مَنْ أَغْفَلَ الحَزْمَ أَدْمَى كَفَّهُ نَدَما … واستضحكَ النَّصرَ من أبكى السُّيوفَ دما
فالرَّأيُ يدركُ ما يعيى الحسامُ بهِ … إذا الزَّمانُ بذيلِ الفتنة ِ التثما
هابَ العدا غمراتِ الموتِ إذ بصروا … بِالأُسْدِ تَنْزِلُ مِنْ سُمْرِ القَنا أَجَما
وَالخَيلُ عابِسة ٌ يَعْتادُها مَرَحٌ … إذا امتطاها نظامُ الدّينِ مبتسما
في ساعة ٍ تذرُ الأرماحَ راعفة ً … وَالمَشْرَفيَّ على الأرْواحِ مُحْتَكِما
رطبُ الغرارينِ مأمونٌ على بطلٍ … يَخْشى زَماناً على الأحْرارِ مُتَّهَمَا
تلوحُ غرَّتهُ والجردُ نافضة ٌ … على جبينِ الضُّحى من نقعها قتما
وَلِلسِّهامِ حفيفٌ في مَسامِعِهِمْ … كَالنَّحْلِ أَلْقَيْتَ في أَبياتِهِ الضَّرَما
إذا استطارت طلاعَ الأفقِ أردفها … بِالبيضِ عُوِّضْنَ عن أَغْمادِها القِمَما
لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ إلاَّ اسْتُقْبِلَتْ بِعَمى ً … وَلا بَدا النَّجْمُ إلاّ اسْتَشْعَرَ الصَّمَما
تَوَقَّفوا كَارْتِدادِ الجَفْنِ وَانْصَرَفوا … كَما طَرَدْتَ حِذارَ الغارَة ِ النَّعَما
والأعوجيَّة ُ كادت من تغيُّظها … على فوارسها أن تلفظَ اللُّجما
من كلِّ طرفٍ يبذُّ الطَّرفَ ملتهباً … في حُضْرِهِ، وَلِشَأْوِ الرّيحِ مُلْتَهِما
ردعُ النَّجيعِ مبينٌ في حوافرها … مِمّا يَطَأْنَ بِمُسْتَنِّ الرَّدَى بُهَما
كَأَنَّ كُلَّ بَنانٍ مِنْ وَلائِدِهِمْ … أَهْدى إليْهِنَّ إذْ نَجَّيْنَهُمْ عَنَما
باضَ النَّعامُ على هاماتِهِم، وَهُمُ … أَشْباهُهُ، والوَغى يَسْتَرْجِفُ اللِّمَما
فَباتَ أَرْحَبُهُمْ في كُلِّ نائِبَة ٍ … ذرعاً تضيقُ عليهِ الأرضُ منهزما
وما التَفَتَّ احْتِقاراً نَحْوَهُ وَبِهِ … نجلاءُ يلوي لها حيزومهُ ألما
ولو أملتَ إليه السَّوطَ غادرهُ … شلواً بمعتركِ الأبطالِ مقتسما
وَعُصْبَة ٍ مُلِئَتْ غَيْظاً صُدورُهُمُ … مِنْ مُخْفِرٍ ذِمَّة ً، أوْ قاطِعٍ رَحِما
وَاسْتَوْطَؤوا ثَبَجَ البَغْضاءِ واجْتَذَبوا … حبلاً أمرَّ على الشَّحناءِ فانجذما
وَالشَّعْبُ إِنْ دَبَّ في تَفْريقِهِ إحَنٌ … فلنْ يَعودَ طَوالَ الدَّهْرِ مُلْتَئِمَا
وأنتَ أَبْعَدُ في فَضْلٍ وَمَكْرُمَة ٍ … شَأوأُ، وَأَثْبَتُ منهمْ في الوَغى قدَمَا
وَخَيْرُهُمْ حَسَباً ضَخْماً، وَأَغْزَرُهُمْ … سيباً، وأضفى على مسترفدٍ نعما
تعفو وتصفحُ عن عزٍّ ومقدرة ٍ … وَلا نَراكَ وَقيذَ الحِلْمِ مُنْتَقِما
إذا أذابَ شرارُ الحقدِ عاطفة ً … هَزَزْتَ لِلْعَفْو عِطْفَيْ سُؤدَدٍ كَرَما
فودَّ كلُّ بريءٍ مذ عرفتَ بهِ … دون البرَّية ِ، أن يلقاكَ مجترما
ومن مساعيكَ فتحٌ إذ سللتَ لهُ … رَأْياً فَلَلْتَ به الصَّمْصامَة َ الخَذِما
أضحى بهِ الدِّينُّ مُفْتَرّاً مَباسِمُهُ … والملكُ بعد شتاتِ الشَّملِ منتظما
فأشرقَ العدلُ والأيّامُ داجية ٌ … بَثَّتْ يَدُ الظُّلْمِ في أَرْجائِها الظُّلَما
وقد رَمى بِكَ ركْنُ الدِّينِ مُعْضِلَة ٍ … يَهابُ كلُّ كَمِيٍّ دونَها قُحَما
فقمتَ بالخطبِ مرهوباً عواقبهُ … للعزمِ محتضناً، للحزمِ ملتزما
كَالْبَحْرِ مُتَلْطِماً، وَالفَجْرِ مُبْتَسِماً … واللَّيثِ معتزماً، والغيثِ منسجماً
كَفَتْهُ كُتْبُكَ أنْ تُزْجَى كَتائِبُهُ … وألهمَ السَّيفُ أن يستنجدَ القلما
تَلْقى الشدَّائِدَ في نَيْلِ العُلا وَلَها … يعالجُ الهمَّ من يستنهضُ الهمما
وإن أرابكَ من دهرٍ تكدُّرهُ … كنتَ المصفّى على أحداثهِ شيما
فابسطْ إلى أمدٍ تسمو إليهِ يداً … تَكْفي المُؤمِّلَ أنْ يَسْتَمْطِرَ الدِّيَما
ولا تبل سخطَ الأعداءِ، إنَّهمُ … يَرْضَوْنَ منكَ بِأَنْ تَرْضى بِهِمْ خَدَما
وسل بيَ المجدَ تعلم أيَّ ذي حسبٍ … في بُرْدَتَيَّ إذا ما حادِثٌ هَجَما
يلينُ للخلِّ في عزٍّ عريكتهُ … مَحْضَ الهَوى ، وَلَهُ العُتْبى إذا ظُلِمَا
مِنْ مَعْشَرٍ لا يُناجي الضَّيْمُ جارَهَمُ … نضوَ الهمومِ غضيضَ الطَّرفِ مهتضما
فصحَّة ُ الودِّ تأبى وهيَ ظاهرة ٌ … أن تخفيَ الحالُ في أيّامكم سقما
وَالدَّهْرُ يَعْلَمُ أَنِّي لا أَذِلُّ لَهُ … فَكيفَ أَفْتَحُ بِالشَّكْوى إلَيكَ فما