عنّ الخيالُ لنا ليالى الأبرقِ … والرَّكبُ بينَ مُسهَّدٍ ومؤرَّقِ
ومصرّعين من الكلال كأنّهمْ … صَبحوا وما صَبحوا بكلِّ مُروَّقِ
متوسِّدين وقد أَمالَ رقابَهمْ … سُكرُ الكَرَى لهم خُدودَ الأينُقِ
إنْ كان زُوراً باطلاً فَلَطعمُهُ … حلوٌ شهيٌّ في فم المتذوِّقِ
لم ينههَ عنّى تقوّسُ صعدتى … والشّيبُ يضحك ثغره فى مفرقى
ومُرشَّفِ الوَجناتِ لولا حسنُهُ … سَلَتِ القلوبُ معاً فلم تَتَعشَّقِ
يَسبي العيونَ بحُسنِ خدٍّ مُونقٍ … حاز الجمالَ وغضِّ قَدٍّ مُورقِ
وافى وهاماتُ الكواكبِ ميّلٌ … والصُّبحُ قد أَلقَى يداً في المشرقِ
واللّيلُ فى بردٍ رقيقٍ أزرقٍ … سملٍ ولكنْ بعدُ لم يتخرّقِ
بردتْ زيارتهُ غليلَ تحرّقى … وشَفتْ وما علمتْ طويلَ تشوُّقي
مازدتهُ شيئاً وبين جوانحى … لهبُ الغرام على الحديثِ المونقِ
يالائمى فى الحبِّ لو قاسيته … لعلمتَ أنَّك كاذبٌ لم تَصدُقِ
ما كنتَ للعذلِ الذي لم تُلفِني … أُصغي إِليه منَ الصَّبابة ِ مُعنِقي
فدعِ الملامة َ لا مفيقٌ من هوى ً … فينا ولا في رأيه من مُفْرِقِ
قل للوزير أبى المعالى وابنها … وسليلِ كلِّ نجيبة ٍ لم تخفقِ
يا سيِّدَ الوزراءِ من ماضٍ ومِن … آتٍ ومخلوقٍ ومن لم يخلقِ
لازلتَ بينَ تملُّكٍ وتحكُّمٍ … أبداً وبين تصعّدٍ وتحلّقِ
في خَفضِ عيشٍ لا يزولُ نطاقُهُ … عن ساحتيك وظلّ عزٍّ محدقِ
للهِ دَرُّك حيثُ تَشْتجِرُ القَنا … تحتَ العجاجِ على ظهورِ السُّبَّقِ
واليومُ غصّانٌ بكلِّ مجدّلٍ … فوق الثّرى وبأذرعٍ وبأسوقِ
والموتُ يستلبُ النّفوسَ بطعنة ٍ … أو ضربة ٍ فكأنّما لم تخلقِ
أوقدته حتى استطار شراره … وغمرتَ فيه فيلقاً فى فيلقِ
وعصابة ٍ مرقتْ فرضتَ جماحها … حتّى التوى فكأنَّما لم تمرُقِ
أنزلتها قسراً على حكم الظّبا … وقضيَّة ِ العالي الأشَمِّ الأزرَقِ
والبيضُ بين مسلّمٍ ومثلّمٍ … والسّمرُ بين مصحّحٍ ومدقّقِ
لاتحفلنْ بالغابطين على الذى … أوتيتَ من بحر الفخارِ المفهقِ
وقهرتهمْ بمحلّة ٍ لاترتقى … وبهرتَهمْ في جودك المتدفِّقِ
ودع الحسودَ يقول ماهو أهلهُ … فالقولُ بين مكذّبٍ ومصدّقِ
ليس الحسودُ وإنْ تموَّه أمرُهُ … فى النّاس إلاّ كالعدوِّ المحنقِ
أنا فى بنى عبد الرّحيم مخيّمى … وإذا علقتُ فمنهمُ متعلّقى
وبنشرهمْ عبقٌ ولولا أنّه … يا صاحبي نشرٌ لهمْ لم أعْبَقِ
أعطيتُهُمْ ودِّي ولو بيدي المنى … شاطرتُهمْ من مدَّتي ماقد بَقي
ولوَ أنَّ في كفِّي الشّبابَ وقد مضى … لبذلتهُ وخصصتهمْ بالرّيقِ
فى أى ّ شعبٍ من شعوبِ مرادهمْ … حتّى أتاهمَ لم أخبَّ وأعنقِ
فبأى أمرٍ فيهمُ لم ألتبسْ … وبأيِّ حبلٍ منهمُ لم أعلَقِ
كم أنقذوا من حتفِ كربٍ واسعٍ … أو أخرجوا من كفِّ خَطبٍ ضيِّقِ
ورقَوْا منَ العلياء مالا يُرتقَى … وأَتَوا منَ الغايات مالم يُلحَقِ
ومتى رأيتَهمُ رأيتَ تقرُّبي … من دارهمْ وتخصّصى وتحقّقى
لاباعدَ اللهُ اللِّقاءَ ولارمَى … شملاً يضمّ جميعنا بتفرّقِ
قد زارنا التّحويلُ يخبر أنّه … أبداً يقابلنا بوجهٍ مُشرقِ
صقلَ الإلهُ حُسامَه وأزارَه … طَلْقاً بكلِّ تهلُّلٍ وتألُّق
كم ذا لنا أملٌ به متنظَّرٌ … شَوقاً ومن قلبٍ به متعلِّقِ
وكساهُ من حُلَلِ القَبول مَجاسداً … ما كنَّ من وشْيٍ ومن إستَبْرَقِ
وبه مفاخرُ دهرِنا وعلاؤهُ … دون الدّهور على الجبال الشّهّقِ
وإذا استمعتَ فلا تُصِخْ إلاّ إلى … كلمٍ جلبن على الورى من منطقى
في رونقٍ بَهِجٍ، وليس برائقٍ … ما لم يكن عذباً ولا ذا رونقِ
ومنمّقِ طبعاً وكلُّ منمّقٍ … بتعسّفٍ يلقاك غيرَ منمّقِ
وإذا نطقتُ بغير مدح فضائلٍ … جمعتْ لكمْ فكأنّنى لم أنطقِ