها بلبالها
غنّى لها برامة ٍ والمنحنى … وبالديار ذاكراً أطلالها
وما درى أيَّ جوى ً أثاره … وعبرة بذكره أسالها
ذكّرها مناخها برامة … فكان ذكر رامة خيالها
ذكرها مراعياً من شيحها … ووردها من مائها زلالها
ذاقت نميراً في العُذَيب ماءَه … وقد أُذِيقَتْ بعده وبالَها
لو كان غير وجدها عقالها … بدار ميٍّ أطلقت عقالها
تسألأ عن أحبابها دوارساً … من الرسوم لم تجب سؤالها
وكلّما عاد لها عيد الهوى … هيَّج منها عيده بلبالها
تاللَّه تنفك وقد تظنّها … لما بها من الضنَّى خيالها
حريصة على لقاء أوجُهٍ … غالى بها صرف النوى واغتالها
هي الظعون قوَّضت خيامها … وأزعجت يوم النرى جمالها
وأوقدت في قلب كل مغرمٍ … نيران وجد تضرم اشتعالها
وقاطعتنا بالنوى موصلاً … لو أنصفت ما قطعت وصالها
وعن يمين الجزع شرقيّ الحمى … متى أراني ناشقاً شمالها
بيوت حيّ أحكموا ضيوفها … وحذَّروا عدوها نزالها
وللمغزال دونها ملاعب … لو اقتنصت مرة غزالها
وقد رمتني عينها نبالها … فما وقتني أدرُعي نبالها
إنّي لأهوى مجتنى معسولها … وأختشي من قدّها عسّالها
تلك ربوع كنت في رباعها … طوع هواها عاصياً عذالها
فياسَقتَ تلك الربوع ديمة ٌ … تصبُّ من صوب الحيا سجالها
ساحبة على الحمى سحابها … تجر في دياره أذيالها
قد قطبت وبشرت … من شام بالغيث العميم خالها
من مثقلات المزن ما إن جلجلت … بالرعد إلاّ وضعت أثقالها
شاكرة آثارها منها لها … إدبارها بالريّ أو إقبالها
وربّ ليلٍ أطبقت ظلماؤه … بحيث لا يهدي امرؤ خلالها
ولست أنفكّ ولي مآرب … أرجو إذا أرفعت أن أنالها
تحملني لابن النبيّ ناقة … إنْ بلغته بلغت آمالها
فإنّ إبراهيم حيث يمَمَّتْ … كان مناها إن يكن مآلها
نفسٌ له زكيّة ٌ عارفة … بالغة بدركها كمالها
وتستمدّ العارفون فيضها … وترتجيها جاهها ومالها
لو لم في الأرض من أمثاله … زلزلت الأرض إذاً زلزالها
إذا دعا الله لكشف حادث … أهالها أمنَّها أحوالها
واتخذته المسلون إنْ دعت … ضراعها لله وابتهالها
من النجوم المشرقات بالهدى … المدحضات بالهدى ضلالها
ما برحوا في الأرض بين خلقه … أقطابها الأنجاب أو إبدالها
إذا دعوا إلى الجميل أسرعوا … ولن ترى لغيره استعجالها
واقتحموها عقبات أزمة … إلأى على ً توقَّلوا جبالها
هم الغيوث ابتدروا نوالها … هم الليوث ابتدروا نزالها
قائلة فاعلة بقولها … سابقة أفعالها أقوالها
إن قربت من الأعادي قرَّبت … إلأى الهدى همتهم آجالها
هم الذين ذلّلوا صعابها … هم الذين دوّخوا أقيالها
وحرَّموا من ربهم حرامَها … وحَلَّلوا بأمره جلالها
سل ما تشاء عن عويص مشكل … فإنَّه لموضح إشكالها
أين الأعادي من علوِّ قدره … إنّ طاولته في المعالي طالها
لو رام أعلى بُغية ٍ يرومها … ولو غدت مثل النجوم نالها
تسكرنا عذوبة من لفظه … إذا أدار لفظه جريالها
له التصانيف الّتي كأنّها … تروي بحسن صبّها جمالها
رقّت حواشيها فلو قرأتها … عَلى الغصون مرة ً آمالها
مثل السماء بالسناء والسنا … قد طلعت خلاله خلالها
كم حجة أوردها قاطعة … وحكمة في كلمات قالها
خذها إليك سيّدي مقطوعة … واجعل رضاك سيّدي إيصالها