سَقَوْهُ كأسَ فُرْقَتِهِمْ دِهاقا … وأسْكرهُ الوداعُ فما أفاقا
إذا ما الكأْسُ لمْ تَكُ كأسَ بينٍ … فليست بالحميمِ ولا الغَساقَا
أبى إلاّ افتراقاً شملُ صبري … وَدَمْعِي إذْ نأوْا إلاَّ افْتِرَاقا
رِفاقٌ ما ارْتَضَوْا في السَّيرِ إلاَّ … قُلُوبَ الْعاشِقينَ لَهُمْ رِفاقا
أرائِقَة َ الجَمَالِ وَلاَ جَمِيلٌ … أرَاقَكِ أنْ جَعَلْتِ دَمِي مُرَاقا
وَسِرْتِ فَلَمِ أسَرْتِ فُؤادَ حُرِّ … حَلَلْتِ وَمَا حَلَلْتِ لَهُ وَثَاقا
تُعَيِّرُنِي بِأحْداثِ اللَّيالِي … وَكَيْفَ يُدَافِعُ الْبَدْرُ الْمِحاقا
شَبابٌ كانَ مُعْتَلاًّ فَوَلَّى … وصدْرٌ كان مُتسعاً فضاقَا
يُكَلِّفُنِي الزَّمَانُ مَدِيحَ قَوْمٍ … يَرَوْنَ كَسادَ ذِكْرِهِمُ نَفَاقا
ومنْ يرجُو منَ النارِ ارتواءً … كمنْ يخشى من الماءِ احتراقَا
ولوْ أنَّ الزمانَ أرادَ حمْلَ الَّـ … ـذي حُمِّلْتُ منهُ ما أطَاقا
ولي عزمٌ أنالُ بهِ انفتاحاً … لِبابِ الْمَجْدِ إنْ خِفْتُ انْغِلاقا
بَعَثْتُ بهِ النِّياق وَقَدْ يُرَجِّي … أنيقَ العيشِ مَن بعثَ النِّياقا
سريتُ بها وحظِّي ذُو سُباتٍ … وجئْتُ أبا الفوارسِ فاستفاقا
سعى وسعى الملُوكُ فكانَ أقصى … مدى ً وأشدَّ في السَّعْيِ انطلاقا
وأطْوَلَهُمْ لدى العلْياءِ باعاً … وأثْبَتَهُمْ لَدى الْهَيْجَاءِ سَاقا
يطبِّقُ غيثُهُ أرضَ الأماني … ويسمُو سعدُهُ السَّبعَ الطِّباقا
ويسبقُ عزمهُ كلمَ الليالي … فَكَيْفَ يُحَاوُلُونَ لَهُ سِبَاقا
ومن يطلبْ للمْعِ البرقِ شأواً … يَجِدْهُ أعزَّ مَطْلُوبٍ لَحاقا
وَمَا بِالْجَدِّ فَاقَ النَّاسَ صِيتاً … وَلَكِنْ بِالنَّدَى والْبَأسِ فَاقا
ومن خطبَ المعاليَ بالعوالِي … وبالجدوى فقد أربى الصداقا
وَإنْ طَرقَ الْعِدى لَمْ يَرْضَ مِنْهُمْ … سوى هامِ الملوكِ لهُ طِراقا
وَقَدْ كَرِهَ التَّلاَقِي كُلُّ صَبٍّ … كأنَّ إلى الفراقِ بهِ اشْتياقا
وَشَدَّد بِالخِنَاقِ على الأعادِي … فتى ً راخى بنائلهِ الخِناقا
تلاقتْ عندك الآمالُ حتّى … أبى إسرافُ جودِكَ أنْ يُلاقا
وأقبلَ بالهناءِ عليكَ عيدٌ … حَداهُ إليك إقبالٌ وساقا
فسرَّكَ وهوَ منْكَ أسَرُّ قلباً … وَلاَ عَجَبٌ إنِ المُشْتاقُ شَاقا
وَمِثْلُكَ يَا مُحَمَّدُ سَاقَ جَيْشاً … يُكَلِّفُ نَفْسَ رَائيهِ السِّياقا
إذا الخَيْلُ الْعِتاقُ حَمَلْنَ هَمّاً … فهمُّكَ يحملُ الخيلَ العتاقا
وَمَنْ عَشِقَ الدِّقَاقَ السُّمْرَ يَوْماً … فإنكَ تعشقُ السّمْرَ الدِّقاقا
وَتَخْتَرِمُ الْمُلُوكَ بِها اخْتِرَاماً … وَتَخْتَرِقُ الْعَجاجَ بِها اخْتِرَاقا
يَسُركَ أنْ تُساقي الجيشَ كأْساً … منَ الحربِ اصطباحاً واغتباقَا
وأشجعُ مَن رأيناهُ شُجاعٌ … يُلاقيهِ السرورُ بأنْ يُلاقى
وما ماءٌ لذِي ظمإٍ زُلالٌ … بأعْذَب منْ خلائقهِ مذاقا
حباني جودُهُ عيشاً كأنِّي … ظفرتُ به منَ الدهرِ استراقا
فأيَّامِي بهِ بِيضٌ يِقَاقٌ … وَكَانَتْ قَبْلَهُ سُوداً صِفَاقا
وطَّوقني ابنُ مالِكَ طوقَ مَنٍّ … فصُغْتُ من الثناءِ لهُ نِطاقا
أرى الأيَّامَ لا تُعْطِي كَرِيماً … بلوغَ مُرادِهِ إلاَّ فَوَاقا
فَلا عَاقَتْكَ عَنْ طَلَبِ الْمَعالِي … إذا الأيَّامُ كادَتْ أنْ تُعاقا