إثْلِثْ فإنّا أيّهَا الطّلَلُ … نبْكي وَتُرْزِمُ تَحْتَنَا الإبِلُ
أوْ لا فَلا عَتْبٌ عَلى طَلَلٍ … إنّ الطّلُولَ لمِثْلِهَا فُعُلُ
لَوْ كُنْتَ تَنْطِقُ قُلتَ مُعتَذِراً … بي غَيرُ ما بكَ أيّهَا الرّجُلُ
أبكاكَ أنّكَ بَعضُ مَن شَغَفُوا … لم أبكِ أنّي بَعضُ مَن قَتَلُوا
إنّ الذينَ أقَمْتَ وَارْتَحَلُوا … أيّامُهُمْ لِدِيَارِهِمْ دُوَلُ
الحُسْنُ يَرْحَلُ كُلّمَا رَحلوا … مَعَهُمْ وَيَنْزِلُ حَيثُمَا نَزَلُوا
في مُقْلَتيْ رَشَإٍ تُديرُهُمَا … بَدَوِيّةٌ فُتِنَتْ بهَا الحِلَلُ
تَشكُو المَطاعِمُ طولَ هِجرَتِها … وَصُدودَها وَمَنِ الذي تَصِلُ
ما أسْأرَتْ في القَعْبِ مِن لَبَنٍ … تَرَكَتهُ وَهوَ المِسكُ وَالعَسَلُ
قالَتْ ألا تَصْحُو فَقُلتُ لَهَا … أعْلَمْتِني أنّ الهَوَى ثَمَلُ
لَوْ أنّ فَنّاخُسْرَ صَبّحَكُمْ … وَبَرَزْتِ وَحْدَكِ عاقَهُ الغَزَلُ
وَتَفَرّقَتْ عَنكُمْ كَتَائِبُهُ … إنّ المِلاحَ خَوَادِعٌ قُتُلُ
مَا كُنتِ فَاعِلَةً وَضَيْفُكُمُ … مَلِكُ المُلُوكِ وَشأنُكِ البَخَلُ
أتُمَنّعِينَ قِرىً فتَفْتَضِحي … أمْ تَبْذِلينَ لَهُ الذي يَسَلُ
بَلْ لا يَحِلّ بحَيْثُ حَلّ بِهِ … بُخْلٌ وَلا خَوَرٌ وَلا وَجَلُ
مَلِكٌ إذا مَا الرُّمحُ أدرَكَهُ … طَنَبٌ ذَكَرْنَاهُ فَيَعْتَدِلُ
إنْ لم يَكُنْ مَن قَبلَهُ عَجَزُوا … عَمّا يَسُوسُ بهِ فَقد غَفَلُوا
حتى أتَى الدّنْيَا ابنُ بَجدَتِهَا … فَشكَا إلَيْه السّهلُ وَالجَبَلُ
شكوَى العَليلِ إلى الكَفيلِ لَهُ … أنْ لا تَمُرَّ بجِسْمِهِ العِلَلُ
قالَتْ فَلا كَذَبَتْ شَجاعَتُهُ … أقْدِمْ فنَفْسُكَ مَا لهَا أجَلُ
فَهُوَ النّهَايَةُ إنْ جَرَى مَثَلٌ … أوْ قيلَ يَوْمَ وَغىً منِ البَطَلُ
عُدَدُ الوُفُودِ العَامِدينَ لَهُ … دونَ السّلاحِ الشُّكلُ وَالعُقُلُ
فَلِشُكْلِهِمْ في خَيْلِهِ عَمَلٌ … وَلِعُقْلِهِمْ في بُخْتِهِ شُغُلُ
تُمْسِي على أيْدي مَوَاهِبِهِ … هِيَ أوْ بَقِيّتُهَا أوِ البَدَلُ
يُشْتَاقُ مِنْ يَدِهِ إلى سَبَلٍ … شَوْقاً إلَيْهِ يَنْبُتُ الأسَلُ
سَبَلٌ تَطُولُ المَكْرُماتُ بِهِ … وَالمَجْدُ لا الحَوْذانُ وَالنَّفَلُ
وَإلى حَصَى أرْضٍ أقَامَ بهَا … بالنّاسِ مِنْ تَقبيلِهِ يَلَلُ
إنْ لم تُخَالِطْهُ ضَوَاحِكُهُمْ … فَلِمَنْ تُصَانُ وَتُذخَرُ القُبَلُ
في وَجْهِهِ مِنْ نُورِ خَالِقِهِ … غُرَرٌ هيَ الآيَاتُ وَالرّسُلُ
فإذا الخَميسُ أبَى السّجودَ لهُ … سَجَدَتْ لَهُ فيهِ القَنَا الذُّبُلُ
وَإذا القُلُوبُ أبَتْ حُكُومَتَهُ … رَضِيَتْ بحُكمِ سُيُوفِهِ القُلَلُ
أرَضِيتَ وَهشُوذانُ ما حكَمَتْ … أمْ تَسْتَزِيدَ لاُِمّكَ الهَبَلُ
وَرَدَتْ بِلادَكَ غيرَ مُغْمَدَةٍ … وَكَأنّهَا بَينَ القَنَا شُعَلُ
وَالقَوْمُ في أعيانِهِمْ خَزَرٌ … وَالخَيْلُ في أعيانِهَا قَبَلُ
فأتَوْكَ لَيسَ بمَنْ أتَوْا قِبَلٌ … بهِمِ وَلَيسَ بمَنْ نَأوْا خَلَلُ
لم يَدْرِ مَنْ بالرّيّ أنّهُمُ … فَصَلُوا وَلا يَدري إذا قَفَلُوا
وَأتَيْتَ مُعْتَزِماً وَلا أسَدٌ … وَمَضَيْتَ مُنهَزِماً وَلا وَعِلُ
تُعْطي سِلاحَهُمُ وَرَاحَهُمُ … مَا لمْ تَكُنْ لِتَنَالَهُ المُقَلُ
أسخَى المُلُوكِ بِنَقْلِ مَملَكَةٍ … مَنْ كادَ عَنْهُ الرّأسُ يَنتَقِلُ
لَوْلا الجَهَالَةُ مَا دَلَفْتَ إلى … قَوْمٍ غَرِقْتَ وَإنّمَا تَفَلُوا
لا أقْبَلُوا سِرّاً وَلا ظَفِرُوا … غَدْراً وَلا نَصَرَتْهُمُ الغِيَلُ
لا تَلْقَ أفرَسَ منكَ تَعْرِفُهُ … إلاّ إذا ما ضاقَتِ الحِيَلُ
لا يَسْتَحي أحَدٌ يُقَالُ لَهُ … نَضَلُوكَ آلُ بُوَيْهِ أوْ فَضَلُوا
قَدَرُوا عَفَوْا وَعدوا وَفَوْا سُئلوا … أغنَوْا عَلَوْا أعْلَوْا وَلُوا عَدَلوا
فَوْقَ السّمَاءِ وَفَوْقَ ما طلَبوا … فإذا أرادوا غايَةً نَزَلُوا
قَطَعَتْ مكارِمُهُمْ صَوَارِمَهمْ … فإذا تَعَذّرَ كاذِبٌ قَبِلُوا
لا يَشْهَرُونَ عَلى مُخالِفِهِمْ … سَيْفاً يَقُومُ مَقَامَهُ العَذَلُ
فأبُو عَليٍّ مَنْ بهِ قَهَرُوا … أبُو شُجَاعٍ مَنْ بِهِ كمَلُوا
حَلَفَتْ لِذا بَرَكاتُ غُرّةِ ذا … في المَهْدِ أنْ لا فَاتَهُ أمَلُ