كفي شئونك ساعة فتأملي … في ليلها بشرى الصباح المقبل
وتنجزي وعد المشارق وانظري … واستخبري زهر الكواكب واسألي
فلعل غايات الدجى أن تنتهي … وعسى غيايات الأسى أن تنجلي
لا تخدعي بدموع عينك في الورى … قلبا يعز عليه أن تتذللي
وتجملي لشجا النوى لا تمكني … أيدي الصبابة من عنان تجملي
لا تحذلي بالعجز عزمي بعدما … شافهت أعجاز النجوم الأفل
فليسعدن الحزم إن لم تسعدي … وليفعلن الجد إن لم تفعلي
ولأعسفن الليل غير مشيع … ولأركبن الهول غير مذلل
ولأسطون على الزمان بعزمتي … ولأنحين على الخطوب بكلكلي
ولأرمين مقاتل النوب التي … ولعت مع المتخلفين بمقتلي
فإذا رأيت النجم يبدي أفقه … منه بقية جمر نار المصطلي
وتخلف العيوق فهو كأنه … سار تضلل في فضاء مجهل
وتعرض الدبران بين كواكب … مزق كسرب قطا ذعرن بأجدل
وكواكب الجوزاء تهوي جنحا … مثل الخوامس قد عدلن لمنهل
وكأنما الشعرى سراج توقد … وقف على طرق النجوم الضلل
وكأن ملتزم الفراقد قطبها … ركب على عرفان دائر منزل
وتحولت أم النجوم كأنها … زهر تراكم فوق مجرى جدول
ورأيت جنح الليل ناط رواقه … من كل أفق بالسماك الأعزل
فهناك وافتك السعود طوالعا … تقضي لصدق تيمن وتفاؤل
فهي المنى فتيقني وهو السرور … فأبشري وهو الصباح فأملي
وتجرعي غصص التنائي واجمعي … بين المطي وليلهن الأليل
واستوطني وحش الفلاة ووطني … نفسا لبرح تودع وترحل
فلأعقدن عليك أكرم ذمة … ولأبنين عليك أشيد معقل
بعزائم لا تنثني وبصائر … لا تنتهي ووسائل لا تأتلي
حتى رأيت العيس وهي لواغب … يشرعن في نهر الصباح الأول
والفجر يرفع جفن طرف أدعج … والليل يغضي جفن طرف أكحل
فكأنما في الجو فارس أبلق … يشتد في آثار فارس أشعل
ولدي للمنصور شكر صنائع … تنأى الركاب بعبئها المتحمل
نشر ينم من الحقائب عرفه … أرجا ويشرق من خلال الأرحل
يهدي ثناء الممحلات إلى الحيا … وثنا الرياض إلى الغمام المسبل
بكرائم لم تمتهن وعقائل … لم تمتثل ومصونة لم تبذل
حملت بها أم العلوم وأرضعت … من در أخلاف الربيع الحفل
وكفيلة بالحمد تهديه إلى … ملك بغايات المنى متكفل
حتى تؤدي الحمد عند مسوف … وتفي بعهد الشكر عند مؤجل
وتنيخ ركب النازل المتوسل … في ظل عفو المنعم المتفضل
وتحط رحل المذنب المتنصل … في ظل عقر العائد المتطول
فلاسلمن إليه همة نازع … وحبال منقطع وكف مؤمل
ملك توسط من ذؤابة يعرب … في الجوهر المتخير المتنخل
بسقت به أعراق ملك أشرقت … بعلاه في شرف المحل المعتلي
عن كل معدوم القرين مكرم … ومعظم في المالكين مبجل
وغمام عرف في الزمان الممحل … وسراج نور في الكريهة مشعل
يختال تاج الملك فوق جبينه … لما تبوأ منه أكرم منزل
فكأن صفحة وجهه شمس الضحى … وصلت ببدر بالنجوم مكلل
العائدون بكل فضل معجز … والدافعون لكل خطب معضل
ورثوا السيادة كابرا عن كابر … واستوجبوها آخرا عن أول
وتبوأوا دار النبوة والهدى … صنعا وتفضيلا من الملك العلي
فتخير الرحمن طيب ثراهم … دارا وقبرا للنبي المرسل
وتفردوا بالمكرمات وأحرزوا … جزل الثناء من الكتاب المنزل
هم انجبوك وقلدوك سيوفهم … للنصر تبلي في الإله وتبتلي
فضربت أشياع الضلال بعزمة … عجلت إليهم بالحمام المعجل
فأعدت أرضهم وليس لمعقل … قصد وليس لمفلت من معقل
بعزائم ومخائل أعيت على … بأس الشجاع وحيلة المتحيل
فتركت حزب الشرك بين مصرع … ومعفر ومجدل ومرمل
وثنيت حزب الدين بين مملك … ومظفر ومغنم ومنفل
فاسعد بعيد عاد وهو مبشر … لك بالنعيم وبالبقاء الأطول
وبمشهد للملك أعيا دونه … فكر اللبيب ومقلة المتأمل
أمتك أبصار الخلائق واصلي … نور بتعجيل السرور الأعجل
وتيمموك من المصلى فانثنوا … ساعين بين مكبر ومهلل
متزاحمين على يمين أصبحت … مبسوطة لمؤمل ومقبل
وتواضعت صيد الملوك مهابة … يضعون أوجههم مكان الأرجل
ورأوا هلال الملك فوق سريره … بسنا المكارم والهدى المتهلل