جفا ودهُ فازور أو مل صاحبهُ … وأزرى به أن لا يزال يعاتبه
خَلِيليَّ لاَ تسْتنْكِرا لَوْعَة َ الْهوى … ولا سلوة المحزون شطت حبائبهُ
شفى النفس ما يلقى بعبدة عينهُ … وما كان يلقى قلبهُ وطبائبه
فأقْصرَ عِرْزَامُ الْفُؤاد وإِنَّما … يميل به مسُّ الهوى فيطالبهُ
إِذَا كان ذَوَّاقاً أخُوكَ منَ الْهَوَى … مُوَجَّهَة ً في كلِّ أوْب رَكَائبُهْ
فَخَلّ لَهُ وَجْهَ الْفِرَاق وَلاَ تَكُنْ … مَطِيَّة َ رَحَّالٍ كَثيرٍ مَذاهبُهْ
أخوك الذي إن ربتهُ قال إنما … أربت وإن عاتبته لان جانبه
إذا كنت في كل الأمور معاتباً … صَديقَكَ لَمْ تَلْقَ الذي لاَ تُعَاتبُهْ
فعش واحدا أو صل أخاك فإنه … مقارف ذَنْبٍ مَرَّة ً وَمُجَانِبُهْ
إِذَا أنْتَ لَمْ تشْربْ مِراراً علَى الْقذى … ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه
وليْلٍ دَجُوجِيٍّ تنامُ بناتُهُ … وأبْناؤُه منْ هوْله وربائبُهْ
حميتُ به عيني وعين مطيتي … لذيذ الكرى حتى تجلت عصائبه
ومَاءٍ تَرَى ريشَ الْغَطَاط بجَوِّه … خَفِيِّ الْحَيَا ما إِنْ تَلينُ نَضَائُبهْ
قَريبٍ منْ التَّغْرير نَاءٍ عَن الْقُرَى … سَقَاني به مُسْتَعِملُ اللَّيْل دَائبُهْ
حليف السرى لا يلتوي بمفازة … نَسَاهُ وَ لاَ تَعْتَلُّ منْهَا حَوَالبُهْ
أمَقُّ غُرَيْريٌّ كأنَّ قُتُودَهُ … على مثلث يدمى من الحقب حاجبه
غيور على أصحابه لا يرومهُ … خَليطٌ وَلا يَرْجُو سوَاهُ صَوَاحبُهْ
إِذَا مَا رَعَى سَنَّيْن حَاوَلَ مسْحَلاً … يجد به تعذامه ويلاعبه
أقب نفى أبناءه عن بناته … بذي الرَّضْم حَتَّى مَا تُحَسُّ ثَوَالبُهْ
رَعَى وَرَعيْنَ الرَّطْبَ تسْعينَ لَيْلَة ً … على أبقٍ والروض تجري مذانبه
فلما تولى الحر واعتصر الثرى … لَظَى الصَّيْف مِنْ نَجْمٍ تَوَقَّدَ لاَهِبُهْ
وَطَارَتْ عَصَافيرُ الشَّقائق وَاكْتَسَى … منَ الآل أمْثَالَ الْمُلاَءِ مَسَاربُهْ
وصد عن الشول القريع وأقفرت … ذُرَى الصَّمْد ممَّا اسْتَوْدَعَتْهُ مَوَاهبُهْ
وَلاَذَ الْمَهَا بالظِلِّ وَاسْتَوْفَضَ السَّفَا … منَ الصَّيْف نَئَاجٌ تَخُبُّ مَوَاكبُهْ
غَدَتْ عَانَة ٌ تَشْكُو بأبْصَارهَا الصَّدَى … إلى الجأب إلا أنها لا تخاطبه
وظلَّ علَى علياءَ يَقْسِمُ أمْرهُ … أيَمْضِي لِوِرْد بَاكِراً أمْ يُواتـبُهُ
فلمَّا بدا وجْهُ الزِّمَاعِ وَرَاعَهُ … من الليل وجه يمم الماء قاربه
فَبَاتَ وقدْ أخْفى الظَّلاَمُ شُخُوصَها … يُنَاهبُها أُمَّ الْهُدى وتُناهبُهْ
إذا رقصت في مهمه الليل ضمها … إِلَى نَهجٍ مِثْلَ الْمَجَرَّة لاَحِبُهْ
إلى أن أصابت في الغطاط شريعة ً … من الماء بالأهوال حفت جوانبه
بها صَخَبُ الْمُسْتوْفِضات علَى الْولَى … كما صخبت في يوم قيظ جنادبه
فأقبلها عرض السري وعينهُ … ترود وفي الناموس من هو راقبه
أخُو صيغة ٍ زُرْقٍ وصفْراءَ سمْحة ٍ … يَجاذبُها مُسْتحْصِدٌ وتُجاذبُهْ
إذا رزمت أنَّت وأنَّ لها الصدى … أَنين الْمريض للْمريض يُجاوبُهْ
كأن الغنى آلى يميناً غليظة ً … عليه خلا ما قربت لا يقاربه
يؤول إلى أم ابنتين يؤودهُ … إِذا ما أتاها مُخْفِقاً أوْ تُصاخبُهْ
فلما تدلى في السري وغره … غليلُ الْحشا منْ قانصٍ لاَ يُواثبُهْ
رمى فأمر السهم يمسح بطنه … ولبَّاته فانْصاع والْموْتُ كاربُهْ
ووافق أحجاراً ردعن نضيهُ … فأصبح منها عامراهُ وشاخبه
يخاف المنايا إن ترحلت صاحبي … كأنَّ الْمَنَايَا في الْمُقَامِ تُناسبُهْ
فقُلْتُ لهُ: إِنَّ العِراق مُقامُهُ … وَخِيمٌ إِذا هبَّتْ عليْك جنائبُهْ
لعلَّك تسْدْني بسيْرك في الدُّجى … أخا ثقة ٍ تجدي عليك مناقبهْ
من الْحيِّ قيْسٍ قيْسِ عيْلاَن إِنَّهُمْ … عيون الندى منهم تروى سحائبه
إذا المجحد المحروم ضمت حبالهُ … حبائلهم سيقت إليه رغائبه
ويومٍ عبوريٍّ طغا أو طغا به … لظاهُ فما يَرْوَى منَ الْمَاء شَاربُهْ
رفعت به رحلي على متخطرفٍ … يزفُّ وقد أوفى على الجذل راكبهْ
وأغبر رقَّاص الشخوص مضلة ً … مَوَاردُهُ مَجْهُولَة ٌ وَسَباسبُهْ
لألقى بني عيلان إن فعالهم … تزيدُ علَى كُلِّ الْفعَال مَرَاكبُهْ
ألاك الألى شقوا العمى بسيوفهم … عن الغي حتى أبصر الحق طالبه
إذا ركبوا بالمشرفية والقنا … وأصبح مروان تعدُّ مواكبه
فأيُّ امْرىء ٍ عاصٍ وأيُّ قبيلة ٍ … وأرْعَنَ لاَ تبْكي عليْه قرائبُهْ
رويداً تصاهلُ بالعراقِ جيادنا … كأنكَ بالضحاك قَدْ قَامَ نادِبُهْ
وَسَامٍ لمرْوانٍ ومِنْ دُونِهِ الشَّجَا … وهوْلٌ كلُجِّ الْبحْر جَاشتْ غواربُهْ
أحلَّتْ به أمُّ الْمنايا بناتِها … بأسيافنا إنا ردى من نحاربه
وما زال منَّا مُمْسكٌ بمدينة … يراقب أو ثغر تخاف مرازبه
إِذَا الْملِكُ الْجبَّارُ صَعَّر خدَّهُ … مَشَيْنا إِليْه بالسُّيوف نُعاتبُهْ
وكُنَّا إِذا دَبَّ الْعدُوَّ لسُخْطِنَا … ورَاقَبَنا في ظاهرٍ لا نُراقُبْه
ركِبْنا لهْ جهْراً بكُلِّ مُثقَّفٍ … وأبْيضَ تَسْتَسْقِي الدِّماءَ مضاربُهْ
وجيش كجنح الليل يرجف بالحصى … وبالشول والخطي حمر ثعالبهْ
غَدَوْنا لهُ والشَّمْسُ فِي خِدْرِ أُمِّها … تُطالِعُنا والطَّلُّ لمْ يجْرِ ذائِبُهْ
بِضرب يذُوقُ الْموْت منْ ذاق طَعَمَهُ … وتُدْرِكُ منْ نَجَّى الْفِرارُ مثالِبُهْ
كأن مُثار النقع فوق رؤوسهم … وأسيافنا ليلٌ تهاوت كواكبه
بعثنا لهم موت الفجاءة إننا … بنُو الْمُلْكِ خفَّاقٌ عليْنا سَبَائبُهْ
فراحُوا: فرِيقاً فِي الإِسارِ ومِثْلُهُ … قتِيلٌ ومِثْلُ لاذَ بالْبحْرِ هارِبُهْ
وأرْعنَ يغْشَى الشَّمْسَ لوْنُ حدِيدِهِ … وتخلس أبصار الكماة كتائبه
تغص به الأرض الفضاء إذا غدا … تزاحم أركان الجبال مناكبه
كأن جناباويه من خمس الوغى … شَمامٌ وَسلْمَى اوْ أَجأ وكواكِبُهْ
تركنا به كلباً وقحطان تبتغي … مَجِيراً من القتْلِ المُطِلِّ مَقانِبُهْ
أباحَتْ دِمَشْقاً خيْلُنا حين أُلْجِمَتْ … وآبت بها مغرور حمصٍ نوائبه
ونالت فلسطيناً فعرد جمعها … عَنِ الْعارض المُسْتنِّ بِالْمَوتِ
وقدْ نزلتْ مِنَّا بِتدْمُرَ نوْبَة ٌ … كذاك عُرُوضُ الشَّرّ تعْرُو نوائبه
تعود بنفس لا تزل عن الهدى … كمَا زَاغَ عَنْهُ ثابِتٌ وأقارُبه
دعا ابن سماكٍ للغواية ثابتٌ … جِهَاراً ولمْ يُرْشدْ بَنيهِ تَجَاربُه
ونادى سعيداً فاستصب من الشقا … ذنُوباً كمَا صُبَّتْ عَليْهِ ذنائبُه
ومن عَجَبٍ سَعْيُ ابْن أغْنمَ فيهمُ … وعثمان إن الدهر جم عجائبه
ومَا منْهُمّا إِلاَّ وطار بشخْصِهِ … نجيبٌ وطارت للكلاب رواجبه
أمَرْنا بهمْ صَدْرَ النَّهَارِ فصُلِّبُوا … وأمسى حميدٌ ينحتُ الجذع صالبه
وباط ابن روح للجماعة إنهُ … زأرنا إليه فاقشعرت ذوائبه
وبِالْكُوفة ِ الحُبْلَى جَلَبْنا بِخَيْلِنا … عليهم رعيل الموت إنا جوالبه
أقمنا على هذا وذاك نساءهُ … مَآتِمَ تَدْعُو للبُكا فتُجاوِبه
أيامى وزوجاتٍ كأن نهاءها … على الحزن أرءامُ الملا ورباربه
بَكيْن عَلى مِثل السِّنانِ أصَابَهُ … حِمَامٌ بأيْدِينا فهُنَّ نوادِبُه
فلمّا اشْتَفيْنا بِالْخِليفة ِ منْهُمُو … وصال بنا حتى تقضت مآربه
دَلْفَنا إِلَى الضَّحَّاك نَصْرفُ بالرَّدَى … ومروان تدمى من جذام مخالبه
معِدِّينَ ضِرْغاماً وَأسْودَ سَالِخاً … حُتُوفاً لمَنْ دَبِّتْ إِلَيْنَا عَقَاربُهْ
وما أصبح الضحاكُ إلا كثابتٍ … عَصَانَا فَأرْسلْنَا المنيَّة تَادبُهْ