إنْ تُذعَرِ الوَحشُ مِنْ رَأسي وَلِمَّتِهِ … فَقَدْ أصِيدُ بها الغِزْلانَ وَالبَقَرَا
قُلتُ لمَوْتَى وَخُوصٍ إذْ وَقَعنَ بهمْ … يَصرِفْنَ جَهداً وَلم تَستَطعمِ الجِرَرَا
إنّ النّدى وَيدَ العَبّاسِ، فارْتَحِلوا، … مِثْلُ الفُراتِ إذا ما مَوْجُهُ زَخَرَا
إنْ تَبْلُغوهُ تَكونُوا مِثلَ مُنتَجِعٍ … غَيْثاً يَمُجّ ثَآهُ المَاءَ وَالزَّهَرَا
إلَيكَ أُرْحِلَتِ الأحقابُ وَاختَلَطتْ … بها الغُروضُ ولاقَى الأعيُنُ السَّهَرَا
وَما جَلَوْنَ لَنا عَيْناً، فَنُطْمِعَها … بالنّوْمِ إلاّ مَعَ الإصْباحِ إذْ حَشَرَا
إذْ وَقَعَتْ كوُقوعِ الطّيرِ وَانّجَدلَتْ … رُكبانُها حِينَ لاقَى الأزْرُعُ القَصَرَا
مِثْلَ الجَرَاثِيمِ مَوْتَى حينَ حَلّ بهم … طول السُّرَى ركبوا أعضادَها إنّ أبا الحَارِثِ العَبّاسَ نَائِلُهُ
مِثلُ السَّماكِ الذي لا يُخلِفُ المَطرَا … يَداهُ: هذي حَياً للناسِ يَعْصِمُهُمْ،
وَيَجْعَلُ الله في الأخرَى لهُ الظَّفَرَا … يا أكْرَمَ الناسِ إذْ هَزّوا عَوَاليَهُمْ،
وَأطْيَبَ النّاسِ عِندَ الخُبرِ مُعتَصَرَا … إني سَمِعْتُ بجَيْشٍ أنْتَ قَائِدُهُ،
وَوَقْعَةٍ رَفَعَتْ أيّامُهَا مُضَرَا … لمّا التَقَى الناسُ يَوْمَ البأسِ كنتَ لهمْ
ضَوْءاً وَمِرْدى حروبٍ يَهدِمُ الحجرَا … وَأنْتَ وَالناسُ يَوْمَ البأسِ قد علموا
كالنّارِ حِينَ أطارَ الجاحِمُ الشّرَرَا … وَلَوْ لَقِيتَ الّذي تُكْنى بكُنْيَتِهِ،
فاسطاعَ مِنكَ، أبا الأشبالِ، لا نجَحَرَا … يا ابنَ الخَلائِفِ إنّ الخيل قد علمتْ
إذا أثَارَتْ على أبْطالِهَا القَتَرَا … أنّكَ أوّلُهُمْ طَعْناً، وَأعْطَفُهُمْ
وَرَاءَ مُرْهَقِ أُخْرَاهُمْ إذا جأرَا … وَصَابِرٍ بِكَ لَوْلا ما رَأى صَنَعَتْ
يَداكَ بِالخَيْلِ وَالأبْطالِ ما صَبَرَا … إنّ الوَلِيدَ أبَا العَبّاسِ أوْرَثَهُ
مِنَ المَكارِمِ مِنها الرُّجّحُ الكُبَرَا … وَجَفْنَةً مِثلَ حَوْضِ البِئرِ مُترَعَةً
تطْرُدُ عَمّنْ أتاهَا الجُوعَ وَالخَصَرَا … جَوْفاء، شِيزِيّةً، مَلأى، مُكَلَّلةً
مِنَ السّنامِ تَرَى مِنْ حَوْلها عَكَرَا … مِنَ الرِّجالِ وَأيْفاعٍ قَدِ احتُمِلُوا
مُؤزَّرِينَ، وَمِثلَ البَهْمِ ما اتّزَرَا … كِلاهُما مُشْبَعً، رَيّانُ وَارِدُهُ،
الأيِّبُونَ إلَيْهَا وَالّذِي بَكَرَا … إنّ النّدى صَاحِبَ العبّاسِ حَالَفَهُ
وَالجودَ هُمْ إخوَةٌ قد أغرَقوا البَشَرَا … حَثْياً بِأيْدِيهِمِ المَعْرُوفَ نَائِلُهُ،
تَفْتُرُ عَنْهُ الصَّبَا وَالجُودُ ما فَتَرَا … إنّا أتَيْنَاكَ إذْ حَلّتْ بِسَاحَتِنَا
مِنَ السّنينَ عَضُوضٌ تَفْلِقُ الحجرَا … مُنتَجعيكَ انْتِجاع الغيْثِ إذْ وَقَعَتْ
أشْرَاطُهُ بحَياً يُحْيي بِهِ الشَّجرَا … إنّا وَإيّاكَ كالدَّلْوِ التي وَقَعَتْ
عَلى يَدَيْ مائِحٍ بالحَمدِ ما شَعَرَا … مِنْ مَاتِحٍ لمْ يَجِدْ دَلْواً فُيورِدَها
عَلَيهِ إلاّ مِنَ الحَمدِ الذي ظَهَرَا … يا ابنَ الوَليدِ ألَيسَ النّاسُ قد عَلموا
أنّكَ وَالسّيْفَ إسْلامٌ لمَنْ كَفَرَا … مِنْ نَازِعٍ طاعَةً حَتى تَكُونَ لَهُ
بَعْدَ العَمَى مِنْ فُؤادٍ ناكِثٍ بصرَا … لأمْدَحَنّكَ مَدْحاً لا يُوَازِنُهُ
مَدْحٌ إذا أنشَدَ الرّاوِي به هَدَرَا … وَالقَوْمُ لَوْ بادَرُوكَ المَجْدَ لاعترَفوا
عَلَيْهمُ في يَدَيكَ الشّمسَ وَالقَمَرَا … ما اقتَسَمَ الناسُ مِنْ مِيرَاثِ مُقتَسَمٍ
عِندَ التُّرَاثِ إذا في قَبْرِهِ انْحَدَرَا … مِثْلَ تُرَاثِ أبي العَبّاسِ أوْرَثَهُ
مِنَ الطِّعانِ وَبَينَ الأعيُنِ الغُرَرَا … وَالعَبْطُ للنِّيبِ حَتى لا تَهُبّ لهَا
رِيحٌ، وَيَقْتُلُ بِالمَأدُومَةِ القِرَرَا … يا ابنَ السّوَابقِ إنْ مدّوا إلى حَسَبٍ
وَالأعْظَمِينَ إذا ما خاطَرُوا خَطَرَا … وَالغابِقِينَ مِنَ المَحْضَينِ جارَتَهُمْ
والزّائِديها إلى اسْتِحْيائِهَا خَفَرَا … وَلَيْسَ مُتْبِعَ مَعْرُوفٍ تَنُولُ بِهِ