وَآلِفَةٍ بَرْدَ الحِجَالِ احْتَوَيْتُها،وَآلِفَةٍ بَرْدَ الحِجَالِ احْتَوَيْتُها، … وَقد نامَ مَنْ يَخشَى عليها وَأسْحَرَا
تَغَلْغَلَ وَقّاعٌ إلَيْهَا، وَأقْبَلَتْ … تَجُوسُ خُدارِيّاً من الليلِ أخضَرَا
لَطِيفٌ إذا ما انسلّ أدْرَكَ ما ابتغَى … إذا هُوَ للطِّنْءِ المَخوفِ تَقَتّرَا
يَزِيدُ عَلى مَا كُنْتُ أوْصَيْتُهُ بِهِ، … وَإنْ ناكَرْتُهُ الآنَ ثُمّتَ أنْكَرَا
وَلَوْ أنّهَا تَدْعُو صَدايَ أجابَهَا … صَدايَ، لِعَهْدِ بَعْدَها ما تَغَيّرَا
يَقُولُ: أما يَنْهاكَ عَنْ طَلَبِ الصِّبا … لِداتُكَ قد شابُوا وَإنْ كنتَ أكْبَرَا
مِنِ ابنِ الثّمانِينَ الذي لَيسَ وَارِداً … وَلا جائِياً مِنْ غَيْبَةٍ مُتَنَظَّرَا
أبَتْ مُقْلَتَا عَيْنيّ وَالصّاحِبُ الذي … عَصَى الظنَّ مُذ كنتُ الغلامَ الحَزَوّرَا
وَقَدْ كُنْتُ لا لَهْواً تُرِيدُ لِقَاءَهُ، … فقد كنتُ إذ أمْشِي إليكَ كأوَجَرَا
لِقاؤكِ في حَيْثُ التَقَيْنَا، وَإنّما … أطَعْتُ مَوَاثِيقَ الجَرِيّ المُكَرَّرَا
وَلَيْلَةَ بِتْنَا دَيْرَ حَسّانَ نَبّهَتْ … هُجُوداً وَعِيساً كالخَسِيّاتِ ضُمَّرَا
بكَتْ ناقَتي لَيْلاً، فَهاجَ بُكاؤها … فُؤاداً إلى أهْلِ الوَرِيعَةِ أصْورَا
وَحَنّتْ حَنِيناً مُنكَراً هَيّجَتْ بِهِ … على ذي هَوىً من شَوْقِهِ ما تَنكّرَا
فَبِتْنا قُعُوداً بَينَ مُلْتَزمِ الهَوَى، … وَناهي جُمانِ العَينِ أنْ يَتحَدّرَا
تَرُومُ عَلى نَعْمانَ في الفَجرِ ناقَتي، … وَإن هيَ حنّتْ كنتُ بالشّوْقِ أعْذَرَا
إلى حَيْثُ تَلقَاني تَمِيمٌ إذا بَدَتْ … وَزدْتُ على قَوْمٍ عُداةٍ لِتُنْصَرَا
فَلَمْ تَرَ مِثْلي ذائِداً عَنْ عَشِيرَةٍ، … وَلا ناصِراً مِنْهُمْ أعَزَّ وَأكْثَرَا
فإنَّ تَمِيماً لَنْ تَزُولَ جِبَالُهَا، … وَلا عِزُّها هادِيُّهُ لَنْ يُغَيَّرَا
أقُولُ لها إذْ خِفْتُ تَحْوِيلَ رَحْلِها … عَلى مِثْلِها جَهْداً، إذا هوَ شَمّرَا
تُساقُ وَتُمْسِي بالجَرِيضِ وَلم تكُنْ … مِنَ اللّيْثِ أن يَعدو عَليها لتُذْعَرَا
فإنّ مُنى النّفسِ التي أقْبَلَتْ بِهَا … وَحِلَّ نُذُورِي إنْ بَلَغْتُ المُوَقَّرَا
بهِ خَيرُ أهلِ الأرْضِ حَيّاً وَمَيّتاً، … سِوَى مَن بهِ دِينُ البَرِيّةِ أسْفَرَا
جَزَى الله خَيْرَ المُسْلِمينَ وَخَيرَهمْ … يَدَيْنِ وَأغناهُمْ لِمَنْ كانَ أفقَرَا
إمَامٌ كَأيّنْ مِنْ إمَامٍ نَمَى بِهِ … وَشَمْسٍ وَبَدْرٍ قَد أضَاءا فَنوّرَا
وَكانَ الّذي أعطاهُما الله مِنْهُمَا … إمَامَ الهُدَى وَالمُصْطَفَى المُتَنَظَّرَا
تَلَقّتْ بهِ في لَيْلَةٍ كانَ فَضْلُها … عَلى اللّيْلِ ألْفاً مِنْ شُهُورٍ مُقَدَّرَا
فَلَيْتَ أمِيرَ المُؤمِنِينَ قَضَى لَنَا، … فَرُحْنا، ولَمْ تَنْظُرْ غَداً مَن تعذَّرَا
كَأنّ المَطايا، إذْ عَدَلْنا صُدُورَها … بَعْثْنَا بِأيْدِيها الحَمَامَ المُطَيَّرَا
فكَمْ من مُصَلٍّ قد رَدَدتَ صَلاتَهُ … لَهُ بَعْدَما قَد كانَ في الرّومِ نصّرَا
يَدَيْهِ بِمَصْلُوبٍ عَلى سَاعِدَيْهِما … فأصْبَحَ قَدْ صَلّى حَنِيفاً وَكَبّرَا
فَتَحَتَ لهُمْ حتى فكَكْتَ قُيودَهمْ … قَناطِرَ مَنْ قَد كانَ قَبلَكَ قَنطَرَا
وَلَيْسَتْ كمَا تَبني العُلوجُ وَحُوّلَتْ … عَنِ الجِسْرِ أبْدانُ السّفِينِ المُقَيَّرَا
لُجَينِيّةً بيضاً، وَمَيّالَةَ العُرَى، … هِرَقْلِيّةً صَفَرَاءَ من ضَرْبِ قَيصرَا
تَنَاوَلْتَ ما أعْيا ابنَ حَرْبٍ وقَبْلَهُ … وَأعْيَا أبَاكَ الحَازِمَ المُتَخَيَّرَا
وَما كانَ قَدْ أعْيَا الوَليدَ وَبَعْدَهُ … سُلَيمانَ مِمّن كان في الرّومِ أعصَرَا
وَأعيا أبا حَفْصٍ فكَسّرْتَ عَنهُمُ … على أسْوُقٍ أسرَى الحَديدَ المُسَمَّرَا
فَلَوْلا الذي لا خَيرَ في النّاسِ بَعدَهُ … بِهِ قَتلَ الله الّذِي كانَ خَبّرَا
بِهِ دَمّر الله المَزُونَ وَمَنْ سَعَى … إلَيْهِمْ كمَا كانَ الفَرَاعِينَ دَمّرَا
وَأصْبَحَ أهْلُ الأرْضِ قَد جَمَعَتهمُ … يَدُ الله وَالأعمى المَرِيضَ فأبصَرَا
إلى خَيرِ أهلِ الأرْضِ أُمّاً وَخَيرِهمْ … أباً وَأخاً إلاّ النّبيَّ، وعُنْصُرَا
سَأثْني على خَيرِ البَرِيّةِ وَالّذِي … عَلى النّاسِ ناءَ الغَيثُ مِنهُ فأمْطَرَا
أرى الله في كَفّيْكَ أرْسَلَ رَحْمَةً … على الناسِ ملءَ الأرْضِ ماءً مُفجَّرَا
رَبِيبُ مُلُوكٍ في مَوَارِيثَ لمْ يَزَلْ … بهَا مَلِكٌ إنْ ماتَ أوْرَثَ مِنْبَرَا
بَنَيْتَ الّذي أحْيا سُلَيْمانَ وَابْنَهُ … وَداوُدَ وَالجِنّ الذي كانَ سَخّرَا
فأصْبَحَ جِسْراً خالِداً، ويَدُكّهُ … إذا دَكّ عَنْ يأجوجَ رَدْماً فَنَشَّرَا
بِقُوّتِهِ الله الّذِي هُوَ بَاعِثٌ … عِبَاداً لَهُ مِنْ خَلْقِهِ حِينَ نَشّرَا
عَصَائِبَ كانَتْ في القبورِ، فبُعِثرَتْ، … وَعَادَ تُرَاباً خَلْقُهُ، حِينَ قَدّرَا