غَيَّبَ جِيرَانُهُ بِذِي حَمَدِ … عَنْ لَيْلِ مَنْ لَمْ يَنَمْ وَلَمْ يَكَدِ
خَلُّوا عَلَيَّ الْهُيَامَ إِذْ رَكِبُوا … أكْبِرْ بِمَا أفْرَدُوا لِمُنْفَرِدِ
يبكي على وسنة تزودها … جيرانه بل بكى من السهد
كونا كمن قال لا نعاتبهُ … كل امرئٍ منتهٍ إلى أمد
خَلِيفَة ُ الْحُزْنِ في مَدَامِعِهِ … يمسي بها نائياً عن الوسد
يا ليت شعري والقصد من خلقي … والنّاس مِن جَائِرٍ وَمُقْتَصِد
ما زَادَنِي ذَا الْجَوَى بِذِكْرِهِمُ … إِلاَّ هُجُوعاً وَالْهَمُّ كَالْوَتِدِ
ما زال ضيفاً له يواكلهُ … يمُدُّ غَمًّا بِرَعْيَة ِ الأَسَدِ
إن الذي غادرت حمولهم … صب وإن كان مظهر الجلد
لا يشْتَهِي اللَّيلَ مِنْ تَقَلُّبِهِ … ظَهْراً لِبَطْنٍ تَقَلُّبَ الصُّرَدِ
كأنما يتقى بليلته … جَهْمَ المُحَيَّا يَبِيتُ بَالرَّصدِ
لَمْ يَدْرِ حَتَّى رَمُوا مَطِيَّهُمُ … ثم استمروا بجنة الخلد
يقول لي صاحبي وقد بقيت … نفسي على سغبة ٍ من العقد
يا أيها المكتوي على ظعنٍ … بَاتُوا ومَا سَلَّمُوا عَلَى أحَدِ
هاتِيكَ دَارُ التي تَهِمُّ بها … كالبرد بين الكثيب فالسند
كَانَتْ مَحَلَّ الْخَلِيطِ فَانْقَلَبَتْ … وَحْشاً من المُنْشِدِينَ والْخُرُدِ
فَانْظُرْ إِذَا اشْتَقْتَ في مَنَازِلِهَا … أو زر حبيباً دعاك من بعد
واللَّهُ يَلْقَى كَمَنْ كلِفْتُ بِهِ … من آل بكرٍ أظن بالنكد
أبقى لك البين في ملاعبه … فانصاع للبين آخر الأبد
يعتاد عينيك من تذكرها … رمصان مثل العوائد الخرد
ماذا بإرسالها تعاتبني … في زَائِرٍ زارنِي ولمْ يعُدِ
قالتْ لحوْراءَ من منَاصِفِهَا … كالرِّيم لمْ تكْتحِل من الرَّمد
روحي إلى مشركٍ بخلتنا … خُلَّة َ أخْرى وَقَدْ يرى كمدي
قُولي: تَقُول التي أَسَأتَ لَهَا … إِنْ لَمْ أنَلْهُ ماشِيمَتِي بِرَدِ
قَصَرْتُ طَرْفِي إِلَيْكَ قَانِعَة ً … وأنْتَ ذُو طُرَّتَيْنِ في وَرَدِ
فاذهب سيكفيك ما برمت به … منا وتخلى حباك للورد
فقلت: لا تسرعي بمعتبة … في غير ذنبٍ جنيته بيدي
لا كنتُ إِنْ لَمْ أكُنْ أُحِبُّكُمُ … جهدي فما بعد حب مجتهد
أَيُّ حِدِيثٍ دَبَّ الْوُشَاة ُ بِهِ … أبْصَرْتِ غَيِّي فَأَبْصِري رَشَدِي
ما كان إلا حديث جارية … لَمْ تَلْقَ رُوحي وَوَافَقَتْ جَسَدِي
يا ويحها طفلة ً خلوت بها … ليس دنوي فيها من العدد
فَأعْهِدِينَا مِنْ الظُّنُونِ عَلَى … تَبْلِيغِ واشٍ وَقَوْلِ ذِي حَسَدِ
قد تبت مما كرهت فاحتسبي … غُفْرَانَ ما قَدْ جَنَيْتُ مُعْتَمَدِي
كَانَتْ علَى ذَاكَ من مَوَّدِتنَا … إذ نحن من غائب ومصطردِ
نطوي لذاكَ الزّمَانِ نَصْرِفُهُ … طيباً ونشفي به صدى الكمد
حتى انطوى العيش عن مريرته … في صوتِ جَارٍ حَدَا بِنَا غَرِد
فَاعْذِرْ مُحِباً بِفَقْدِ جِيرَتِهِ … متى يبن من هويت يفتقد