لعَمري لخَيرُ الذُّخرِ، في كلّ شِدّةٍ، … إلَهُكَ تَرجُو فَضَلُهُ وألاهُ
فلا تُشبِهِ الوَحشيَّ خَلّفَ طِفلَهُ … لخَنساءَ، تَرعَى، بالمَغيبِ، طَلاهُ
وإنْ نِلْتَ في دُنياكَ، للجسمِ، نعمةً … من العيشِ، فاذكُرْ دفنَهُ وبِلاهُ
إذا اختَصَمتْ في سيّءِ الفعلِ وابنَها … فلا هيَ من أهلِ الحقوقِ، ولا هُو
متى يصرِمِ الخِلُّ المُسيءُ، فلا تُرَعْ، … فأفضَلُ من وصلِ اللّئيمِ قِلاه
وكم غَيّبَ الإلفُ الشّقيقُ أليفَهُ، … فرِيعَ له، الأيّامَ، ثمّ سَلاه
وما كان حادي العيسِ في غُربة النوَى … عليّ، كَحادي النّجمِ حينَ قَلاه
ومَن يَحلِفِ الأيمانَ باللَّهِ، ولا وَنَى … عن الودَ، يحنَثْ، أو يَضِرْه ألاه
ومَن تُرِكَ العِلجُ المُعَرِّدُ، راتِعاً … بأفْيَحَ، يَقرُو في الخَلاءِ خَلاه
وقد كَلأ المسكينَ، في الوِردِ، بائسٌ، … ومن كَبِدِ القوسِ الكتومِ كَلاه
فطَلّقَ عِرْساً كارهاً، وفَلا الرّدى، … لها تَولباً، لم يَمَتَنِعْ بفَلاهُ
فلا تُقرِ هَمَّ النفسِ، عجزاً عن القِرَى، … وأدْلجْ، إذا ما الرّكبُ مالَ طُلاه
طوى عنك، سِرّاً، صاحبٌ، قبلَ شيبهِ، … فلَمّا انجَلَى عَنهُ الشّبابُ جَلاه
ولا مُلكَ إلاّ للّذي عَزّ وجهُهُ، … ودامَتْ، على مَرّ الزّمانِ، عُلاه
وقد يُدرِكُ المَجدَ الفتى وهوَ مُقتِرٌ، … كثيرُ الرّزايا، مُخلِقٌ سَمِلاه
غَدا جَمَلاهُ يُرقِلانِ بِكُورِهِ، … وهل غيرُ عَصْرَيْ دهرِهِ جَمَلاه؟
وما فَتلاهُ عن سَجاياه، بعدَما … أجادَ كتاباً مُحكَماً، فتَلاه
فإنْ ماتَ، أو غاداهُ قَتلٌ، فما هُما … أماتاهُ، في حُكمي، ولا قَتلاه
يَدٌ حَمَلَتْ هذا الأنامَ علَيهِما، … ولَولا يَمينُ اللَّهِ ما احتَمَلاه
وِعاءَانِ للأشياءِ، ما شَذّ عَنهُما … قَليلٌ، ولا ضاقَا بما شَمِلاه
وجاءَ بمينٍ مُدّعٍ، جاءَ زاعِماً … بأنّهُما عن حاجَةٍ خَتَلاه
عجبتُ لرامي النَّبلِ يَقصُدُ آبلاً، … بجَهلٍ، وقد راحَتْ لَهُ إبِلاهُ
بَدا عارِضا خيرٍ وشرٍّ لشائِمٍ، … وما استَوَيا في الخَطبِ، إذْ وَبَلاه
زَجَرْتُهما زجرَ ابنِ سَبعٍ سِباعَهُ، … ولو فَهِما زَجْري لمَا قَبِلاه
تهاوَى جِبالٌ من كِنانَةِ غالِبٍ، … وأبْطَحُها لم يَنتَقِلْ جَبَلاهُ
إذا النّسلُ أسواهُ الأبُ، اهتاجَ أنّهُ … يَمُوتُ، ويَبقَى مالُهُ وحِلاه
فكَمْ ولَدٍ، للوالدينِ، مضيِّعٍ، … يُجازيهما بُخلاً بما نَجلاه
طوى عنهما القوتَ الزهيدَ، نفاسةً، … وجَرّاهُ سارَا الحَزْنَ، وارتحلاه
يَرَى فَرقَدَيّ وحشيّةٍ بَدَليهِما، … وما فَرقَدا مَسراهُما بَدلاه
ولامَهُما عن فَرطِ حبّهما لَهُ، … وفي بغضِهُ إيّاهُما عَذَلاه
أساءَ، فلَم يَعدِ لهما بشِراكِهِ، … وكانا، بأنوارِ الدُّجَى، عدلاه
يُعيرُهما طَرْفاً، من الغَيظِ، شافناً، … كأنّهما، فيما مَضَى، تَبلاه
يَنامُ، إذا ما أدنفا، وإذا سرَى … له الشكوبات، الغِمضُ ما اكتحَلاه
إنِ ادّعيا، في ودّه، الجُهدَ صُدّقا، … وما اتُّهِما فيه، فيَنتَحِلاه
يغشُّهما في الأمرِ هانَ، وطالما … أفاءا علَيهِ النّصحَ، وانتَخَلاه
يسرُّهما أن يهجرَ الرِّيمَ، دَهرَهُ، … وأنّهُما من قَبلِهِ نَزَلاه
ولو بمُشارِ العَينِ يُوحى إلَيهِما، … لوَشْكِ اعتزالِ العيشِ، لاعتزَلاه
يَودّانِ، إكراماً، لو انتَعَلَ السُّهَا … وإنْ حَذِيا السَّلاّءَ وانتَعَلاه
يَذُمُّ لفَرْطِ الغيّ ما فَعَلا بهِ؛ … وأحْسِنْ وأجْمِلْ بالذي فَعلاه
يُعِدّانِهِ كالصّارِمِ العَضبِ في العِدى … بظَنّهِما، والذّابِلِ اعتَقَلاه
ويُؤثِرُ بالسّرّ الكنينِ سواهما، … فينقلُهُ عَنهُ وما نَقلاه