شديدٌ ما أضرَّ بها الغَرامُ … وأَضْناها لِشقْوَتها السّقامُ
وما کنفروت بصَبْوتها ولكنْ … كذلكم المحبُّ المستهام
تشاكَيْنا الهوى زمناً طويلاً … فأَدْمُعَنا وأَدْمُعُها سِجام
قريبة ما تذوب على طلول … عفت حتى معاليها رمام
سقى الله الديارَ حياً كدمعي … لها فيها انسكاب وانسجام
وبات الغيث منهلاًّ عليها … تسيل به الأباطح والأكام
حسبتُ بها المطيَّ فقال صحبي … أضرّ بهذه النوقِ المقامُ
وبرّح بالنياق نوى ً شطونٌ … وأشجان تراشُ لها سهام
فلا رنداً تشمّ ولا تماماً … وأين الرّند منها والثّمام
مفارقة أَحبَّتُها بنجد … عليك الصَّبر يومئذٍ حرام
تقرُّ لأَعْيُني تلك المغاني … وهاتيك المنازل والخيام
إذا ذُكِرَتْ لنا فاضَتْ عيون … وأضرمَ مهجة الصبّ الضرام
لعمرك يا أميمة إنَّ طرفي … على العبرات أوقفه الغرام
أشيمُ البرق يبكيني ابتساماً … وقد يُبكي الشجيَّ الابتسام
تَبَسَّم ضاحكاً فكأنَّ سُعدى … فليس بغيره کفتخر الأنام
يلوحُ فينْجَلي طَوْراً ويخفى … كما جُلِيَتْ مضاربه الحسام
أما وهواك يمنحني سقامي … ومنك البرءُ أجْمَعُ والسقام
لقد بلغ الهوى منّي مناه … ولم يبلغْ مآربه الملام
على الأحداق لا بيضٌ حدادٌ … يشقُّ بها حشى ً ويقدُّ هام
سلي السُّمر المثقَّفة َ العوالي … أتفتكُ مثل ما فتك القوام
أبيتُ أرعى النجمَ فيه … بطرفٍ لا يلمُّ به منام
يذكّرني حَمامُ الأَيْكِ إلْفاً … ألا لا فارقَ الإلْفَ الحَمامُ
وهاتفة ٍ إذا هتفت بشجوي … أقول لها ومثلك لا يلام
فنوحي ما بدا لكِ أنْ تنوحي … فلا عيبٌ عليك ولا منام
بذلتُ لباخل في الحبّ نفسي … ولَذَّ لي الصبابة ُ والهيام
منعتُ رضابه حرصاً عليه … ففاض الريُّ واتَّقد الأوام
وفي طيِّ الجوانح لو نَشَرْنا … بها المطويَّ طال لنا كلام
أرى الأيام أوّلُها عناءٌ … وعقباها إذا کنقرضَتْ أثام
عناءٌ إنْ تأمَّلها لبيبٌ … وما يشقى بها إلا الكرام
لذاك الأكرمون تُزادُ عَنها … فتمنها ويعطاها اللئام
نَزَلْنا من جميل أبي جميل … بحيث القصد يبلغُ والمرام
فثمَّ العروة ُ الوثقى وإنّا … لنا بالعروة الوثقى کعتصام
إذا نزلَ المروع لديه أمسى … يضيم به الخطوب ولا يضام
جوادٌ لا يجود به زمانٌ … ولا يستنتج الدهر العقام
أشيمُ بروقه في كلّ يوممٍ … وما كلُّ بوارقه تشام
إذا افتخر الأنامِ على النسق الأعالي … فذاك البدء فيه والختام
تيقَّظَ للمكارم والعطايا … وأعينُ غيره عنها نيام
مكانكَ من عرانين المعالي … مكانٌ لا ينال ولا يرام
وما جودُ الروائح والغوادي … فإنَّ الجودَ جودك والسلام
بنفسي من لدى حربٍ وسِلْمٍ … هو الضرغام والقرم الهمام
تُراعُ به ألوفٌ وهُوَ فَردٌ … وليسَ يروعه العددُ اللَّهام
ومن عَظُمتْ له في المجد نفسٌ … أهِينَتْ عنده الخِطَطُ العظام
صُدوعٌ ما هنالك والتئام … وما ضلَّتْ وأنتَ لها إمام
كأنَّك في بني الدنيا أبوها … وَراعٍ أنْتَ والدنيا سَوام
إذا کفتخَر الأنامِ وكان فيهم … محلّ الأمن والبلد الحرام
لكلٍّ في جماك له طوافٌ … وتقبيلٌ لكفِّك واستلام
تعودُ بوجهك الظلماءُ صبحاً … ويستسقى بطلعتك الغمام
ويشرقُ من جمالك كلُّ فجٍ … كما قَد أَشْرَقَ البَدر التّمام
فداؤك من عرفتَ وأنت تدري … فخيرٌ من حياتهم الحمام
أناسٌ حاوَلوا ما أَنتَ فيه … وما سَلكُوا طريقك واستقاموا
لقد تخلوا وجدتَّ وأنتَ فينا … كما کنهلَّت عزاليه الرّكام
وما كلٌّ بمندورٍ ببخلٍ … ولا كلٌّ على بخلٍ يلام
تميل بنا بمدحتك القوافي … كما مالت بشاربها المدام
ولولا أنتُ تنفقها لكانتْ … بوائِرَ لا تُباع ولا تُسام
نزورك سيدي في كلِّ عامٍ … إذا مَا مرَّ عامٌ جاءَ عام
تُخَبِرُّ أنَّنا ولأنت أدرى … صيامٌ منذ وافانا الصيام