أقْوى وعُطِّلَ مِنْ فُرَّاطَة َ الثَّمَدُ … فالربع منك ومن رياك فالسند
فالهضب أوحش ممن كان يسكنه … هضب الوراق فما جادت له الجمد
فمَنْ عهِدْتُ بِهِ الأُلاَّفَ تسْكُنُهُ … فالْعرْجُ تلاَقى الْقاعُ والْعُقَدُ
فافوا المنازل من نجدٍ وساكنه … فما دريتُ لأنى طية ٍ عمدوا
لكن جرت سنح بيني وبينهم … والأشأمان غراب البين والصرد
صاحا بسيرهم حتى استحث بهم … وبَالْخليطِ مِن الْجِيرانِ فانْجردُوا
وخلَّفُوا لَك آثاراً مُدعْثرة ً … مِمَّا يُلبَّدُ مِنْها فهْو مُلْتبِدُ
إلا العراص وإلا الهدب من دمنٍ … عَلى هدامِلِهَا الأَهْدامُ والنَّجدُ
ومن مباءة ربعانٍ ومن عطنٍ … يدب بينهم القردان والقرد
وملعبٍ لجوار ينتقدن به … وكُلِّ مُنْتَزَة ٍ للَّهْوِ مُنْتَقَدُ
بانوا بهن وفي الأحداج غانية … فِي جِيدِها ومتالِي ليتِها غَيَدُ
عَبْلٌ مُسَوَّرُها وعْثٌ مُؤزَّرُها … مِثل الْمهاة ِ رَدَاحٌ نَبْتُه رَوَدُ
هيْفاءُ لفَّاءُ جِرْدَحْلٌ مُخلْخلُها … تحي وتقتل من شاءت بما تعد
فَمَا يَفُوزُ الَّذِي أحْيَتْ بِمَنْفَعَة ٍ … وَلا لِمَنْ قَتَلَتْ عَقْلٌ ولاَ قَوَدُ
تخدي بها أصلاً بزل مخيسة ٌ … مثل القصور عليها البدن الخرد
حتَّى اغْتَمَسْنَ ضُحًى فِي آلِ قَرْقَرَة ٍ … سَقْياً لَهُنَّ وَلِلصَّمْدِ الَّذِي صَمَدُوا
فعدهما ولأمر ما يزحزحهم … عند الهواهي وأهواء بهم بدد
وقُلْ لِمُرْتَفِقٍ فِي بَيْتٍ مَمْلَكَة ٍ … قولاً تبرأ منه الغي والفند
ما ذا ترى يا ولي العهد في رجلٍ … بقلبه من دواعي شوقه كمد
أقام في بلدٍ حتى بكى ضجراً … مِنْ بَعْضِهَا وَبَكَتْ مِنْ بَعْضِهِ بَلَدُ
إذَا أتَاهُ غَداً أوْ بَعْدَهُ ثَقَلٌ … تغدو إليه به الأنباء والبردُ
وقُرِّبَتْ لِمَسِيرٍ مِنْكَ يَوْمَئِذٍ … مَرَاكِبٌ مِنْكَ لَمْ تُولَدْ وَلاَ تَلِدُ
تغلي بهن طريقٌ ما به أثرٌ … في مستوى ما به حزنٌ ولا جدد
لا في السماء ولا في الأرض مسلكها … ولا تقوم ولا تمشي ولا تخدُ
وَلا يَذُقْنَ أكَالاً مَا بَقِينَ وَلاَ … يَشْرَبْنَ مَاءً وَهُنَّ الشُّرَّعُ الْوُرُدُ
جُونٌ مُجَلَّلَة ٌ قُعْسٌ مُجَرْشَعَة ٌ … مَا بَاتَ يُرْمِضُهَا أيْنٌ وَلا خَضَدُ
تُلْوَى الأَزْمَّة ُ فِي أذْنَابِهَا وَبِهَا … فِي السَّيْرِ يُعْدَلُ إِنْ جَارَتْ فَتَقْتَصِدْ
من كل مقربة ٍ للسير منقزة ٍ … خوفاً تجمع منها الجؤجؤ الأجد
من سبعة ٍ فإذا أنشأت تحسبها … وفاكها كملاً في كفك العدد
السَّمْرُ وَالنَّجْرُ وَالنَّجَّارُ يَقْرَعُهَا … وَالفْقَرُ وَالْقِيرُ والأَلْواحُ وَالْعَمَدُ
فَقَدْ وَفَتْ وَلَهَا فِي وَفْقِهَا عَلَمٌ … مِثْلُ السَّحَابَة ِ فِي أقْرَابِهَا زَبَدُ
فِي نُشْرَة ٍ بَعْدَ حَظِّي طِيبَ جَادِيَة ٍ … جاءت تهادي بهم من بعد ما هجدوا
فَثَوَّرَتْ بَقَراً مَا مِثْلُهُمْ بَقَرٌ … إنْ قُمْتَ قَامُوا وَإِنْ قُلْت اقْعُدُوا قَعَدُوا
فَبَاتَ عَرْشُكَ فَوْقَ الْمَاء يَحْمِلُهُ … بَحْرٌ تَلاَطَمَ فِيهُ الْمَوْجُ وَالزَّبَدُ
وَالرِّيحُ مُرْسَلَة ٌ وَالْماءُ مُنْصَلِتٌ … وَأنْتَ مُرْتَفِقٌ وَالسَّيْرُ مُنْجَرِدُ
إِلَى أبِيكَ أمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِنَا … نَفْدٌ إِلَيْهِ وَفَتْحٌ مَا بِهِ نَفَدُ
وَاللّه أصْلَحَ بِالْمَهْدِيِّ فَاسِدَنَا … سرنا إليه وكان الناس قد فسدوا
داوى صدروهم من بعدما نغلت … كما يداوى بدهن العرة العند
حتى استصحوا وحتى قيل قد رجعوا … مما دعتهم إليه العادة العند
ولم يدع أحداً طغى وبغى … إلا تناولهم بالكف فاحتصدوا
بل لم يكن لجموع المشركين بهِ … وَلاَ يُشَيِّعُه جَوْلٌ وَلاَ بَدَدُ
سَدَّ الثُّغُورَ بَخَيْلِ اللّه مُلْجَمَة ً … وفي الخيول وفي فرسانها سدد
ثم انثنيت ولم تنزل به أوداً … إلا عدلت فلا جورٌ ولا أود
هذا ليمنك والإنسان مفتخر … وَالْفَخْرُ فِيهِ وَفِي أيَّامِهِ كَبَدُ
إِذَا القَبَائِلُ في بُلْدَانِهَا افَتخرَتْ … وكلهم في مقام الجد محتشدُ
إن الفخار إلى من قد بنى لكمو … مجداً تقاصر عن أركانه أحد
بِبَطْنِ مَكَّة آثارٌ لأَوَّلِكُمْ … مِمَّا بَنَى لِمَعَدٍّ جَدُّهُ أُدَدُ
الله كان وما كانت فكونها … وَمَا بهَا غَيْرُكُمْ مِنْ أهْلِهَا سَنَد
إلاَّ الدَّيَارَ الَّتِي مِنْ حوْلِها وُتِدت … لو كان يخبر عن جيرانه الوتد
تبْلى الدَّيَارُ وَيَبْلى مَن يَحِلُّ بِها … ودوركم ومغاني دوركم جدد
وَبَيْتُ خالِك حُجْرٍ في ذُرَى يَمَنٍ … بيت تكامل فيه العز والنضد
وَبَيْتُ عَمْرو وَمَبْنَى بَيْتِ ذِي يَزَن … وَذِي الكِلاَعِ وَمَنْ دَانَتْ لهُ الْجَنَدُ
وَتُبَّعٌ وَسَرَابِيلُ الحدِيدِ لَهُ … أزْمَانَ يُنْسَجُ فِي أزْمَانِهِ الزَّرَدُ
فَافْخَرْ هُنَاكَ بِأقْوَامٍ ذَوِي كَرَمٍ … لو خلد الله قوماً للعلى خلدوا
وهل ترى عجماً في الناس أو عرباً … إلاَّ لِخالِك فِيهِمْ نِعْمَة ٌ وَيَد
فإنْ جزوْك بِشُكْرٍ فالْوَفاءُ بِهِ … وَإنْ جُحِدْت فعادٌ قَبْلهُمْ جحَدُوا
فكَيفَ ذَاكَ وَمِنْ أنَّى يَسُوغُ لَهُمْ … وكلهم لك يابن الخير معتبد
وأنت يا سيد الإسلام سيدهم … وَكُل دِينٍ لَهُ مِنْ أَهْلِه سَنَدُ
إنْ فَاخَرُوكَ بِمَجْدٍ كُنْتَ أَمْجَدَهُمْ … وَمَا ظَلَمْتَ وَأَنْتَ الْمَاجِدُ النَّجُدُ
أوْ صَالَحُوكَ فَصُلْحٌ مَا رَعَوْكَ بِهِ … أَوْ حَارَبُوكَ فَفِي سِرْبَالِكَ الأَسَدُ
مَا اللَّيْثُ مُفْتَرِشاً في الغيلِ كَلْكَلَهُ … على مناكبه من فوقه لبدُ
يَحْمِي الشُّبُولَ وَيَحْمِي غِيلَ لبْوَتِهِ … وَقَدْ تَحَرَّقَ فِي حيْزُومِهِ الْحَرَدُ
يَوْماً بِأجْرَأَ لاَ وَاللّهِ مِنْكَ إِذَا … أَنْبَاءُ حَرْبٍ عَلَى نِيرَانِهَا احْتَرَدُوا
تحت العجاجة إذ فيها جماجمهم … مثل القرود عليها البيض تتقد
في كل معتركٍ ضنكٍ يضيقُ به … صَدْرُ الْكَمِيِّ إِذَا مَا عَمَّهُ الرَّمَدُ
وَالْجُرْدُ مِثلُ عَجُوزِ النَّارِ قَدْ بَرَدَتْ … شوهاء شهباءُ مزورٌّ بها الكتد
لَمْ يَبْقَ فِي فَمِهَا شَيْءٌ تَلوك بِهِ … إلا اللسانُ وإلا الدردر الدرد
باتت تمخض لما أن رأت عدداً … من السلاح على قومٍ لهم عدد
وَالْمَشْرَفِيَّة ُ قدْ فُلَّتْ مَضَارِبُهَا … عن الكماة وأطراف القنا قصد
لَوْ مَا تَخَيَّرَنَا مَهْدِيُّ أمَّتِهِ … عَمَّا يَرَى وَكُمَاة ُ الْحَرْبِ تَطَّرِدُ
أي الثلاثة فيها أنت إذ غدروا … بِذِمَّة ِ اللّه وَالْعَهْدِ الَّذِي عَهِدُوا
أَفَارِسٌ بَطَلٌ فِيها توَقَّدُهَا … بمن تحارب حتى يعظم الوقد
أم عارضٌ بردٌ بالماء يخمدها … حَتَّى يُنَشْنِشَهَا شُؤْبُوبُهُ الْبَرَدُ
أم رحمة ٌ نزلت من ربه لهمو … مَا قدْ تدارَكَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَهِدُوا
يُحْيِي الْبِلاد بِها مِنْ بَعْدِ مَوْتتِها … ويخرج النور منها والثرى ثأد
يا ليت شعري ومر القيظ مختلفٌ … على شرِيجيْنِ مَلْفُوظٌ وَمُزْدَرَد
ما بال موسى ومن يدعى لبيعته … كأنه قفص في ثوبه صرد
لا يُظْهِرُ الدَّهْرَ مَا فِي فصْلِ بَيْعَتِهِ … إِلَى الْمَجَالِسِ إِلاَّ وَهْوَ يَرْتَعِدُ
ومن يدبُّ إلى أمرٍ بداهية … ربداء تذرب عن أدوائها المعد
بَنِي أبِي جَعْفَرٍ يَا خَيْرَ مَنْ حَمَلَتْ … على غواربها العيدية ُ الأجد
مَا بَالُ غَفْلَتِكُمْ عمَّنْ يَدِبُّ لكُمْ … ببيعة ٍ لم يجزها الواحد الصمد
لله دركمو من أهل مملكة ٍ … مَا إِنْ لَهَا عَنْكُمُو فِي الأَرضِ مُلْتَحَدُ
حتى أتتكم تهادى وهي صافية ٌ … عَفْواً يُصَفِّقُ فِيها الرَّاعدُ الْغَرِدُ
كلوا الخلافة واحشوا عين حاسدكم … قَيْحاً يُفَقِّئُهُ العُوَّارُ وَالرَّمَدُ
كَمْ حاسد لكُمُ يَرْجوا خِلافَتَكُمْ … قد كان يفقأ منه المقلة الحسد
أذكى عليكم عيوناً غير غافلة … إِذَا تغفَّلتِ الأَحْراسُ وَالرَّصَدُ
وَفِيم ذاك وَلاَ فِي الْعِيرِ عِدَّتُهُ … وَلاَ النَّفِيرِ وَلاَ إِنْ مَاتَ يُفْتَقَدُ
أمسى وأصبح والآمال معرضة ٌ … كالدرهم الزيف منها حين ينتقد
إِنِّي بَرِيءٌ إِلَيْكُمْ مِنْ وِلاَيَتِهِ … كما تبرأ من قناصه الفرد
والله يبرأ ممن لا يحبكمو … يوم القيامة إذ لا ينفع الحفدُ
وَقَدْ أقُولُ عَلَى هذَا لقَائِمكُمْ … قَوْلاً يُسَاعِدُهُ التَّوْفِيقُ والرَّشَدُ:
إن كنت ملتمساً يوماً لها رجلاً … يكفي رجالك إن غابوا وإن شهدوا
فاسْمعْ وُقِيت حِمام الْمَوْتِ منْ رَجْلٍ … ما في مشورته أفنٌ ولا نكدُ
تدعو إلى ابنك موسى وهو محتنكٌ … في سنه وبه ما أنعم الجند
فإنَّهُ ولدٌ بَرٌّ بِوَالِدِهِ … وَالبَرُّ يُخْلقُ مِنْهُ الطُّرْفُ وَ التلُدُ
وإنه ابن التي إن غبت قلت لها: … يا خيزران سقاك الوابل الرغدُ
ما غبتَ عنها بأرض لا تحل بها … إِلاَّ دَعَاكَ إِلَيْهَا الْقَلْبُ وَالْكَبِدُ
وإن موسى وموسى أيما ملكٍ … عليه بعد عمود الدين يعتمد
شَرِيكُ رَوحِكَ يَأَوِي مِنْكَ فِي جَسَدٍ … ما دام يرزقُ منه الروح والجسد
قَدْ كَانَ لَوْلاَكَ يَا مَهْدِيَّ أمَّتِهِ … بالحمد أجمع والمعروف ينفردُ
فَاعْقِدْ لَهُ يَا أمِيرَ المؤْمِنينَ وَلاَ … تنظر به أمداً قد طال ذا الأمدُ
واجعل بعينك فيه الآن قرتها … فقدْ يقرُّ بِعَيْنِ الوالِدِ الْوَلدُ
وَاعْضُدُ أخاهُ بِهِ لاتتْرُكنَّهُمَا … كسَاعِدٍ مُفْرَدٍ ليْسَتْ لهُ عضُدُ
فقدْ سِمعْت بِمُوسَى حِين أَفْظعهُ … وَعِيدٌ فِرْعوْن لوْ يَأتِي بِمَا يَعِدُ
حتى استمد بهارون فآزره … فمِنْ هُناك أَتاهُ النَّصْرُ وَالمددُ
فاعْقِدْ لهُ يَا أمَيرَ المُؤْمِنِينَ وَلا … تنظر بذاك غداً لا يغررنك غد
إن الليالي والأيام فاجعة ٌ … وَالمَرْءُ يَفْنَى ولا يَبْقَى لهُ الأَبَدُ
هذا مقالي لكم والله يرشدكم … ويعلم الله ربي الواحدُ الصمد
أن قد نصحتُ لكم بالجود من جدتي … وهل تجود يدٌ إلا بما تجد؟