ما لي بودك بعدَ اليومِ إلمامُ … فاذهبْ ؛ فأنتَ لئيمُ العهدِ نمامُ
قَدْ كُنْتُ أَحْسَبُنِي أَدْرَكْتُ مَأْرُبَة ً … مِنَ الْمُنَى ، فَإِذَا ما خِلْتُ أَحْلاَمُ
هَيْهَاتَ مِنِّي الرِّضَا مِنْ بَعْدِ تَجْرِبَة ٍ … إِنَّ الْمَوَدَّة َ بَينَ النَّاسِ أَقْسَامُ
فَاطْلُبْ لِنَفْسِكَ غَيْرِي؛ إِنَّنِي رَجُلٌ … يأبى لي الغدرَ أخوالٌ وأعمامُ
كلُّ امرئٍ تابعٌ أعراقَ نبعتهِ … وَ الخيرُ وَ الشرُّ أنسابٌ وَ أرحامُ
فانظرْ لفعلِ الفتى تعرفْ مناسبهُ … إنَّ الفعالَ لأصلِ المرءِ إعلامُ
و لاَ يغرنكَ وجهٌ راقَ منظرهُ … فالنصلُ فيهِ المنايا وَ هوَ بسامُ
ما كلُّ ذي منسرٍ فتخاءَ كاسرة ً … كَلاَّ، ولاَ كُلُّ ذِي نَابَيْنِ ضِرْغَامُ
فَإِنْ يَكُنْ غرَّنِي حِلْمِي فَلاَ عَجَبٌ … إنَّ الحسامَ لينبو وَ هوَ صمصامُ
ظَنَنْتُ خَيْراً، وَلَمْ أُدْرِكْ عَوَاقِبهُ … فَكَان شرّاً. وَبَعْضُ الظَّنِّ آثامُ
فيا لها ضلة ً ما إنْ أبهتُ لها … حَتَّى تَرَدَّتْ بِها فِي الشَّرِّ أَقْدَامُ
آلَيْت أَكْذِبُ نَفْسِي بَعْدَهَا سفَهاً … إِنَّ الْمُنَى عِنْدَ صِدْقِ النَّفْسِ أَوْهَامُ
فيا بنَ تزدريهِ النفسُ منْ ضعة ٍ … فما يحسُّ لهُ وجدٌ وَ إعدامُ
دَعِ الْفَخَارَ، وَخُذْ فِيما خُلِقْتَ لَهُ … منَ الصغارِ ؛ فإنَّ الطبعَ إلزامُ
وَ اذكرْ مكانك منْ ” عباسَ ” حيثُ مضتْ … عليكَ في الدارِ أعوامٌ وَ أعوامُ
تَبِيتُ مُرْتَفِعاً فِي ظلِّ دَسْكَرة ٍ … لكلَّ باغٍ بها وجدٌ وَ تهيامُ
وَفَوْقَ ظَهْرِكَ لِلأَنْفَاسِ مُعْتَرَكٌ … وفِي حَشَاكَ لِنَارِ الْفِسْقِ إِضْرامُ
وَيْلُمِّهَا خَزْيَة ً طارَتْ بِشُنْعتِها … صَحَائِفٌ، وجَرَتْ بِالذَّمِّ أَقَلاَمُ
فاخسأْ ؛ فما الكلبُ أدنى منكَ منزلة ً … وَ«اخْسَأْ» لِمِثْلِكَ إِعْزَازٌ وَإِكْرَامُ
هذا الذي تكرهُ الأبصارُ طلعتهُ … فَحَظُّها مِنْهُ إِيذَاءٌ وَإِيلاَمُ
فِي وَجْهِهِ سِمَة ٌ لِلْغَدْرِ بيِّنَة ٌ … و بينَ جنبيهِ أحقادٌ وَ أوغامُ
لهُ على الشرَّ إقدامٌ ، وَ ليسَ لهُ … إِلاّ عَن الْخَيْرِ وَالْمعْرُوفِ إِحْجامُ
كأنما أنفهُ منْ طولِ سجدتهِ … في حانة ِ اللهوِ حرفٌ فيهِ إدغامُ
كَعقْرَبِ الْمَاءِ يَمْشِي مَشْيَة ً صدَداً … فَخَلْفُهُ عِنْدَ جِدِّ الأَمْرِ إِقْدَامُ
أبدى بعاتقهِ المنديلُ سيمتهُ … وَحتَّ موْضِعهُ مِنْ كَفِّهِ الْجَامُ
وَكَيْفَ يصْلُحُ أَمْرُ النَّاسِ فِي بَلَدٍ … حُكَّامُهُ لِبناتِ اللَّهْوِ خُدَّامُ؟
قَدْ يَمَّمَتْهُ الْمَخَازِي؛ فَهْيَ نَازِلَة ٌ … منهُ بحيثُ تلاقي اللؤمُ وَ الذامُ
مَا إِنْ أَصَبْتُ لَهُ خُلْقاً، فَأَحْمَدَهُ … فَكُلُّ أَخْلاَقِهِ لِلنَّفْسِ آلاَمُ
فظٌّ ، غليظٌ ، مقيتٌ ، ساقطٌ ، وَ جمٌ … وَغْدٌ، لَئِيمٌ، ثَقِيلُ الظِّلِّ، حَجَّامُ
جاءتْ بهِ عجزٌ ليستْ بطاهرة ٍ … لها بمدرجة ِ الفحشاءِ أزلامُ
مستيقظٌ للمخازي ، غيرَ أنَّ لهُ … طَرْفاً عَنِ الْعِرْضِ وَالأَوْتَارِ نَوَّامُ
أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِلاَّ مِنْ عَدَاوتِهِ … فَإِنَّهَا لِجَلاَلِ اللَّهِ إِعْظامُ
فاذهبْ كما ذهبَ الطاعونُ منْ بلدٍ … تَقْفُوهُ بِاللَّعْنِ أَرْوَاحٌ وَأَجْسَامُ
وَهَاكَ مَا أَنْتَ أَهْلٌ فِي الْهِجَاءِ لَهُ … فالهجوُ فيكَ لنقضِ الحقَّ إبرامُ
منْ كلَّ قافية ٍ في الأرضِ سائرة ٍ … لها بعرضكَ إنجادٌ وَ إتهامُ
شعرٌ لوجهِ المخازي منهُ سافية ٌ … يحاصبٍ ، وَ لأنفِ الجهل إرغامُ
تَبْلَى الْعِظَامُ، وَيَبْقَى ذِكْرُهُ أَبَداً … في كلَّ عصرٍ لهُ سجعٌ وَ ترنامُ