يا واحداً في الفضلِ حالفني ندى … يدِهِ محالفة َ النّدى لمحلِّقِ
فازتْ منايَ بهِ وقرتْ أضلعي … هاتيكَ لم تُخفقْ وذي لم تَخْفقِ
فاضتْ لهاهُ وأطرفتْ في نوعها … أذهبنَ مذهبَ مغربٍ أو مغرقِ ؟
إن يكسُ عطفي فالسماءُ بجودها … تكسو الربى خلعَ النباتِ المونقِ
أما نداهُ فكوثرٌ وفناؤهُ … عَدْنٌ وهذا الزيُّ من إستبرَقِ
ما زالَ يُظهرُ فيَّ آية َ جودِهِ … حتى كساني بالسحابِ الأزرقِ
زَارَتْ سحائِبُهُ البقاعَ حفاوة ً … حيثُ السحابُ معَ الثرى لا يلتقي
إني سجعتُ حمامة ً بمديحهِ … فأفادني لونَ الحمامِ الأورقِ
ولقَدْ تمرَّسَ بي مَلِيّاً بحرُهُ … حتى تبينَ درهُ في منطقي
يا جودَهُ بَلَّغْتَني ما أشتهي … وملكتَني وكفيتَني ما أتَّقي
كنْ موسماً لمطامعي، أو ميسماً … في جبهتي ، أو مغفراً في مفرقي
يعطي ويحذو حذروهُ ابنٌ ماجدٌ … أخْذَ الرّبيعِ عن الغمامِ المغدقِ
ما حيلتي بِنَداكُما وقد التقى … بحرا سماحٍ في مجالٍ ضيقِ
ماذا التأنقُ في السماحة ِ خففوا … عنكمْ وعنْ هذا اللسانِ المرهقِ
ما المزنُ إلا محسنٌ لكنكمْ … حزتمْ شفوفَ المحسنِ المتأنقِ
أثْقَلْتُماني إنّما بيَ خَجْلة ٌ … من أن أقول لهبة ِ الجودِ ارفقي
قومٌ إذا ارتجلوا المكارمَ نمقوا … ما لا تنمقهُ روية ُ ملفقِ
أعْطَيتَها صُفراً كأنَّ بوارقاً … زارتْ يدي لكنها لمْ تقلقِ
حيَّيْتَ آمالي بطاقة ِ نَرجسٍ … أدرَكتُ نَفْحَتها بِغيرِ تَنَشُّقِ
نورتَ مني حالة ً دهماءَ لوْ … مسحَ الصباحُ أديمها لم تشرقِ
بَيَّضتَ عُمرِي كلَّهُ وأعدتَهُ … برّاً فما هوَ بالعقوقِ الأبلقِ
أذهَبْتَ عني الجدبَ حتى خفتُ أن … أنمى إلى الأدبِ انتماءَ الملصقِ
ولَّيتَ إحلالي لواحظَ نائمٍ … و رأيتَ خلاتي بلحظِ مؤرقِ
و رأيتَ بي ضنكاً وهونَ بضاعة ٍ … فهززتَ عِطفَ منفِّسٍ ومنفِّقٍ
استخلص ابنُ خلاصٍ الهِممَ التي … فتنَ النجومَ بأسعدٍ وتألقِ
صَدَقَتْ مخايلُ جودِهِ ونشتْ كما … تبدُو تباشيرُ الصباح المُشرقِ
لا مثل جودٍ يضمحلُّ كأنهُ … بُشرى هلالِ الفطرِ غيرَ محقَّقِ
كالطودِ لكن فيهِ هزة ُ عاطفٍ … كالليثِ لكنْ فِيهِ شيمة ُ مُشفقِ
كالظلَّ إلا نورهُ وثبوتهُ … كالشمسِ إلاّ في لظاها المحرقِ
أحيا الصحابة َ والداية َ عصرهُ … وأماتَ مَغربُهُ حديثَ المَشْرِقِ
يا أهلَ سبتة َ هذه السيرُ التي … أبدتْ فضائلَ مَن مضى في من بقي
و ضحتْ ولمْ تعثر يدا متتبعٍ … مثل الحروفِ لمسنَ فوقَ المهرقِ
يلقاكَ بَيْنَ وزَارتيهِ وبِشرِهِ … كالسيفِ راعَ بمضربينِ ورونقِ
تجني المَعالي من رسومِ عُلاهُ ما … تجني الصنائعُ من حدودِ المنطِقِ
و إذا تعرضهُ الحسودُ فمثلما … يتعرضُ البرهانَ قولُ ملفقِ
أدركتُ سؤلي مِنْ نَداكَ شهامة ً … ومدائِحي في نجدِ مجدكَ ترتقي
ما لاحَ سرُّ الدهرِ قبلكَ إنما … كانَ الزمانُ كمامة ً لمْ تفتقِ