لَمَكاسرُ الحسنِ بنِ وهبٍ أطيبُ … وأَمَرُّ في حَنَكِ الحَسُودِ وأَعْذَبُ
ولَهُ إِذَا خَلُقَ التَّخَلُّقُ أَو نَبَا … خُلُقٌ كروضِ الحزنِ أوْ هُوَ أخصبُ
ضَرَبَتْ بهِ أُفُقَ الثَّنَاءِ ضَرَائِبٌ … كالمسكِ يُقْتَقُ بالنَّدى ويُطَيَّبُ
يستنبطُ الرُّوحَ اللَّطيفَ نسيمُها … أَرَجاً وتُؤْكَلُ بالضَّمِيرِ وتُشْرَبُ
ذَهَبَتْ بِمَذْهَبِه السَّماحَة ُ، فالتَوَتْ … فيه الظُّنُونُ: أَمَذْهَبٌ أَمْ مُذْهَبُ
ورأيتُ غُرَّتهُ صَبيحة َ نكبة ٍ … جَلَلٍ فَقُلْتُ: أَبارِقٌ أَمْ كَوْكَبُ
متعتْ كما متعَ الضُّحى في حادثٍ … دَاجٍ كأَنَّ الصُّبْحَ فيهِ مَغْرِبُ
يَفْدِيه قَوْمٌ أَحْضَرَتْ أَعْرَاضُهُمْ … سُوءَ المعَايِبِ، والنَّوَالُ مُغَيَّبُ
مِن كُل مُهْرَاقِ الحَيَاءِ كأَنَّما … غَطَّى غَدِيرَيْ وَجْنَتَيْهِ الطُّحْلُبُ
مُتدسِّمُ الثَّوبينِ ينظرُ زادهُ … نظرٌ يُحدِّقهُ وخدٌّ صُلَّبُ
فإذا طلبتُ لديهمُ ما لمْ أنلْ … أَدْرَكْتُ مِنْ جَدْواهُ ما لا أَطْلُبُ
ضَمَّ الفتَاءَ إلى الفُتُوَّة ِ بُرْدُهُ … وَسَقَاهُ وَسْمِيُّ الشَّبَابِ الصَّيبُ
وَصَفَا كما يَصْفُو الشهَابُ، وإِنَّهُ … في ذاكَ من صِبغِ الحياءِ لمُشربُ
تَلْقَى السُّعُودَ بِوَجْهِهِ وتُحِبُّهُ … وعليكَ مسحة ُ بِغْضَة ٍ، فَتُحبَّبُ
إِنَّ الإِخَاءَ وِلادَة ٌ وأَنا امْرُؤٌ … مِمَّنْ أُوَاخِي حَيْثُ مِلْتُ، فَأُنْجِبُ
وإذا الرِّجالُ تساجلوا في مشهدٍ … فَمُريحُ رأيٍ منهمُ أوْ مُعزبُ
أَحرَزْتَ خَصْلَيْهِ إليْكَ وأَقْبَلَتْ … آراءُ قوْمٍ خَلْفَ رَأْيِكَ تُجْنَبُ
وإِذَا رأُيْتُكَ والكلامُ لآلئٌ … تُؤْمٌ فبِكْرٌ في النظَامِ وثَيبُ
فَكَأَنَّ قُسّاً في عُكاظٍ يَخْطُبُ … وكأَنَّ لَيْلَى الأَخْيَلِيَّة َ تَنْدُبُ
وكثيرَ عَزَّة َ يومَ بَيْنٍ يَنْسُبُ … وابْنَ المُقَفَّعِ في اليَتِيمة ِ يُسْهِبُ
تكسو الوقارَ وتستخفُّ موقَّراً … طَوراً وتُبكي سامعينَ وتُطربُ
قَدْ جَاءَنَا الرَّشَأُ الّذي أَهْدَيْتَه … خرقاً ولوْ شئنا لقلنا المركبُ
لَدْنُ البنانِ لهُ لسانٌ أعجمٌ … خُرسٌ مَعانيهِ ووجهٌ مُعربُ
يَرْنُو فَيَثْلِمُ فِي القُلوب بطَرْفهِ … ويعنُّ للنَّظر الحرونِ فيُصحبُ
قدْ صرَّف الرَّانونَ خمرة َ خدِّهِ … وأَظنُّهَا بالريق مِنْهُ سَتُقْطَبُ
حَمْدٌ حُبِيتَ به وأَجْرٌ حَلَّقَتْ … مِنْ دُونِهِ عَنْقَاءُ لَيْل مُغْرِبُ
خُذْهُ، وإنْ لَمْ يَرْتَجعْ مَعْرُوفَهُ … مَحْضُ إِذا مُزِجَ الرجالُ مُهذَّبُ
وانفحْ لنا منْ طيبِ خِيمِكَ نفحة ً … إنْ كانتِ الأخلاقُ ممَّا تُوهبُ