أبى الله إلا أن يرى يدك العليا … فيبليها سعدا وتبليه سعيا
ويوسعها سقيا ورعيا كمثل ما … سمت للمنى سقيا وسامت بها رعيا
وأي حيا في الشرق والغرب للورى … وأي حمى للملك والدين والدنيا
وأي فتى والنفس كاذبة المنى … وأي فتى والحرب صادقة الرؤيا
علا فحوى ميراث عاد وتبع … بهمته العليا ونسبته الدنيا
فأعرب عن إقدام يعرب واحتبى … فلم ينس من هود سناء ولا هديا
ومن حمير رد القنا أحمر الذرى … ومن سبإ قادت كتائبه السبيا
وما نام عنه عرق قحطان إذ فدى … عروق الثرى من غلة القحط بالسقيا
ولا أسكنت عنه السكون سيادة … ولا رضيت طي لراحته طيا
ولا كندت أسيافه ملك كندة … فيترك في أركان عزتها وهيا
ولا أقعدته عن إجابة صارخ … تجيب ولو حبوا إلى الطعن أو مشيا
وكائن له في الأوس من حق أسوة … بنصر الهدى جهرا وبذل الندى خفيا
هم أورثوه نصر دين محمد … وحازوا له فخر الندى والقرى وحيا
وهم أوجدوه الجود أعذب مطعما … من الريقة الشنباء في الشفة اللميا
مناقب أدوها إليه وراثة … فكان لها صدرا وكان له حليا
وروضة ملك عاهدتها عهاده … فأغدق بها ريا وأعبق بها ريا
وصوت ثناء أسمع الله ذكره … ليسمع منه الصم أو يهدي العميا
لمن يلحظ الأعلين في المجد من عل … وجارى فأعيا السابقين وما أعيا
أنيس القلوب في الصدور ولم يكن … ليوحش مثواه الفراقد والجديا
ومورد من أظمأ وإصباح من سرى … ومبرك من أعيا وغاية من أعيا
فقصر ملوك الأرض سدة قصره … وإن سحقوا بعد وإن شحطوا نأيا
وأهدت له بغداد ديوان علمها … هدية من والى ونخبة من حيا
فكانت كمن حيا الرياض بزهرها … وأهدى إلى صنعاء من نسجها وشيا
وحسب رواة العلم أن يتدارسوا … مآثره حفظا وآثاره وعيا
ويكفي ملوك الأرض من كل مفخر … إذا امتثلوا من بعض أفعاله شيا
وأن يسمعوا من ضيفه في ثنائه … غرائب حلى من جواهرها الدنيا
وأن ينظروا كيف ازدهى مفرق العلا … بعقدي له تاجا من الكلم العليا
أوابد حالفن الليالي أنها … تموت الليالي وهي باقية تحيا
لمن كفل الإسلام أم سيادة … فبرت به حجرا ودرت له ثديا
ومن ذعر الأعداء حتى توهموا … به الصبح جيشا والظلام له دهيا
لطاعة من وصى المنايا بطوعه … فلم تعصه من الشرك أمرا ولا نهيا
فكم رأس كفر قد أنافت برأسه … من الصرعة السفلى إلى الصعدة العليا
فأوفت به في مرقب السور كالحا … يؤذن بالأعداء حي هلا حيا
ونقلي الصبا منه ذوائب لمة … تفاخر أيدي المصيبات بها فليا
فهامته للهام تستامها القرى … وأشلاؤه للريح تستامها السفيا
وكم رد عن نفس ابن شنج سهامها … وقد أغرقت نزعا وأمكنها رميا
طليقك من كف الإسار وقد هوت … به الرقم الرقماء والموبد الدهيا
فحكمت فيه حد سيفك فاقتضى … وشاورت فيه الفضل فاستعجم الفتيا
فأخرت عنه حكم بأسك بالردى … وأمضيت فيه حكم عفوك بالبقيا
ووقيته حر الحمام لو اتقى … وزودته برد الحياة لو استحبا
فأفلت ينزو في حبائل غدرة … بأوت بها عزا وباء بها خزيا
فأتبعته تحت العجاجة راية … بهرت بها رايا وأعيتها رأيا
وجردت سيف الحق مدرع الهدى … لمن سل سيف النكث وادرع البغيا
وأعليتها في دعوة الحق دعوة … كفاك بها بشرى وأعداءها نعيا
فجاءتك تحت الخافقات كتائبا … كما حدت الأفلاك أنجمها جريا
مهلين بالنصر العزيز لمن دعا … ملبين بالفتح المبين لمن أيا
بكل أمير طوع يمناك جيشه … وطاعتك العلياء غايته القصيا
وكل كمي في مناط نجاده … دواء لداء الناكثين إذا أعيا
وإن لم يبق داء ابن شنج بطبه … فقد بلغت أدواؤه النار والكيا
بسابحة الأجياد في كل لجة … تريك عباب البحر من هو لها حسيا
قدحت بأيديها صفا الشرك قدحة … جعلت ضرام المشرفي لها وريا
خواطف إبراق جلاهن عارض … من النقع لا يوني دماء العدى مريا
عقدن بأيمان الضراب وعوقدت … بأيمان عهد لا انثناء ولا ثنيا
وزرقا تشكى من ظماء كعوبها … وتسقي ربوع الكفر من دمه ريا
إذا غربت ناءت بمنهمر الكلى … وإن طلعت فاءت بملء الملا فيا
فأبت بأعداد النجوم مساعيا … وأمثالها سمرا وأضعافها سبيا
وجوها سلبن العصب والحلي فاكتست … محاسن أنسين المجاسد
كأن لم تدع بالبيد أيكا ولا غضى … ولا في شعاب الرمل خشفا ولا ظبيا
إياب مليك قلدت عزماته … من الرشد والتوفيق ما دمر الغيا
يقر عيون الخيل في حومة الوغى … إذا ما قدور الحرب فارت بها غليا
ويعرض عن فرش القصور وثيرة … ليركب ظهر الحرب محدودبا عريا
ويحسو ذعاف السم في جاحم الوغى … ليروي آمال النفوس بها أريا
ويصلي بحر الشمس حر جبينه … ليبسط للإسلام من نوره فيا
ويا شامتا أني طريد حجابه … ليخزك أني حزته بين جنبيا
ويا حاجبا قد رد طرفي دونه … تأمل تجده وهو إنسان عينيا
صفاء وداد إن رمى فوقه القذى … ظنونا من الاشفاق طيرها نفيا
وصدق رجاء كلما مت رحمة … على مثل أفراخ القط ردني حيا
ظماء وما يدرون في الأرض مشربا … سوى كبدي الحرى ومهجتي الظميا
وكم عسفوا بحرا ولا بحر للندى … وخاضوا سراب البيد نهيا ولا نهيا
وماتوا يراعون النجوم وقد رأت … وسائلهم ألا حفاظ ولا رعيا
ولا خلة إلا الهجير إذا التظى … فكان لهم جمرا وكانوا له شيا
ولا نسب إلا الثريا إذا انتحت … فكانت لهم نصفا وكانوا لها ثنيا
وكم زجروها باسمها وخفوقها … فما صدقتهم لا ثراء ولا ثريا
ولا صدق إلا للرجاء الذي سرى … فقصر طول الليل واستقرب النأيا
وبارى هوي الريح يسبقها هوى … وغال قفار البيد ينسفها طيا
إلى سابق الأملاك علم سيفه … ندى كفه أن يسبق الوعد والوأيا
أبو الحكم الممضي لحكم عفاته … رغائب لا يعرفن سوفا ولا ليا
ومثل لي في الحرب حسر ذراعه … بحسري في حرب الخطوب ذراعيا
إذا لمعت بيض الصورام حوله … كإضرام نيران الهموم حواليا
وقد عاذ أبطال الجلاد بعطفه … كما عاذ أطفال الجلاء بعطفيا
وقد قصرت عنه رماح عداته … كما قصرت عنهم رياش جناحيا
ولكن أواسي بين عار ولابس … أقلص عن ذيا لأثني على تيا
وإن لوت اللألواء من شأو همتي … وألحق ذل العسر وجهي بنعليا
فلم تلو عن مدح ابن يحيى مدائحي … بأطيب ذكر في الممات وفي المحيا
يصيخ إليه كل سمع موقر … ويجلو سناه كل ناظرة عميا
وأنشيك عنه المسك ما عشت يا ورى … وأكسوك منه الدر ما دمت يا دنيا
وإن برت الأيام من حد همتي … وفلت سلام الحادثات غراريا
فهل قلم خطت به الأرض كلها … نظاما ونثرا ينكر القط والبريا
وزند ينير الشرق والغرب قدحه … جدير بأن يستلحق المحق والوهيا
ويا لك من ذكرى سناء ورفعة … إذا وضعوا في الترب أيمن جنبيا
وفاحت ليالي الدهر مني ميتا … فأخزين أياما دفنت بها حيا
وكان ضياعي حسرة وتندما … إذا لم يفد شيئا ولم يغنني شيا
وأصبحت في دار الغنى عن ذوي الغنى … وعوضت فاستقبلت أسعد يوميا
سوى حسرتي عرض ووجه تضعضعا … لقارعة البلوى وكانا عتاديا
وللستر والصبر الجميل تأخرا … فأمهما حرصي وكانا إماميا
فيا عبرتي سحي لعلي مبلل … ببحريك ما أنزفت من ماء عينيا
ويا زفرتي هل في وقودك جذوة … تنير لنا صبحا ثناه الأسى مسيا
ويا خلتي إن سوف الغوث بالمنى … ويا غلتي إن أبطأ الغيث بالسقيا
قوما إلى رب السماء فأسعدا … نقلب وجهي في السماء وكفيا
سقى ميت الأظماء في روضة الندى … سيرجع عن رب السماء وقد أحيا
ويا أوجه الأحرار لا تتبدلي … بظل ابن يحيى بعد ظلا ولا فيا
ويا حلبة الآمال زيدي على المدى … بقاء ابن يحيى ثم حيي على يحيى