لهَا خَفَرٌ يَوْمَ اللّقاءِ خَفيرُها … فما بالُها ضَنّتْ بما لا يَضِيرُها
أعادَتُها أنْ لا يُعادَ مَرْيضُها … وسيرتها أنْ لا يفكّ أسيرها
رَعَيتُ نجومَ اللّيلِ من أجْلِ أنّها … على جِيدِها منها عُقُودٌ تُديرُها
وقد قيلَ إنّ الطيفَ في النومِ زائرٌ … فأينَ لطَرْفي نَوْمَة ٌ يَستَعيرُها
وها أنا ذا كالطيفِ فيها صبابة ً … لعلِّي إذا نامَتْ بليلٍ أزُورُها
أغارُ على الغصْنِ الرّطيبِ من الصَّبا … وذاكَ لأنّ الغُصْنَ قيلَ نَظيرُها
ومن دونها أنْ لا تلمّ بخاطرٍ … قصورُ الورى عن وصلها وقصورها
من الغِيدِ لم تُوقِد مع اللّيلِ نارَها … ولكنها بينَ الضلوعِ تثيرها
ولم تحكِ من أهلِ الفَلاة ِ شَمائِلاً … سوَى أنّها يحكي الغَزالَ نُفُورُها
أروحُ فلا يعوي عليّ كلابها … وأغدو فلا يرغو هناكَ بعيرها
ولو ظفرتْ ليلى بتربِ ديارها … لأصْبَحَ منها دُرُّها وَعَبيرُها
تقاضى غريمُ الشوقِ مني حشاشة ً … مروعة ً لم يبقَ إلاّ يسيرها
وإنّ الذي أبقتهُ مني يدُ النوى … فداءُ بشيرٍ يومَ وافى نصيرها
أميرٌ إذا أبصَرْتَ إشراقَ وَجْهِهِ … فقُلْ للّيالي تَستَسِرّ بُدورُها
وإنْ فزتَ بالتقبيلِ يوماً لكفهِ … رَأيتَ بحارَ الجُودِ يجري نَمِيرُها
وكمْ يَدّعي العَلياءَ قَوْمٌ وإنّهُ … لهُ سرُّها منْ دونِهِمْ وَسَرِيرُها
قَدِمتَ وَوَافَتْكَ البِلادُ كأنّما … يُناجيكَ منها بالسرورِ ضَميرُها
تلقتكَ لما جئتَ يسحبُ روضها … مطارفهُ وافترّ منها غديرها
تَبسَّمَ منها حينَ أقبَلتَ نَوْرُها … وأشرقَ منها يومَ وافيتَ نورها
وحتى مواليكَ السحائبُ أقبلتْ … فَوافاكَ منها بالهَنَاءِ مَطيرُها
وربّ دعاءٍ باتَ يطوي لك الفلا … إذا خالطَ الظلماءَ يوماً منيرها
وطئتَ بلاداً لم يطأها بحافرٍ … سواكَ ولم تسلكْ بخيلٍ وعورها
يُكلُّ عُقابَ الجَوّ منها عُقابُها … ولا يهتدي فيها القطا لوْ يسيرها
وردتَ بلادَ الأعجمينَ بضمرٍ … عِرابٍ على العِقبانِ منها صُقورُها
فصَبَّحتَ فيها سُودَها بأُسُودِها … يُبيدُ العِدى قَبلَ النّفارِ زَئِيرُها
لئنْ ماتَ فيها مِن سَطاكَ أنيسُها … لقد عاشَ فيها وحشها ونسورها
غدتْ وقعة ٌ قد سارَ في الناس ذكرها … بما فعلتهُ بالعدوّ ذكورها
فأضحى بها من خالفَ الدين خائفاً … وضَاقَ على الكُفّارِ منها كُفورُها
وأعطى قفاهُ الحدربيُّ مولياً … بنفسٍ لما تخشاهُ منكَ مصيرها
مضى قاطعاً عرضَ الفلا متلفتاً … تروعهُ أعلامها وطيورها
وأُبْتَ بمَا تَهْواهُ حتى حَريمُهُ … وتلكَ التي لا يرتضيها غيورها
فإنْ راحَ منها ناجياً بحشاشة ٍ … ستلقاهُ أخرى تحتويهِ سعيرها
وليسَ عدواً كنتَ تسعى لأجلهِ … ولكنها سبلُ الحجيجِ تجيرها
وَمن خلفه ماضي العزائمِ ماجِدٌ … يُبيدُ العِدى منْ سَطوَة ٍ ويُبيرُها
إذا رَامَ مَجدُ الدّينِ حالاً فإنّما … عَسيرُ الذي يَرجوهُ منها يَسيرُها
أخو يقظاتٍ لا يلمّ بطرفهِ … غرارٌ ولا يوهي قواهُ غريرها
لقدْ أمنتْ بالرعبِ منهُ بلادهُ … فصدتْ أعاديها وسدتْ ثغورها
وأضحى لهُ يولي الثناءَ غنيها … وأمسى له يهدي الدعاءَ فقيرها
بكَ اهتزّ لي غصنُ الأماني مثمراً … ورقَّتْ ليَ الدّنيا وَراقَ سرورُها
وما نالني من أنعمِ اللهِ نعمة ٌ … وَإنْ عَظُمَتْ إلاّ وَأنتَ سَفيرُها
وَمَن بدأ النَّعما وَجادَ تَكَرّماً … بأوّلِها يُرْجَى لَدَيْهِ أخِيرُها
وإنّي وَإن كانَتْ أياديكَ جَمّة ً … عليَّ فإنّي عَبدُها وَشكُورُها
أمولايَ وافتكَ القوافي بواسماً … وقد طالَ منها حينَ غبتَ بسورها
وكانتْ لنأيٍ عنكَ مني تبرقعتْ … وقد رابني منها الغداة َ سفورها
إلى اليومِ لم تكشفْ لغيركَ صفحة ً … فها هيَ مَسدولٌ عَلَيها سُتورُها
إذا ذُكرَتْ في الحَيّ أصْبَحَ آيِساً … فَرَزْدَقُها مِن وَصْلِها وجريرُها
فخذها كما تهوى المعالي خريدة ً … يزفّ عليها درها وحريرها
تكادُ إذا حَبَّرتُ منها صَحيفَة ً … لذكراكَ أن تَبيَضّ منها سُطورُها
وللنّاسِ أشعارٌ تُقالُ كثيرَة ٌ … ولكنّ شعري في الأميرِ أميرها