اللَّيلُ فالأرضُ للِّيثِ الشَّرى … عرَّسَ يبغي راحة ً أو سرى
فتارة ً مفترشاً غابة ً … وتارة ً مفترساً مصحرا
والظَّفرُ الحلوُ لهُ إنْ عفا … عمداً وإنْ نيَّبَ أو ظفَّرا
مرَّ على هزَّة ِ ألبادهِ … يكبرُ أنْ يؤمرْ أو يزجرا
يرى منَ العزِّة ِ في نفسهِ … مالمْ يكنْ ما حضُ نصحٍ يرى
أغلبْ لم يخلقْ ركوبَ المطا … سهلا ولم يقصرْ لخزمِ البرى
فما تريدُ اليدُ منْ مقودٍ … يرجعُ عنها باعها أبترا
للهِ رامٍ سهمهُ رأيهُ … إذا رأى شاكلة ً فكَّرا
يطيعُ منْ عزمتهِ مقدماً … ما غلَّسَ النَّهضة َ أو بكّرا
تنصرهُ الوثبة ُ منْ أنْ يرى … مستصرخَ الخلسة ِ مستنصرا
لا تجذبُ الأوطانُ منهُ ولا … يخدعهُ للضِّيمِ طيبُ الكرى
يأنسُ بالنِّعمة ِ ما ساندتْ … جنباً منسيعاً وحمى ٍ أعسرا
فإنْ مشتْ في جوِّها ذلِّة ٌ … رابكَ مذعورا ومستنفرا
ليمَ على غشمتهِ فاتكٌ … هلاَّ ارتأى فيها وهلاَّ امترى
وقيلَ لو علَّلَ مستأمناً … والدَّاءُ إنْ موطلَ يوماً سرى
وكمْ جنى الرَّيثُ على حازمٍ … فودَّ لو قدَّمَ ما أخَّرا
يا فارسَ الغرَّاءِ يرمي بها … سهلَ العنانِ الجانبَ الأوعرا
يردُّ منْ غرَّتها معتماً … على الدآدي غلساً مقمرا
ينصُّ منْ أرساغها والمطا … إما جناحاً طارَ أو منسرا
قلْ لعميدِ الدَّولة ِ أفلحْ بها … قدْ سلَّمَ الخصمُ وزالَ المرا
فانظرْ إلى الأعقابِ من صدرها … لا بدَّ للمعتمِ أنْ يفجرا
ركبتها بزلاءَ مخطومة ٍ … تحملُ منكَ الأسدَ القسورا
ترمي بدارِ الذُّلِّ من خلفها … ظهراً وتبغي في العلا مظهرا
ناجيَّة ً تأخذُ منْ حظِّها … مقبلة َ ما تركتْ مدبرا
حتى استقلَّتْ بكَ بحبوحة ٌ … تشرفُ بالبادية ِ الحضَّرا
محميَّة َ الأرجاءِ أنْ هيِّجتْ … زعزعتْ الأبيضَ والأسمرا
تذكركَ المجدَ بوفدِ الجدا … وسامرَ اللَّيلِ ونارَ القرى
وغلمة ً حولك منْ عامرٍ … شرطكَ مدعوَّاً ومستنصرا
تحسبها إنْ غضبتْ جنَّة ً … وجانبَ الزَّابَ بها عبقرا
تأمرُ في ذاكَ وتنهى بما … أنفتَ انْ ينهى وأنْ يؤمرا
عدوَّكَ الآملُ ما لا يرى … أصبحَ منْ بعدكَ مستوزرا
دعوة ُ داعٍ لم يجدْ حظَّهُ … أشقى لهُ منكَ ولا أخسرا
قدْ أنكرتْ بعدكَ خطَّابها … فلا ترى كفئاً ولا ممهرا
وابتذلتْ حتى غدا ظهرها … أجلبَ مما ركضتْ أدبرا
بينَ بني العاهاتِ منبوذة … يزاحمُ الأعمى بها الأعورا
واستامها المفلسُ لمَّا غدتْ … تباعُ بالفلسِ فلا تشترى
كانتْ بكمْ مغنى هوى ً آهلاً … فاليومَ أضحتْ طللاً مقفرا
وساقها سالبها ظلَّكمْ … للذئبِ يرعى سرحها مصحرا
دامية ً منْ ندمٍ كفَّهُ … يأكلها الإبهامُ والخنصرا
ينشدُ منكمْ وطرافاتهُ … ويسألُ الرُّكبانَ مستخبرا
كعاشقٍ فارقَ أحبابهُ … طوعاً وسامَ اللَّيلَ طيفَ الكرى
أينَ لهُ أينَ بكمْ نادماً … معتذراً إلاَّ بأنْ يعذرا
ما أخلقَ العاثرَ يمشي بهِ … كسيرهُ أنْ يبتغي مجبرا
لا يعرفُ المعروفَ في أمرهِ … معمَّرٌ حتى يرى المنكرا
يا نعمة ً ما صاحبتْ صاحباً … وعقلة ُ النِّعمة ِ أنْ تشكرا
غداً يوافيكَ بأيمانه … جاحدكَ الغامطُ مستبصرا
بغدرة ٍ يرغبُ في بسطها … وزلَّة ٍ يسألُ أنْ تغفرا
فثمَّ فارددْ قادراً رأيكَ ال … شاردَ وابردْ صدركَ الموغرا
واجرِ منَ الصَّفحِ على عادة ٍ … مثلكَ مستولٍ عليها جرى
والتحمْ الجرحَ فقدْ طوَّحتْ … جنباهُ بالمسبار واستنهرا
بادرْ بها الفوتَ فما شلوها … أوَّلَ ميتٍ بكَ قدْ أنشرا
واركبْ مطاها فقدْ استخضعتْ … ذلاًّ لأنْ تلجمَ أو تثقرا
وروِّضْ البعدَ وتأديبهُ … لكَ الرِّقابَ الذُّلَّ والأظهرا
غرسٌ فتيٌّ أنتَ أنشأتهُ … فلا تدعْ غيركَ مستثمرا
ما أسَّسَ القادرَُ إلاَّ بنى … علواً ولا يخلقُ إلاَّ فرى
واسئلْ مواعيدي في مثلها … هلْ أخلفتْ أو كذَّبتْ مزجرا
لو نزلَ الوحيُ على شاعرٍ … قمتُ بشيراً فيكمْ منذرا
أو أدعى المعجزَ منْ ليسَ بال … نبيِّ كنتُ المعجزَ المبهرا
كمْ آية ٍ لي لو تحفظَّتمُ … بها وفألٍ بعلاكمْ جرى
يشكرُ مقروءاً ويشكو إذا … صحَّ الذي حدَّثَ أو خبَّرا
لا حقُّ منْ قدَّمَ حقَّاً بهِ … يعطى ولا فوزة ُ ما يشترى
وجلُّ حظِّي عندكمْ فيهِ ما … أجودَ ما قالَ وما أشعرا
تناسياً منْ حيثُ تقضي العلا … وتوجبُ القدرة ُ أنْ أذكرا
كنتمْ ربيعي وثرى أرضي … يلقى الحيا ظمآنَ مستبشرا
فما لربعي دارساً هامداً … مذ صرتمْ الأنواءَ والأبحرا
إليكمْ الصَّرخة ُ لا منكمُ … ما أخونَ الحظَّ وما أجورا
قدْ أكلتني بعدكمْ فترة ٌ … ما أكلتْ إلاَّ فتى ً مقترا
واستعذبتْ لحمي وإنْ لم تجدْ … إلاَّ ممرَّاً طعمهُ ممقرا
كنتُ على البلِّة ِ منْ مائكمْ … منتفضاً في ورقي مصفرا
فكيفَ حالي ونوى داركمْ … قدْ منعَ القطرة َ أنْ تقطرا
منْ لي بصونِ العمرِ في ظلِّهِ … سنيَّ أحصيهنَّ والأشهرا
ومنْ لكمْ غيري طباقُ الملا … ما راضهُ فيكمْ وما سيِّرا
حتى لقدْ سمِّيَ بكمْ مسرفاً … حيثُ يسمَّى مادحاً مكثرا
أقسمتُ إنْ فاتكمْ الدَّهرُ بي … ليندمنْ بعدي منْ قصَّرا
يا عروتي الوثقى أعدْ نظرة ً … في خلِّة ٍ منبوذة ٍ بالعرا
تلافَ بالعاجلِ ميسورها … وصبْ لو مؤتشلاً منزرا
واضمنْ على جودكَ منْ أجلِ ما … قدْ أنعمَ الوادي وعمَّ الثَّرى
ولا تدعني ودعاءُ الصَّبا … في معشرٍ أشقى بهمْ معسرا
نبِّهْ على أنْ أختصاصي بكمْ … يخرجكمْ بالرَّغمِ مني يرا
واطلعْ طلوعَ البدر ما ضرَّهُ … سراراهُ ليلة ً ما أقمرا
واستخدمْ النيروزَ واسعدْ به … مستعملاً في العزِّ مستعمرا
يومٌ منَ الأيامِ لكنْ رأى … لهُ عليها الفضلَ والمفخرا
كأنَّهُ منْ نخوة ٍ قلَّدَ ال … تسويدَ عنْ أمركَ أو أمَّرا
ينسبُ كسرى فإنْ أختاركمْ … ديناً فقدْ وافقكمْ عنصرا
يقسمُ والصِّدقُ قمينٌ بهِ … بما حبا الأرضَ وما نوَّرا
أنَّكَ تبقى مالكاً خالداً … ما ردَّ منهُ الدَّهرُ أو كرَّرا