بَكَت وَهيَ صَرعى مِن هُمومٍ تَحيقُها … كَبائِسَةٍ في الناسِ ضاعَت حُقوقُها
وَصارَت تَوالي بِالشَهيقِ أَنينَها … فَأَسمعني لحنَ الحَياةِ شَهيقُها
وَأَلقَت عَلى صَدري مِن الحُزنِ رَأسها … غَريبَةُ دارٍ قَد نَآها صَديقُها
وَأَدمعُها كانَت رَحيقاً مذوَّباً … فَأَكسرَ قَلبي المُستَهامَ رَحيقُها
وَلمّا اِستَتَبَّ النَومُ في غُلبِ عَينِها … وَنامَ كَما نامَ الجَريحُ خفوقُها
سكتُّ فَلَم أَلهَث حذار تَنهدّي … يَمُرُّ عَلى أَجفانِها فَيفيقُها
وَكانَ ظَلامُ اللَيلِ يرخي سدولَه … وَأَنجُمهُ يذوي النُفوسَ بَريقُها
كَأَنَّ شُعاعَ الزُهر في شاسِعِ الفَضا … سِهامٌ عَلى قَلبِ الوُجودِ مروقُها
فَقُلتُ وَفي صَدري مِن الدَمعِ بركَةٌ … تحمَّلَ أَقذار الحَياةِ عَميقُها
إِذا كانَتِ الظَلماءُ فينا مُنيرَةً … فَأَحرى بِها أَلّا يَزولَ غسوقُها
أَحَقُّ بِنا الظَلماءُ من كُلِّ وجهَةٍ … فَفينا وُجوهٌ يُستَبَدُّ صَفيقُها
وَفينا حَزازاتٌ إِلى البَغي تَنتَمي … وَفينا شفاهٌ من طِلى الحِقدِ ريقُها
نَظَرتُ إِلى مَن خدَّدَ الدَمعُ خدَّها … فَأَلفَيتُ شَمساً لا يَغيبُ شُروقُها
كَأَنَّ نثارَ الدَمعِ تبرٌ بِعَينِها … يذوِّبهُ فَوق العَقيقِ مريقُها
فَقُلتُ عَزيزٌ يا بَني الشَرق أَن نَرى … الفَضيلَةَ يَمشي في المَكاسِدِ سوقُها
تَهيم وَلا تَدري طَريقَ نَجاتِها … كَأَنَّ ضلالَ العالَمينَ طَريقُها
هيَ الزهرةُ البَيضاءُ في عوسَجِ الوَرى … يحفّ بِها شوكُ الخَنا وَيُحيقُها
وَقَد عَصَفَت ريحٌ عَلَيها شَديدَةٌ … فَنَثَّرها مِثل الدُموعِ خريقُها
هيَ النِجمَةُ الزَهراءُ في حَدَقِ الدُجى … يُسامِرُها بَدرُ العَفافِ شَقيقُها
وَلكِنَّ غيمَ الجَهلِ لاصِقَ نورَها … فَحَجَّبَها عن كُلِّ عينٍ لَصيقُها
هيَ اِبنَةُ آمالي وَلكِن سَجينَةٌ … تناسى هَواها الكُلُّ حَتّى عَشيقُها
يَشوق فُؤادي أَن يَراها طَليقَةً … وَلكن قُيودُ الظُلمِ لَيس يشوقُها
غَفَت مِلءَ عَينَيها وَلكِنَّ روحَها … تَرَدَّدَ في صَدرِ الحَياةِ زُهوقُها
كَأَنَّ الَّذي أَخنى عَلَيها بِجورِه … إِلى هوَّةِ الإِعدامِ جاءَ يَسوقُها
أَشاحَ خَيالُ الحُبِّ عَنها بِوَجهِهِ … وَأَعرَضَ عَنها في الحَياةِ رَفيقُها
فَما وَجَدَت إِلا المَدامِعَ مُؤنِساً … لذلِكَ في كلِّ الظُروفِ تُريقُها