أرقتُ لبرقٍ بالحمى يتألقُ … فقلبي أسيرٌ حيثُ دمعيَ مطلقُ
غذا فهتُ بالشكوى ترنم صاحبي … كما طارَحَ الغصنَ الحمامُ المطوَّقُ
فبتنا قرينَيْ لوعة ٍ نَصْطلي بِها … كأنا على النارِ الندى والمحلقُ
نقضّي ديونَ الشوقِ حتى قضى على … غرابِ الدجى بازي الصباحِ المحلقُ
وشفَّ عن النورِ الظلامُ كأنّهُ … حدادٌ على بيضِ الصدورِ يمزقُ
يمانعُ ضوءَ الفجرِ والفجرُ صادعٌ … كما عارضَ البرهانَ قولٌ ملفقُ
كأنَّ احمرارَ الأفقِ والفجرَ والدجى … دمٌ وحسامٌ مشرفيٌّ ومَفرِقُ
أيا جنة ً حلتْ لظى من جوانحي … أطيَّ ضلوعي جنة ٌ وهو يحرقُ
أيُنْكرُ قلبُ الصبِّ مُنْذُ سكنتَه … ليباً وحراً وهو للشمسِ مشرقُ
رعى اللهُ عهداً للصبا ليس يرتجى … و اخبارهُ متلوة ٌ تتشوقُ
وأرضاً يكادُ الليلُ في عَرَصاتها … لشدة ِ ما قد ضاوعَ المسكُ يعبقُ
سقاها سحابٌ مثلُ دمعي، ومِيضُهُ … كقلبي ، تشبُّ النارُ فيهِ ويخفقُ
يُداني الرُّبى حتى قصيرُ نباتِها … يكادُ بهِ من شوقهِ يتعلقُ
كأنَّ حياهُ الجَوْدَ والنبتَ والثرى … بنانُ أبي بكرٍ وخطٌّ ومهرقُ
فتًى فِيه ما في الشُّهبِ والبرقِ والحَيا … فَمِنْها لَهُ ذهنٌ وكفٌّ ومَنْطِقُ
تخايلهُ في الغيثِ صعقٌ ورحمة ٌ … وفي الصارِمِ الهنديِّ حدٌّ ورونَقُ
تكفَّل مِنهُ راحة َ الدِّينِ خاطرٌ … تعوبٌ ونومُ الملكِ عزمٌ مؤرَّقُ
يظنُّ بهِ وهوَ المحوطُ ضياعهُ … كما ساء ظنّاً بالأحبّة ِ مُشْفِقُ
حمى ً في سماحٍ في قبولٍ كدوحة ٍ … تظلُّ وتجنى كلَّ حينٍ وتنشقُ
لَهُ قَلَمٌ قَدْ أُوتيَ الحُكْمَ شيمة ً … فلوْ كان طفلاً كان في المهدِ ينطقُ
بكى السيفُ منهُ غَيْرَة ً فبريقُهُ … على صفحتيهِ عبرة ٌ تترقرقُ
و ليس اهتزازُ الرمحِ للطعنِ خفة ً … ولكنّها من شدة ِ الرعبِ أوْلَقُ
قصيرٌ طويلُ الباعِ شاكٍ الضنى … تصحُّ بِهِ مرضى المعاني وَتُفْرِقُ
إذا ما جرى بالرزقِ فالمزنُ جامدٌ … ومهما جرى في الطرسِ فالبرقُ مؤنقُ
بثثتَ بأُفْقِ الغربِ كلَّ غريبة ٍ … من القول يشجى الشرق منها ويشرقُ
تسيرُ فتحكي البدرَ سيراً وغُرَّة ً … خلا أنّها معصومة ٌ ليس تمحقُ
يحاكي ثغورَ الغانياتِ ابتسامها … ومنظرها، والوردُ أروى وأورقُ
إذا وردتْ حفلاً تغامزَ أهلهُ … صحائفُ فُضَّتْ أم نوافجُ تُفْتَقُ
فمن مطلقٍ منهم عرى المدح مسهبٍ … و من صامتٍ عجزاً فمطرٍ ومطرقُ
لك النظمُ تهوى الشمسُ لو كسيتْ به … وَجُرِّدَ عَنْها نُورُها المتألّقُ
فيعشو لَهُ الأعشى إذا لاحَ نُورُهُ … ويجري جريرٌ ظالعاً حين يُعْنِقُ
هو الدُّرُّ: يُهدي الدُّرَّ بحرٌ مكدَّرٌ … زُعاقٌ وذا يهديه عَذْبٌ مروَّقُ
تكاملتَ بينَ الجودِ والشعر فاغتدى … عَلَيْكَ عِيالاً حاتمٌ والفرزدقُ
قريضٌ وقرضٌ للنهى فمسامعٌ … تشنفُ منها أو رقابٌ تطوقُ
لأخضلتَ جوداً واشتعلتَ نباهة ً … فزندكيوري حيثُ غصنك يورقُ
فإنّك في نفسِ المكارمِ والعُلا … طباعٌ وَخُلْقٌ والأنامُ تَخَلُّقُ
ألا وتَهنأْ موسماً لوفودِهِ … لقَدْ كادَ قبلَ الوقتِ نحوكَ يسبِقُ
و زاركَ دونَ الناس وحدكَ إنما … ثناهُ التقى أو عادة ٌ ليس تخلقُ
وما منكما إلا سعيدٌ مُهَنَّأٌ … و لكنْ لذي اللبّ الهناءُ المحققُ
ودونَكها حسناءَ مِنْ غيرِ مُحْسِنٍ … كما جاء من ذي الذنبِ عذرٌ منمقٌ
أأهدي إلى شمس الضحى كوكبَ السها … وينفقُ لي في معدِنِ التبرِ زئبقُ
تحبُّ الورى الآدابَ وهي مُضاعة ٌ … فأحسبها الدنيا تلامُ وتعشقُ
ولولاك إذ أصْبحتَ حُجّة َ سعدِها … لكنتُ بدعوى الشُّؤْمِ فيها أصدِّقُ
كأنَّ مُلِمَّ الرزقِ طيفٌ وهمَّني … سهادٌ وليس الطيفُ في السُّهدِ يطرقُ