أطلع شمسَ الراح ليلاً أغيدُ … كأنه من نورها مجسَّدُ
وزفتها تحت الدجى فاشتبهت … مدامهُ وخدّه المورّد
فلستُ أدري أجلا لامعة ً … بكفه بها المدامُ عسجد
أم يده البيضاء في رقتها … بها شعاعُ خده يتقد
ساقٌ من الجوزاء وهو المشترى … نطاقهُ وعقده المنضَّد
شمس الضحى تودُّ لو كان ابنها … وهي لها بدرُ السماء ولد
إذا أدارتْ كفه لثامَه … خلتَ الثريا للهلال تعقد
من لي بقطف زهرة ٍ من خده … وعقربُ الصدغ عليها رصد
مورَّدُ الوجنة ما استخجلته … إلا وما الورد منها بدد
مطّردٌ في خدّه ماء الحيا … ماء الحيا في خدِّه مطّرد
علقته نشوانَ من خمر الصبا … سبطَ القوام فرعه مجعَّد
أهيفُ كم تعطفتْ قامته … وهو لألحان الغنا يردد
تعطُّف البانة يثنيها الصَبا … وفوقها قمريَّة ٌ تغرّدُ
من لي لو فيها فمي يخلّد؟ … لحسنه بدرُ السماء يسجد
وشوقي الكامل ليس حره … يطفيه إلا ريقهُ المبرّد
ما الحسن إلا جمرة ٌ بخدِّه … وجمرة في القلب منّى تقد
أبردُ هاتيك بلثم هذه … يا من رأى ناراً بنارِ تبرد؟
كم ليلة ٍ بات بها مُنادى … إلى الصباح والوشاة رقّد
وسنان لم أجذبْ إلى َّ خصره … إلا ثنى أعطافه التميُّد
حتى يُرى وخصرهُ من رقة ٍ … علَّى في انعطافه منعقد
أعدْ علَّى صاحبي ذكر الطِلا … وعدّ عما يزعم المفنّد
راحك يا ابن النشوات فاغتنمْ … حظك منها والعذار أسود
وعصر اطرابك في اقتباله … غرَّة علياه سوى العز يد
وعاقر الراح يحيِّيك بها … شريكها في اللبّ إذ يغرّد
ما ولدتْ أمُّ الجمال مثله … وأقسمتْ بأنها ما تلد
ما استجمع اللذات إلا مجلسٌ … على معاطاة الكؤوس يعقد
ما هو إلا للندامى فلكٌ … به من الكأس يدور فرقد
أو روضة ٌ فيها الخدود مجتنى … من السقاة والشفاه مورد
وشادنٌ وفرته ريحانة … بطيب ريّاها النسيمُ يشهد
يا طالب العدل هلمَّ ظافراً … فالعدلُ شخصٌ قد حواه بلد
أما ترى الفيحاء كيف أصبحت … والجور من ورائها مشرَّد
هذا حسام الدين بين أهلها … أصبح والملكُ به مقلَّد
جرت ملوكُ العصر في مضماره … لغاية ٍ إلا عليه تبعدُ
فقلْ لمن يطمع في عليائه … إليكها سيارة ً مع الصَبا
فالمجد إرثٌ والندى سجية ٌ … والحمد كسبُ والعلاء مولد
تبصرُ في رواقه محجباً … منه ولا حاجبَ إلا السؤدد
قد خدمت أقلامه بيض الظبا … تُصدرها عن أمره وتورد
سيفٌ بكف الملك منه قائمٌ … مقامَ خديه الطلا والعضدُ
منزلتان ليس في كليهما … ينوب عنه الصارم المجرَّد
وأنتَ حيث باسمه شاركته … لا تفتخرْ يا أيها المهنّد
فهو على هام العداة منتضى … دأباً وأنت تنتضى وتغمد
إن أشعرتك رهبة هيبته … فمنه في صدر النديّ أسد
… طرفٌ ولا ينطق فيها مذود
مصورٌ في شخصه روحُ النهى … عليه أبراد الفخارُ جُدد
وغيره يغريك حسنُ شكله … ومنه ما في البرد إلا جسد
أبلجُ عنه واليه في الندى … تروى أحاديثُ الندى وتُسند
لهم نداهُ مشركٌ في وفره … ومدحهم حقاً له موحّد
يا خيرَ من زار الثناءُ ربعَه … فزار أزكى من نماهُ محتد
إليكما سيارة ً مع الصَبا … تتهم في نشر الثنا وتنجد
سحّارة الألفاظ بابليَّة ً … أمُّ الكلام مثلها لا تلد
بل كلُّ معنى جاهليٍ قد غدا … يودُّ منها أنه مولَّد
لا تحمدَ العودَ على قافية ِ … ما كلُّ عودٍ في الأمور أحمد
أنتَ فدمْ سيَّد أبناء العلى … ونظمها للشعر فيك سيّد