عفا واسطٌ من أهْله فمذانُبْهْ … فرَوْضُ القَطا: صَحْراؤهُ فَنصائِبُهْ
وقدْ كانَ محضُوراً أرى أن أهلهُ … به أبداً، ما أعجمَ الخطَّ كاتبُهْ
ولكنَّ هذا الدهرَ أصبحَ فانياً … تَسَعْسعَ واشْتَدَّتْ عَلينا تجارِبُهْ
عَدا ذو الصَّفا منْهُمْ، فأمسى أنيسُهُ … قليلاً، تعاوى بالضباحِ ثعالبُهْ
وحلَّ بصحراء الإهالة ِ حذلمٌ … وما كانَ حلالاً بها، إذا نُحاربُهْ
خلا لبني البرشاء بكرِ بن وائلٍ … مجاري الحصى من بطنِ فلجٍ، فجانبُهْ
نَفى عَنْهُمُ الأعْداءَ فُرْسانُ غارَة ٍ … ودهمٌ يغمُ البلقَ خضرٌ كتائبهُ
فنحنُ أخٌ، لم يلقَ في الناسِ مثلُنا … أخاً، حين شابَ الدهرُ وابيضّ حاجبهْ
وإنا لصبرٌ في مواطنِ قومِنا … إذا ما القَنا الخَطِّيُّ عُلّتْ مخاضِبُهْ
وإنا لحمّالو العدو، إذا عدا … عَلى مَرْكبٍ، لا تُسْتَلَذُّ مَراكِبُهْ
وغيرانَ يغلي للعدواة ِ صدرهُ … تذبذبَ عني، لم تنلني مخالبهُ
فإنْ أكُ قد فتّ الكليبي بالعلى … فقدْ أهلكتهُ في الجراء مثالِبُه
وظلَّ لهُ بينَ العُقابِ وراهطٍ … ضَبابة ُ يَوْمٍ، لا تَوارى كواكِبَهْ
رأيتكَ، والتكليفَ نفسكَ دارماً … كشيءٍ مضى ، لا يُدركُ الدهرَ طالبهْ
فإنْ يكُ قَدْ بانَ الشّبابُ، فرُبّما … أعلّلُ بالعذبِ اللذيذِ مشاربُهْ
ولَيْلَة ِ نَجْوى يعْتري أهْلَها الصّبى … سَلَبْتُ بها ريماً، جميلاً مَسالبُهْ
فأصبحَ محجوباً عليَّ، وأصبحتْ … بظاهرة ٍ آثارهُ وملاعبهْ
وبتنا كأنّا ضيفُ جنّ بليلة ٍ … يعودُ بها القَلْبَ السّقيمَ صبائِبُهْ
فيا لك مني هفوة ً، لم أعُدْ لها … ويا لكَ قلباً، أهلكتُه مذاهبهْ
دعاني إلى خير الملوكِ فضولهُ … وأنّي امْرؤ مُثْنٍ عَلَيْهِ ونادِبُهْ
وعالق أسبابِ امريٍ، إن أقع به … أقع بكريمٍ، لا تغبّ مواهبُهْ
إلى فاعلٍ لوْ خايَلَ النِّيلَ، أزْحفَتْ … من النيلِ فوراتُهْو مثاعِبُهْ
وإنْ أتَعَرَّضْ للوليدِ، فإنّهُ … نَمَتْهُ إلى خيرِ الفُروعِ مَضاربُهْ
نساءُ بني عَبْسٍ وكَعْبٍ ولَدْنَهُ … فنِعْمَ، لعَمْري، الحالباتُ حوالبُهْ
رفيع المنى ، لا يستقلُّ بهمهِ … سؤومٌ، ولا مستنكشُ البحرُ ناضبِهْ
تجيشُ بأوصالِ الجزورِ قدورهُ … إذا المحلُ لم يرجعْ بعودينِ حاطبهْ
مطاعيمُ تغدو بالعبيطِ جِفانهُم … إذا القُرُّ ألوَتْ بالعِضاهِ عَصائِبُهْ
تضيءُ لنا الظلماءَ غرة ُ وجههِ … إذا الأقعسُ المبطانُ أُرْتِجَ حاجِبُهْ
وما بلَغَتْ خَيْلُ امرىء ٍ كانَ قَبْلَهُ … بحيثُ انتهتْ آثارُهُ ومحاربهْ
وتُضْحي جبالُ الروم غُبراً فِجاجُها … بما اشعلتْ غاراتُهُ ومقانبهْ
مِن الغَزْوِ، حتى انْضَمَّ كلُّ ثميلة ٍ … وحتى انطوَتْ مِن طولِ قَوْدٍ جنائبُهْ
يمدُّ المدى للقومِ، حتى تقطعتْ … حبالُ القُوى ، وانشَقَّ مِنْهُ سَبائبُهْ
فتى النّاسِ لمْ تُصْهِرْ إليهِ مُحارِبٌ … ولا غنوي دون قيسٍ يُناسبهُ