دع مجلس الغيد الأوانس … وهوى لواحظها النواعس
واسل الكؤوس يديرها … رشا كغصن البان مائس
ودع التنعم بالمطاعم … والمشارب والملابس
أي النعيم لمن يبيت … على بساط الذل جالس
ولمن تراه بائساً … أبداً لذيل الترك بائس
ولمن أزمته بكف … عداه يظلم وهو آئس
ولمن غدا في الرق ليس … يفوته إلا المناخس
ولمن تباع حقوقه … ودماؤه بيع الخسائس
ولمن يرى أوطانه … خرباً وأطلالاً دوارس
كسيت شحوب الثاكلات … وكن قبلاً كالعرائس
عج بي فديتك نادباً … ما بين أرسمها الطوامس
واستنطق الآثار عما … كان في تلك البسابس
من عزة كانت تذل … لها الجبابرة الأشاوس
وكتائب كانت تهاب … لقاء سطوتها المتارس
ومعاقل كانت تعزز … بالطلائع والمحارس
ومدائن غناء قد … كانت تحف بها الفرادس
أين المتاجر والصنائع … والمكاتب والمدارس
بل أين هاتيك المروج … بها المزارع والمغارس
بل أين هاتيك الألوف … بها فيسح البر آنس
هلكوا فلست ترى سوى … عبر تثور بها الهواجس
بيد صوامت ليس يسمع … في مداها صوت نابس
إلا رياح الجور تكسح … وجهها كسح المكانس
أمست بلاقع لا ترى … إلا بأبصار نواكس
ضحكت زماناً ثم عادت … وهي كالحة عوابس
غضبت على الإنسان واتخذت … عليها الوحش حارس
فإذا أتاها الإنس راح … يدوسها جوس المخالس
هذه منازل من مضوا … من قومنا الصيد القناعس
درست كما درسوا وقد … ذهب النفيس مع المنافس
ماذا نؤمل بعدهم … إلا مقارعة الفوارس
فإليكم يا قوم واطرحوا … المدالس والموالس
وتشبهوا بفعال غيركم … من القوم الأحامس
بعصائب أنفوا فجادوا … بالنفوس وبالنفائس
هبت طلائعهم يليها … كل صنديد ممارس
تركوا جموع الترك تعصف … فوقها النكب الروامس
ملأوا البطاح بهم فداس … على الجماجم كل دائس
فخذوا لأنفسكم مثال … أولئك القوم المداعس
أولستم العرب الكرام … ومن هم الشم المعاطس
فاستوقدوا لقتالهم … ناراً تروع كل قابس
وعليهم اتحدوا فكلكم … لكلكم مجانس
ودعوا مقال ذوي الشقاق … من المشايخ والقمامس
فهم رجال الله فيكم … بل هم القوم الأبالس
يمشون بين ظهوركم … تحت الطيالس والأطالس
فالشر كل الشر ما … بين العمائم والقلانس
دبت عقاربهم إليكم … بالمفاسد والدسائس
في كل يوم بينكم … يصلي التعصب حرب داحس
يلقون بينكم التباغض … والعداوة والوساوس
نثروا اتحادكم كما … نثرت من النخل الكبائس
ساد الفساد بهم فساد … الترك فيه بلا معاكس
قوم لقد حكموا بكم … حكم الجوارح في الفرائس
وعدت عوادي البغي تعرقكم … بأنياب نواهس
كم تأملون صلاحهم … ولهم فساد الطبع سائس
ويغركم برق المنى … جهلاً وليل اليأس دامس
أو ما ترون الحكم في … أيدي المصادر والمماكس
وعلى الرشى والزور قد … شادوا المحاكم والمجالس
والحق أصبح عند من … الف الخلاعة والخلابس
من كل من يمسى إذا … ذكروا له الاصلاح خانس
عمت قبائحهم فأمست … لا تحيط بها الفهارس
حال بها طاب التبسم … للوغى والموت عابس
وحلا بها بذل الدماء … فسفكها للجور حابس
برح الخفاء ومن يعش … ير ما تشيب له القوانس