ما ضرّ طيفكِ لو والى زياراتي … ما بين تلك المحاني والثَنياتِ؟
والرَّكبُ عنَّا مشاغيلٌ بأيِّنِهمْ … من الدُّؤبِ وإرقالِ المطّياتِ
صَرعى كأنّ زجاجاتٍ أُدِرْنَ لهمْ … فهمْ لعينيك أحياءٌ كأمواتِ
إنْ حرّم الصبّحُ وصلاً كان يُجذلنا … فهو الحلالُ بتهويمِ العشّياتِ
وكم أتني وجُنحُ الليلِ حُلّتُهُ … مَن لم يكنْ في حسابي أنَّه ياتي
وزار في غير ميقاتٍ وكم لُويتْ … عنّا زيارتُهُ في كلِّ ميقاتِ
وقد “رأيتمْ” وقد سار المطيُّ بكمْ … كيف اصطباري على تلك المصيباتِ
وكم ثنيتُ لِحاظي عن هوادجكمْ … وفي الهوادج أوطاري وحاجاتي؟
وقلتُ: لا وجدَ في قلبي لِلائمِهِ … والقلبُ تحرقُهُ نارُ الصَّباباتِ
قلْ للّذين حَدَوْا في يومِ رِحلَتِهمْ … خُوضاً خمائِصَ أمثالَ الحنّياتِ
مذكَّراتٍ فلا سَقْبٌ لهنَّ ولا … كَرِعْنَ يوماً بنشوان الوليدات”
لهنَّ والرَّحلُ يَعْلَوْلي مناسِجَها … إلى السَّباسبِ شوقاً كلُّ “حنّاتِ”
وكمْ وَلَجْنَ شديداتٍ صَبَرْنَ بها … حتّى نجون كِراماً بالحُشاشاتِ
فإنْ بُعِثْنَ إلى نيل المُنى رُسُلاً … كفّلْنَ منك بتقريب البعيداتِ
منْ فيكمُ مُبلغٌ عنّي الوزيرَ إذا … بَلَغتموه سلامي والتحيّاتِ؟
ومن سعودِ الورَى ثمَّ البلادِ بهِ … لم يَظلموا”إذ” دعوه ذا السّعاداتِ
قولوا له: ليتني كنتُ الرَّسولَ وما … أدّى إليكَ سوى لفظي رسالاتي
لله دَرُّكَ في مُستغْلَقٍ حَرِجٍ … أسعفتَ فيه بفرحاتٍ وفُرجاتٍ
وفاحمٍ مُدْلَهمٍ لا ضياءَ بهِ … نزعتَ عنه لنا أثوابَ ظُلماتِ
وفي يديكِ رسولٌ منك تُرسلهُ … متى أردتَ إلى كلّ المنيِّاتِ
مثلَ الرِّشاءِ يُرى منه لمبصرِهِ … تغضّنُ الرُّقمِ يقطعن التنوفاتِ
حلفتُ بالبُدْنِ يرعين الوَجيف ولا … عهدٌ لهنَّ بِرَيٍّ مِن غَماماتِ
يردنَ بيتاً به الأملاكُ ساكنة ٌ … بنيّة ً فَضَلَتْ كلَّ البِنيّاتِ
والطائفينَ حوالَيْهِ وقد سَدَكوا … به” تُقآءَ بِمسحاتِ ولثماتِ
وأذرُعٍ كسيوفِ الهندِ ضاحية ٍ … يَقذفنَ في كلِّ يومٍ بالحصيّاتِ
والبائتين بجَمعٍ بعد أن وقفوا … على المعرَّف، لكنْ أيَّ وَقْفاتِ
وجاوزوه خفافاً بعد أن ذبحوا … حتى أتوه بأجرامٍ ثقيلاتِ
مَحا النَّضارة َ من صَفْحاتِ أوجُهِهمْ … ذاك الذي كان محواً للجريراتِ
لأَنْتَ مِن دونِ هذا الخلقِ كلِّهِمُ … أحقّ فينا وأولى بالمولاة ِ
قُدني إليكَ فما يقتادني بشرٌ … إلا فتًى كان مأوًى للفضيلاتِ
واشْدُدْ يديك بما ناولتُ من مِقَتي … ومن غرامي ومن ثاوي مودّاتي
أنا الّذي لا أحولُ الدَّهرَ عن كَلَفي … بمن كلفتُ ولا أَسلو صَباباتي
لا تخشَ منِّي على طول المَدى زَللاً … فكلُّ شيءٍ تراهُ غيرَ زلاّتي
سيّانِ عندي ولا منٌّ عليهِ بهِ … ـسَعيدُ إلاّ الّذي نالَ الإراداتِ
أشكو إلى اللهِ أشواقي إليكَ وما … في القلبِ من حرّ لوعاتِ ورَوعاتِ
وإنّني عاطلٌ من حَلي قُربِكَ أوْ … صِفْرُ اليدين خليّ من زياراتي
ولو رأيتُكَ دونَ النّاسِ كلِّهِمُ … قضيتُ من هذه الدّنيا لُباناتي
لا تحسبوا أننّي لم ألقَقهُ أبداً … فإننا نتلاقى بالموداتِ
وكمْ تلاقٍ لقومٍ منْ قلوبهمْ … كما أرادوا على بعدِ المسافاتِ
والقربُ قربُ خبيئاتِ الصّدورِ وما … تَحْوي الضمائرُ لاقربُ المحلاّتِ
إتّي الصديقُ لمن كنتَ الصديقَ له … ومن تُعادي له منِّي مُعاداتي
وأنتَ من معشرٍ تُروى فضائلهمْ … سادوا على أنَّهمْ أبناءُ ساداتِ
البالغينَ منَ العَلْياءِ ما اقترحوا … والقائمينَ بصَعْباتِ المُلمّاتِ
ويشهدون الوغى من فَرْطِ نَجْدَتهمْ … والرُّعبُ فاشٍ بألبابٍ خَليَّاتِ
كأنّ أيديهمْ في النّاسِ ما خُلقتْ … إلاّ لبذلِ الأيادي والعَطِيّاتِ
مُقَدَّمينَ على كلِّ الأنامِ عُلاً … مُحَكّمين على كلِّ القضياتِ
فإنْ تَقِسْهُمْ تَجِدْهُمْ مَنزلاً وبنًا … طالوا النّجومَ التي فوقَ السّماواتِ
قد فُقْتَهُمْ بِمزيّاتٍ خُصِصْتَ بها … هذا على أنَّهمْ فاقوا البريّاتِ
عندَ الجِمارِ منَ الكُومِ المسنّاتِ … أخَذتَها لك من أيدي النجيباتِ
وكنتَ فضلاً وديناً يُستضاءُ به … خلطتَ للمجدِ أبياتًا بأبياتِ
إنَّ الرَّئيس الّذي رأسَ الأنامَ بما … حواهُ من فضلهِ قبلَ الرِّياساتِ
… فاجَّمَّلّتْ فيك أدراعُ الوزاراتِ
جاءتكَ عَفواً ولم تبعثْ لها سَبباً … ولا بسطتَ إليها قبضَ راحاتِ
وقد أتاني فيما زارني خبرٌ … فطال منه قُصارَى كلِّ ساعاتي
سقاني المُرَّ من كأسيهِ “واستلبتْ” … يُمناهُ من بَصري لذّاتِ هَجْعاتي
إن اضطجعتُ فمنْ شوكِ القنا فُرشي … وإنْ مَشَيتُ فواطٍ فوقَ جَمْراتِ
قالوا: اشْتَكى مَنْ يوَدّ النَّاسُ أنَّهُمُ … كانوا الفداءَ له دونَ الشِّكاياتِ
ولم أزّلْ مشفقاً حتى علمتُ بما … أنالَهُ اللهُ من ظِلِّ السَلاماتِ
وبشّروا بالعوافي بعد أن مُطِلَتْ … بُشْرى ولكنَّها لا كالبشاراتِ
فعشْ كما شئتَ من غِزٍّ يطيفُ بهِ … للهِ جيشٌ كثيفٌ مِن كفاياتِ
ولا بُلِيتَ بمكروهٍ ولا قَصُرَتْ … منك الأناملُ عن نيلِ المحبّاتِ
“فلم” تكن مُعْنِتاً من ذا الورى بشراً … فكيف تُبلى من الدنيا بإعْناتِ؟