تألق نجديا فأذكرني نجدا … وهاج لي الشوق المبرح والوجدا
وميض رأى برد الغمامة مغفلا … فمد يدا بالتبر أعملت البردا
تبسم في بحرية فتجهت … فما بذلت وصلا ولا ضربت وعدا
وراود منها فاركا قد تمنعت … فأهوى لها نصلا وهددها رعدا
وأغرى بها كف الغلاب فأصبحت … ذلولا ولم تسطع لامرته ردا
فحلتها الحمراء من شفق الضحى … نضاها وحل المزن من جيدها عقدا
لك الله من برق كأن وميضه … يد الساهر المقرور قد قدحت زندا
تعلم من سكانه شيم الندى … فغادر أجراع الحمى روضة تندى
وتوج من نوارها قنن الربا … وختم من أزهارها القضب الملدا
سرعان ما كانت مناسف للصبا … فقد ضحكت زهرا وقد خجلت وردا
بلاد عهدنا في قراراتها الصبا … يقل لذاك العهد أن يألف العهدا
إذا ما النسيم اعتل في عرصاتها … تناول فيها البان والشيح والرندا
فكم في مجاني وردها من علاقة … إذا ما استثيرت أرضها أنبتت وجدا
أو استشعرتها النفس عاهدت الجوى … أو التمحتها العين عاقرت السهدا
ومن عاشق حر إذا ما استماله … حديث الهوى العذري صيره عبدا
ومن ذابل يحكي المحبين رقة … فيثني إذا ما هب عرف الصبا قدا
سقى الله نجدا ما نضحت بذكرها … على كبدي إلا وجدت لها بردا
وآنس قلبي فهو للعهد حافظ … وقل على الأيام من يحفظ العهدا
صبور وإن لم تبق إلا ذبالة … إذا استنشقت مسرى الصبا اشتعلت وقدا
خفوق إذا الشوق استجاش كتيبة … تجوس ديار الصبر كان لها بندا
وقد كنت جلدا قبل أن تذهب النوى … ذمائي وأن تستأصل العظم والجلدا
أأجحد حق الحب والدمع شاهد … وقد وقع التسجيل من بعد ما أدى
تناثر في إثر الحمول فريده … فلله عينا من رأى الجوهر الفردا
جرى يققا في ملعب الخد أشهبا … وأجهده ركض الأسى فجرى وردا
ومرتحل أجريت دمعي خلفه … ليرجعه فاستن في إثره قصدا
وقلت لقلبي طر إليه برقعتي … فكان حماما في المسير بها هدا
سرقت صواع العزم يوم فراقه … فلج ولم يرقب سواعا ولا ودا
وكحلت جفني من غبار طريقه … فأعقبها دمعا وأورثها سهدا
لي الله كم أهذي بنجد وحاجر … وأكني بدعدا في غرامي أو سعدي
وما هو إلا الشوق ثار كمينه … فأذهل نفسا لم تبن عنده قصدا
وما بي إلا أن سرى الركب موهنا … وأعمل في رمل الحمى النص والوخدا
وجاشت جنود الصبر والبين والأسى … لدي فكان الصبر أضعفها جندا
ورمت نهوضا واعتزمت مودعا … فصدني المقدار عن وجهتي صدا
رقيق بدت للمشترين عيوبه … ولم تلتفت دعواه فاستوجب الردا
تخلف مني ركب طيبة عانيا … أما آن للعاني المعنى بأن يفدى
مخلف سرب قد أصيب جناحه … وطرن فلم يسطع مراحا ولا مغدا
نشدتك يا ركب الحجاز تضاءلت … لك الأرض مهما استعرض السهب وامتدا
وجم لك المرعى وأذعنت الصوى … ولم تفتقد ظلا ظليلا ولا ورد
إذا أنت شافهت الديار بطيبة … وجئت بها القبر المقدس واللحدا
وآنست نورا من جناب محمد … يداوي القلوب الغلف والأعين الرمدا
فنب عن بعيد الدار في ذلك الحمى … وأذر به دمعا وعفر به خدا
وقل يا رسول الله عبد تقاصرت … خطاه وأضحى من أحبته فردا
ولم يستطع من بعد ما بعد المدى … سوى لوعة تعتاد أو مدحة تهدى
تداركه يا غوث العباد برحمة … فجودك ما أجدى وكفك ما أندى
أجار بك الله العباد من الردى … وبوأهم ظلا من الأمن ممتدا
حمى دينك الدنيا وأقطعك الرضا … وتوجك العلياء وألبسك الحمدا
وطهر منك القلب لما استخصه … فجلله نورا وأوسعه رشدا
دعاه فما ولى هداه فما غوى … سقاه فما يظمى جلاه فما يصدا
تقدمت مختارا تأخرت مبعثا … فقد شملت علياؤك القبل والبعدا
وعلة هذا الكون أنت وكلما … أعاد فأنت القصد فيه وما أبدا
وهل هو إلا مظهر أنت سره … ليمتاز في الخلق المكب من الأهدى
ففي عالم الأسرار ذاتك تجتلي … ملامح نور لاح للطور فانهدا
وفي عالم الحس اغتديت مبوأ … لتشفي من استشفى وتهدي من استهدى
فما كنت لولا أن ثبت هداية … من الله مثل الخلق رسما ولا حدا
بماذا عسى يثني عليك مقصر … ولم يأل فيك الوحي مدحا ولا حمدا
بماذا عسى يجزيك هاو على شفى … من النار قد أسكنته بعدها الخلدا
عليك صلاة الله يا خير مرسل … وأكرم هاد أوضح الحق والرشدا
عليك صلاة الله يا خير راحم … وأشفق من يثني على رأفة كبدا
عليك صلاة الله يا كاشف العمى … ومذهب ليل الشك وهو قد اربدا
إلى كم أراني في البطالة كانعا … وعمري قد ولى ووزري قد عدا
تقضى زماني في لعل وفي عسى … فلا عزمة تمضي ولا لوعة تهدا
حسام جبان كلما شيم نصله … تراجع بعد العزم والتزم الغمدا
ألا ليت شعري هل أراني ناهدا … أقود القلاص البدن والضامر النهدا
رضيع لبان الصدق فوق شملة … مضمرة وسدت من كورها مهدا
فتهدي بأشواقي السراة إذا سرت … وتحدي بأشواقي الركاب إذا تحدى
إلى أن أحط الرحل في تربك الذي … تضوع ندا ما رأينا له ندا
وأطفيء في تلك الموارد غلتي … وأحسب قربا مهجة شكت البعدا
بمولدك اهتز الوجود وأشرقت … قصور ببصرى ضاءت الهضب والوهدا
ومن رعبه الأوثان خرت مهابة … ومن هوله إيوان فارس قد هدا
وضاء له الوادي وصبح عزه … بيوتا لنار الفرس أعدمها الوقدا
رعى الله منها ليلة أطلع الهدى … على الأرض من آفاقها القمر السعدا
وأقرض ملكا قام فينا بحقها … لقد أحرز الفخر المؤثل والمجدا
وحيا على شط الخليج محلة … يحالف من يلفي بها العيشة الرغدا
وجاد الغمام العد فينا خلائفا … مآثرهم لا تعرف الحصر ولا العدا
علي وعثمان ويعقوب لا عدا … رضا الله ذاك النجل والأب والجدا
حموا وهم في حومة البأس والندى … فكانوا الغيوث المستهلة والأسدا
ولله ما ذا خلفوا من خليفة … حوى الإرث عنهم والوصية والعهدا
وقام بأمر الله يحمي حمى الهدى … فيكفي من استكفى ويعدي من استعدا
إذا ما أراد الصعب أغرى بنيله … صدور العوالي والمطهمة الجردا
فكم معتد أردى وكم تائه هدى … وكم حكمة أضفى وكم نعمة أبدى
أبا سالم دين الإله بك اعتلى … أبا سالم ظل الأمان بك امتدا
فدم من دفاع الله تحت وقاية … كفاك بها أن تسحب الحلق السردا
ودونكها مني نتيجة فكرة … إذا استرشحت للنظم كانت صفا صلدا
ولو تركت من الليالي صبابة … لأجهدتها ركضا وأرهقتها شدا
ولكنه جهد المقل بذلته … وقد أوضح الأعذار من بلغ الجهدا