أيُّ جوادٍ قد كبا … وأيُّ سيفٍ قد نبا
تعجبتْ زازا وقد … حقَّ لها أن تعجبا
لما رأتْ فيَّ شحوب … الشمسِ مالت مغربا
وهي التي زانت مشيبي … بأكاليل الصِّبا
وهي التي قد علّمتْني … حين ألقى النُّوبا
كيف أُداري النابَ إن … عضَّ وأخفي المخلبا
لاقيتُها أرقصُ بشراً … وأُغني طربا
وهي التي تهتك سِتْرَ … القلبِ مهما انتقبا
لا مغلقاً تجهله … يوماً ولا مُغَيّبا
في فطنةٍ تومضُ حتّى … تستشفَّ ما خبا
رأتْ وراء الصدرِ طيراً … قلِقاً مضطربا
في قفصٍ يحلمُ بالأفقِ … فيلقى القُضُبا
إنَّ زماناً قد عفا … وإنَّ عمراً ذهبا
وصيّرتْهُ طارقاتُ … السقمِ وَقراً متعبا
ورنَّقتْ موردَهُ … أنّى له أن يَعُذبا؟
إني امرؤٌ عشت زماني … حائراً معذَّبا
عشت زماني لا أرى … لخافقي منقلبا
مسافراً لا قوم لي … مبتعداً مغتربا
مشاهداً عَلِّيَ في … مسرحِهِ أن ارقبا
رواية مُلَّت كما … مُلَّ الزمانُ معلبا
وظامئاً مهما تُتَحْ … موادٌ أن أشربا
وجائعاً لا زادَ في … دناي يشفي السغبا
فراشة حائمة … على الجمال والصبا
تعرَّضت فاحترقت … أُغنية على الربى
تناثرت وبعثرت … رمادها ريح الصّبا
أمشي بمصباحي وحيداً … في الرياح متعبا
أمشي به وزيتُه … كاد به أن ينضبا
وشد ما طال الصراع … بيننا واحربا
ريحُ المنايا تقتضيني … نسماتي الخُلّبا
وليس بالأحداث فيما … قيل أو ما كتبا
كالعمر والسقم إذا … تحالفا واصطحبا
لولاك ما قلت لشيء … في الوجود مرحبا
ولم أَجد ركناً غنّياً … بالحنانِ طيِّبا
أنتِ التي أقمت مر … فوعَ البناءِ من هَبا
وإنني الصخرُ الذي … أردتِ أن لا يُغلبا
ويضرب البحرُ عليه … موجَه منتحبا
علمتِ يأسي وجنوني … وجهلتِ السببا
يا أملي إنك يأسُ … القلبِ مهما اقتربا
يا كوكباً مهما أكن … من بُرجه مقرَّبا
فإنه يظل في السَّمْتِ … البعيدِ كوكبا
وأين مني فلك … قد عزّني مطَّلبا
ليس إلى خياله … إلا السهاد مركبا
أستبطئُ الريحَ له … وأستحثُّ الكتبا
ولو طريق حبّه … على القتاد والظُّبا
وقيل للقلب هنا الموتُ … فعُدْ تسلم أبى
إني امرؤٌ عشتُ زماني … حائراً معذّبا
لا أحسِب الأيام فيه … أو أعُدُّ الحِقبا
ضقتُ بها كيف بمن … ضاق بها أن يَحسبا
تغيّرتْ واختلفتْ … وسائلاً ومطلبا
وارتفعتْ وانخفضتْ … طرائقاً ومأربا
سلوت على الحالين حُمْلاناً … بها وأذؤُبا
وشاكلتْ لناظري … سهولَها والهُضُبا
دخلتها غِرّاً وعدت … فانياً مجرِّبا
لا أسأل الأيام عن … أعمالها معَقِّبا
إن كان هذا الدهر فيما … جرَّه قد أذنبا
فإنه تاب وأدَّى … وعدَهُ المرتقبا
لقاكِ ماحٍ للذنوب … كيف لي أن أعتبا
ضممتُ عطْفيْكِ غداة … الروع أبغي مهربا
كم خفتُ من أن تذهبي … وخفتِ من أن أذهبا
كأن طفلاً خائفاً … في أضلعي حلَّ الحُبى
يضرب ما اسْتطاع على … جدرانها أن يضربا
يكافحُ الأمواجَ أو … يصرعُ جيشاً لجبا
إن بَعُد الشطُّ فقد … آن له أن يقرُبا
أنتِ الحياةُ والنجاةُ … والأمانُ المجتبى