يا بريد النيل إن جئت الشآما … فاقض للأهلين عن مصر الذماما
إن في تلك المغاني لهوى … صادق العهد وأحبابا كراما
عقد الحب المصفى بيننا … عروة تأبى مدى الدهر انفصاما
ما ترى الأردن بالنيل احتفى … وترى النيل على الأردن حاما
للشآميين منا ولنا … منهم العهد الذي يبقى لزاما
ضمنا للدهر ساق حول … يخدع الشرب ويلهو بالندامى
فشربنا الصفو من راووقه … وتساقينا القذى جاما فجاما
نحن في القطرين إخوان الهوى … نرد النهرين شهدا وسماما
ألبستنا الضاد في عليائها … من سنى الأنساب ما يجلو الظلاما
فطلعنا في بني الدنيا هدى … وسطعنا في نواحيها سلاما
أمم المشرق لولا ما بنا … من حياة أصبحت موتى رماما
والزمان الضخم لولا أننا … من بنيه هان قدرا ومقاما
نحن سسنا الأمر سلما ووغى … وملكنا الدهر شيخا وغلاما
أمة للخلد تستعصي على … عزة الموت وتأبى أن تضاما
طاولت فرعون في سلطانه … وابتنت في تاجه الملك الجساما
ومضت تعلو فلما زوحمت … طاولت هارون عزا وهشاما
راعت الأملاك في أجنادهم … وانتحت تغزو الخواقين العظاما
يا بني الآداب حيوا علما … تسكت الأعلام إن قال احتشاما
إن ذكرتم دولة الضاد فلا … تنسوا التاج ولا الشيخ الإماما
إن جبرا والدعاوى جمة … لفتاها حين لا ترجو اعتصاما
عبقري ذاد عن أحسابها … فتجلت عبقريات وساما
تبهر الأرض وتعلو صعدا … فتضيء الشهب أو تسقي الغماما
دولة تعتز منه في حمى … ملك يلقي له الشعب الزعاما
غودرت في الشرق فوضى فانبرى … ينشر الدستور فيها والنظاما
بعث القواد في أقطاره … يأخذون الموقع الأقصى اقتحاما
ريع جيش الجهل لما جردوا … من سنى عرفانه الجيش اللهاما
مرهف الأقلام يأتي في الوغى … من جليل الفتح ما يعيي الحساما
أدب ينساب من معسوله … في ربوع الشرق ما يشفي السقاما
مثل عين الخضر من يظفر به … لا يذق داء ولا يطعم حماما
إن للعلم لسرا جللا … نستفيد الخلد منه والدواما
غاب عن علم الفراعين الألى … زلزلوا الأقطار بأسا واعتزاما
فتش الأجداث عن تيجانهم … واسأل الأحجار والصخر المقاما
هل ترى عيناك إلا حفرا … تلقظ القوم جلودا وعظاما
عاث ريب الدهر فيما جمعوا … من كنوزكن في الترب ركاما
حل للمغتال في رأد الضحى … من غواليهن ما كان حراما
رب جيش بات يقظان القنا … ساهر الأسياف يخشى أن تراما
سؤدد زور ومجد باطل … وحياة تورث الداء العقاما
إن وصفت الملك يطويه البلى … فصف الأحلام تستهوي النياما