حياة أسر العيش فيها مذمم … وناس بها قلب الخلي متيم
سقت كل قلب كل يوم مشارباً … توهم فيها لذة وهي علقم
تشاغلت الألباب فيها من الصبى … ولم تك أدنى صبوة حين تحلم
تبطل كل بالأماني ولم يزل … يروح ويغدو وهو للموت مغنم
وما الأرض إلا قفرة زأرت بها … أسود المنايا حولنا وهي خوم
لها كل يوم بيننا كل منذر … ينادي علينا مسمعاً وهو أبكم
تنبهنا بعضاً ببعض فننثني … وأجفاننا في غفلة اللهو نوم
خلت دونها شم الحصون فلم تكن … لساكنها من غارة البين تعصم
وأصبح من قد كان يرهب بأسه … يناح عليه بعد حين ويرحم
تراب من الأرض استوى تحت صورة … تلوح عليها مدة ثم تهدم
أحبتنا ما أعذب الهجر بيننا … إذا كان حبل الوصل لا بد يفصم
أنسنا بطيب الوصل في الأرض مدة … وما طيب وصل بالتفرق يشؤم
يلام على قبر توسد تريه … حبيب عليه من بعيد أسلم
وما كان يجدي لو تداني ودونه … من الرمس قد أمسى حجاب مخيم
لئن لم تصب عيني ثراه فإن لي … هنالك قلباً منه قد قطر الدم
وما جف دمعي بعده غير أنه … يديج خضراء الربى حين يسجم
نعاه لنا الناعي ففي كل مسمع … كلام ولكن في الأضالع أسهم
تنوح على فقد الأمير محمد … رجال عليه بالدما تتلثم
عزيز له في كل عين مدامع … وفي كل قلب جمرة تتضرم
وكم من جيوب بل قلوب تشققت … عليه وكم من أوجه فيه تلطم
ولما نعي في ارض لبنان أوشكت … جنادلة من حسرة تتألم
كريم له من آل رسلان محتد … ومن نفسه مجد سني معظم
ومن ذكره ما يعجر الدهر سلبه … ومن شكره في كل ذي منطق فم
أيا من قضى في غربة الدار نازحاً … فكل فؤاد نازح متصرم
رويدك ما للصبر بعدك من يد … إذا ما اقتضى الصبر المصاب العرمرم
ترحلت في شرخ الشباب مغادراً … من الحزم ما يودي الشباب ويهرم
ومثلك من حق التأسف بعده … وغيرك مخلوف ومثلك يعدم
تنوح القوافي بعد يومك حسرة … فنوشك نخشى نثرها حين تنظم
وتندبك الأقلام من حيث رددت … حنيناً وأجرت عبرة حين ترقم
وبين المذاكي والسيوف مناحة … وبين الحجى والعلم والمجد مأتم
إلا يا بني رسلان صبراً لفقده … فذلك مما يقتضيه التكرم
إذا ما دفعنا للبلية مرة … ولم ننتفع بالحزن فالصبر أحزم
جرى قدر المولى بما شاء واستوى … لديه جزوع في الأسى ومسلم
وليس لنا من مطمع فات نيله … إذا كان ما نبغيه ما ليس يغنم
وما كان ما لا بد منه مؤخراً … يهون لديه الرزء وهو مقدم
وما الفرق في الحالين إلا هنيهة … تمر سريعاً والقضا متحتم