وفى لي الحظُّ الَّذي كانَ يغدرُ … وصحَّ ليَ الدَّهرُ الّذي كانَ يتغيرُ
وسالمي صرفُ القضاءِ وبيننا … فلولُ المواضي والقنا المتكسِّرُ
وحسَّنتُ ظنِّي في الزَّمانِ وأهلهِ … فأصبحتُ أرجو وصلَ منْ كنتُ أحذرُ
وعرَّفني فيمنْ رأى غاية َ العلا … فطالبها بالسَّعيِ كيفَ يشمِّرُ
وكيفَ يغارُ الحرُّ منْ ثلمِ مجدهِ … فيدعمهُ بالمكرماتِ ويعمرُ
حنُّواً وفي قلبِ الزَّمانِ قساوة ٌ … ورعياً لحقّي وابنُ أمّي يخفرُ
ورفداً هنيئاً تستقلُّ كثيرهُ … وودّاً وما تسني منَ الودِّ أكثرُ
عطاؤكَ كافٍ واعتذاركَ فضلة ٌ … وغيركَ لا يعطي ولا يتعذّرُ
وفيتَ لآباءٍ تكلَّفتَ عنهمُ … فضائلَ ما سنُّوا الفخارَ وسيَّروا
كرامٌ طواهمْ ما طوى النَّاسُ قبلهمْ … وأنتَ لهمْ منْ ذلكَ الطيِّ منشرُ
مضوا سلفاً واستخلفوكَ لذكرهمْ … خلوداً فلمْ يخزِ القديمَ المؤخرُ
وأبقوا حديثاً طيِّبا منكَ بعدهمْ … وقدْ علموا أنَّ الأحاديثَ تؤثرُ
وزنَّاهمُ بالنَّاسِ بيتاً وأنفساً … فزلَّتْ موازينٌ وزادوا وثمّروا
وجئتَ بمعنى زائدٍ فكأنّهمْ … وما قصَّروا عنْ غاية ِ المجدِ قصَّروا
وإنْ أبا ابقاكَ مجداً لعقبهِ … وإنْ عبطتهُ ميتة ٌ لمعمِّرُ
أقولُ لركبٍ كالأجادلِ طوَّحتْ … بهمْ قامصاتٌ كالأهلَّة َ ضمّرُ
على قممِ البيداءِ منها ومنهمُ … إذا خفقَ الآلُ الملاءُ المنشَّرُ
رمتْ بهمْ الحاجاتُ كلَّ مخوفة ٍ … إذا سارَ فيها النَّجمُ فهوَ مغرِّرُ
إذا الليلة ُ العمياءُ منها تصرَّمتْ … تولاَّهمُ يومٌ منَ التِّيهِ أعورُ
رأوا رزقهمْ في جانبٍ متغذِّرا … تطاولهُ أعناقهمْ وهي تقصرُ
خذوا منَ زعيمِ الملكِ عهداً على الغنى … وردُّوا المطايا فاعقلوها وعقِّروا
دعوا جانبَ البرِّ العسوفِ وحوِّموا … عل البحرِ بالآمالِ فالبحرُ أغزرُ
ولا تحسبوا أفعالَ قومٍ ذللتمُ … عليها كما تروي الأسامي وتذكرُ
فما كلُّ خضراءَ منَ الأرضِ روضة ٌ … ترادِ ولا كلُّ السَّحائبِ تمطرُ
ببغدادَ في دارِ السلامَ محجبٌ … على عادة ِ الأقمارِ يخفى ويظهرُ
إذا كتمتهُ رقبة ٌ أو مكيدة ٌ … وشى بمعاليهِ العطاء المشهَّرُ
كريمٌ يرى أنَّ الغنيَّ تركهُ الغنى … وأنَّ اتقاءَ الفقرِ بالفقرِ مفقرُ
غلامٌ إذا ما عدَّ أعدادَ سنّهِ … ويومَ قضاءَ الحزمِ شيخٌ موقَّرُ
تمرَّنَ طفلاً بالسِّيادة ِ مرضعا … يدرُّ عليهِ خلفها ويوفِّرُ
لهُ من مقاماتِ الملوكِ صدورها … يقدِّمُ فيها إذنهُ ويؤخرُ
زعيماً على التَّدبيرِ لاهو حاجة ً … يعانُ على أمرٍ ولا هوَ يؤمرُ
لهُ منْ سرايا رأيهِ ولسانهِ … إذا نازلَ الأقرانَ جيشٌ مظفَّرُ
وأهيفُ يسري في العظائمِ حدُّهُ … ومنظرهُ في العينِ يضوي ويصغرُ
ترى الرزقَ والآجالَ طوعَ قضيَّة ٍ … تخطُّ على أمريهما وتسطِّرُ
ومرٌّ على الشُّحناءِ حلوٌ على الرِّضا … وللضيمِ يحلو لي فلا يتمرَّرُ
ضحوكٌ إذا حكمتهُ متطلقٌ … وأشوسُ إنْ نازعتهُ متنمِّرُ
كفى الملكُ ما استكفتْ لحاظٌ جفونها … وأغناهُ ما أغنى عنِ الكفِّ منسرُ
وقامَ لهُ بالنُّصحِ يثبتُ رجلهُ … على زلقٍ فيهِ الفتى يتعثرُ
فإنْ شكرتَ كفٌّ بلاءَ مهنَّدٍ … قضى نذرها فالملكُ لا شكَّ يشكرُ
لكَ اللهُ مولى نعمة ٍ ومفيدها … وغارسها منْ حيثُ تزكو وتثمرُ
ومستعبداً حرَّ القلوب وفاؤهُ … وحرَّ الكلامِ مالهُ المتيسِّرُ
جرى الخلفُ إلاَّ في علاكَ فأبصرَ ال … مقلِّدَ فيها واستقالَ المقصِّرُ
وقالَ بقولي فيكَ كلُّ محدثٍ … يرى أنَّني ما قلتُ إلاَّ وأخبرُ
وعنَّفَ قومٌ حاسديكَ جهالة ً … وذمُّوا وهمْ بالحمدِ أولى وأجدرُ
إذا عرفوا الفضلَ الّذي حسدوا لهُ … فتلكَ لهمْ مجدٌ يعدُّ ومفخرُ
أعاذكَ منْ عينِ الكمالِ الّذي قضى … بهِ لكَ قسماً فهويقضي ويقدرُ
ولا غشيتَ ظلماءُ إلاّ وفجرها … برغمِ العدا عمّا تحبونَ يسفرُ
فما تصلحُ الدّنيا ومنْ غيركمْ لها … أميرٌ مطاعٌ أو وزيرٌ مدبِّرُ
ولا عدمَ المدحُ الموفّى أجورهُ … بكمْ وهو في قومٍ سواكمْ مسخَّرُ
مواسمُ في أبياتكمْ بعراصها … تحطُّ وعنها في الثَّناءِ تسيَّرُ
تناوبكمْ منهُ سحائبُ ثرَّة ٌ … تروحُ على أغراضكمْ وتبكِّرُ
تسوقُ مطاياها رياحٌ زكيَّة ٌ … بما حملتْ منْ وصفكمْ تتعطَّرُ
إذا عرضتها الصُّحفُ شكَّ رواتها … أوشيُ حريرٍ أمْ كلامٌ محبَّرُ
تفيدُ قلوبَ السَّامعينَ توقُّرا … لها واهتزازاً فهي تصحي وتسكرُ
إليكَ زعيمَ الملكِ لانتْ رقابها … وذلَّتْ وفيها عزَّة ٌ وتغشمرُ
رأتكَ لها أهلاً فلانَ عصيُّها … لديكَ وقالتْ في فنائكَ أُحشرُ
إذا زاركَ النيروزُ عطلاً فإنَّهُ … يطوِّقُ منْ أبياتها ويسوِّرُ
وغاليتَ في أثمانها فشريتها … ربيحاً فظنَّ الغمرُ أنَّكَ تخسرُ
إذا المرءُ أعطاني كرائمَ مالهُ … ليأخذَ شعري فهو منِّي أشعرُ