أغائرٌ دمعك أم منجدُ … قد رحل الصبرُ ولا منجدُ
يا رابط الأحشاء في راحة ٍ … قد نضجت بالجمر ما تقصد
لا تلتمسْ قلبك في جذوة ٍ … ما بقيتْ منكَ عليها يد
أخلت يبقى لك قلبٌ على … فاغرة الوجد ولا يفقد
وإنَّ قلباً بين أنيابها … طاح شظاياً كيف لا يزرد
حسبك منها زفرة ً لو غدتْ … في جلدٍ منها نزا الجلد
كم هزَّ أضاعَك من فوقها … حتى تلاقين جوى ً مكمد
فساقطت منك الحشا أدمعاً … حمراً على ذوب الحشا تشهد
لو تعلم الأيامُ ماذا جنت … إذاً لودَّت أنها تنفد
لقد أجلَّت رزء خطبٍ لها … في كل قلبٍ مأتماً يُعقد
إذ كوّرت شمساً، بنو المصطفى … فيها ترجَّوا أفقَهم يسعدُ
اللهَ يا دهرُ أبيناهمُ … في زهو بشرٍ للعدى تكمد؟
وبينما في فرط إبهاجهم … فيها لأثواب الهنا جدَّدوا؟
وكلُّهم قد مد عينَ الرجا … لفرقد الفخر بها يرصد؟
إذ يردُ الناعي إليهم بأن … جاء “ابن نعشٍ” ذلك الفرقد
فيغتدي ذاك الهنا حنَّة ً … فرائضُ الدنيا لها ترعد
نعشٌ أتى يُحمل فيه النهى … ميتاً عليه يندب السؤدد
وخلفه العلياءُ في صرخة ٍ … تدعو إلى أين به يقصد؟
يا حاملي إنسانَ عيني قفوا … نشدتُكم بالله لا تبعدوا
دعوه لي حسبي لتجهيزه … عينٌ عليه طرفُها أرمد
دموعها الغسلُ وأكفانه الـ … ـبياضُ، والجفنُ له ملحد
غدرتَ يا دهرُ ومنك الوفا … لا الغدرُ بالأمجاد مستبعد
فاذهب ذميماً إنها غدرة ٌ … وجهك ما عشتَ بها أسود
ما لك بالسوء لأهل الحجى … وردتَ لا طاب لك المورد
يا ناهداً بالشرِّ من جهله … تعلمُ بالشر لمن تنهد
وطارقاً بيتَ ندى ً يلتقى … ببابه المتهمُ والمنجد
حسبك من بيتٍ عتيد القِرى … أن له أفق السما يحسد
تخمد شهبُ الأفق لكن به … مواقدُ النيران لا تخمد
سواه ما للمجد من مهبط … وما لذمٍّ نحوه مصعد
فمقعداه للتقى والندى … وحاجباه العزُّ والسؤدد
ألم تجده حرماً آمناً … يحجُّه الأبيضُ والأسود؟
فكيف تسعى فيه لا محرماً؟ … كأنما أنتَ به ملحد
ما هو إلا بيتُ فخرٍ له … قبيلة ُ المعروف قد شيدوا
بيتٌ أبو الندب الرضا ربه … أكرمُ مَن تحت السما يُقصد
مولى ً درت أهلُ العُلى أنه … دون الأنام العلمُ المفرد
وأنه لولا هداه الورى … ضلَّت فلا رشدٌ ولا مرشد
وأنه لولا ندى كفه … لم يُرَ لا رفدٌ ولا مرفد
تلقاه طلقَ الوجه من هيبة ٍ … يفرق منها الأسد الملبد
محببٌ من حسن أخلاقه … حتى إلى مَن مجدُه يحسد
ما سهدت من خائفٍ مقلة ٌ … إلا وبالأمن لها يرقد
من ذا سواه قام يدعو الورى : … دونكم من بحر جودي ردوا
ومدَّ كفاً بغريب الندى … آلاؤها بين الورى تحمد
بخَّلت المزن ففي بخلها … حلائبُ المزن لها تشهد
تبصر في راحته أبحراً … طافحة ً أمواهها العسجد
أسرَّة تُسمى ولكنّها … بحارُ جود بالندى تزبد
فهو لعمري حجة ٌ في الندى … وآية ٌ في الفضل لا تجحد
قد قام لله بما بعضه … لكلّ أمجاد الورى معقد
مكارمٌ ما لكريمٍ سوى … عبد الكريم الندب فيها يد
ذاك أبو الكاظم غيثُ الندى … تربُ المعالي نجمها الأسعد
أين بنو العلياءِ من مجده؟ … ومجدُه ما ناله الفرقد
فقل لهم: لا تطلبوا نهجَ مَن … لطُرقه في المجد لن تهتدوا
قفوا جميعاً حيثُ أنتم فما … لكم إلى عليائه مصعدُ
هيهات أن يعلق في شأوه … إلا “الرضا” فرع العلى الأمجد
مباركُ الطلعة في يمنها … جميعُ مَن صبَّحه يسعد
يرى سمات الخير في ماله … بأنه خيرُ الورى تشهد
مهذّبٌ رشحه للعُلى … زعيمها الأكبرُ والسيِّد
فجاء فرداً في النهى كاملاً … يُثنى عليه الفضلُ والمحمد
شمسُ عُلى ً «هادٍ» لآفاقها … بدرٌ له بدرُ السما يسجد
وشهبُها الزهر “حسين” الندى … من طاب منه في العُلى المولد
وفخر أرباب النهى “المصطفى ” … من هو أزكى من نما محتد
وكوكب الرشد “أمينُ” التقى … و«كاظمُ» الغيظ الفتى الأمجد
و«باقرُ» الفضل وروحُ العلى … “عيسى ” فهل فخرٌ كذا يوجد؟
قومٌ هم شهبُ الفخار التي … منها بكلٍ ترجم الحسَّد
أنجمُ فضلٍ زهرتْ فاهتدى … بنورها الأقربُ والأبعد
حتى لقد قال جميع الورى : … هذا لعمري الشرف المتلد
يا أسرة َ المعروف لا نابكم … من بعد هذا الرزء ما يكمد
وهذه النكبة معْ أنها … فيها ثوابُ الصبر لا ينفد
لا يحمد الصبر على مثلها … لكنَّه من مثلكم يُحمد
وإنَّ من عنكم طواه الردى … في جنَّة الخلد له مقعد
قرَّ بها الطرفُ وطرف العلى … شوقاً إلى مرآه لا يرقد
ودمعُ عين المجد مذ أرخوا … المهدي فيها غاب لا يجمد
فعيشه في ظلِّ فردوسها … تالله أرخ لهَوَ الأرغد