هنِّيتَ هنِّيتَ بالأقدام والظفر … فاسلمْ ودُم سالماً بالعزِّ وافتَخِر
زلزلت بالسيف أركاناً مشيدة … تكاد تلحق بعد العين بالأثر
أنت المنيب إلى الله العزيز به … والمتّقي منه في أمنٍ وفي خطر
بطشتَ بطش شديد البأس منتقم … من بعد ما كنت قد بالغت في النذر
إنَّ الخوارج عن أمر أمرت به … جاءت إليك لعمري غير مفتقر
هم عاهدوك على أن لا تُمَدَّ لهم … يدٌ إلى شجر عدواً ولا عشر
ولا ينالون منها غير ما ملكت … أيمانهم بعدما يودى من العُشُرِ
لو أنهم صدقوك القول يومئذٍ … قبلت بالعفو عنهم عذر معتذر
كفى بمكا كان منك اليوم تبصرة … لو يعقلون لذي سمع وذي بصر
لبَّتك أبناء نجد إذ دعوتهم … فأقبلت زمراً تأوي إلى زمر
جاءت إليك كأسْدِ الغابِ عادية … على أعاديك تحمي البيض بالسمر
تهون دونك منهم أنفسُ كَرُمَتْ … في عزّة ِ الموت أو في لُجَّة الخطر
كأنما تنتضيها من عزائمهم … صوارماً طبعوها آفة العمر
والحرب قائمة منهم على قدم … والنفع يكحل عين الشمس بالحور
وللمدافع إرعاد وزمجرة … ترمي جهنَّنمها الطاغين بالشرر
إذا قضى الحتف من أبطالها وطراً … ففي سليمان منها لذة الوطر
بغلمة كسيوف الهند مصقلة … ما شيب منها صفاء الود بالكدر
لا ينزلون على كرهٍ بمنزلة … ولا يضامون في بدو وفي حضر
وكم جمعت وشجعّت الرجال وكم … علّمتها الحرب بعد الجبن والخور
وافاك من قومه الأعجام في نفر … حرب تشب بنار من لظى سقر
علّمتهم كيف يمضي السيف شفرته … وليس يغني حذار الموت عن قدر
سرت بهم نفحات منك تبعثهم … إلأى الشجاعة بعث النادر الحذر
وأنت وحدك فيهم عسكر لجب … سود الوقائع من راياتك الحمر
وأنت بالله لا بالجيش منتصر … فيا لمستنصر بالله منتصر
قد أفلح الناس باديها وحاضرها … من آمرٍ بالذي تهوى ومؤتمر
وأنت هادٍ لها في كل مشتورٍ … وأنتَ مقدامُها في كل مشتجر
وربَّ أمرٍ مهول من عظائمه … أنْ ليس ترنو إليه عين محتقر
فعلت بالرأي والتدبير يؤمئذ … ما ليس تفعله بالصارم الذكر
وإنّك العضب راع العين منتظراً … من صنعة الله لا من صنعة البشر
ترقّ للناس ما تصفو ضمائرها … برقّة ٍ كنسيم الروض في السحر
والغلّ يكمن من تلك الخوارج في … قلوبها ككمون النار في الحجر
عادوا فَعُدت إلى ما كنت تفعله … في حالك من ظلام النقع معتكر
والخيل تفعل بالقتلى سنابكها … لعب الصوالج يوم الروع بالأكر
وقمت تخطب في حد الحسام على … منابر الهام بالآيات والسور
والسيف أصدق ما تنبيك لهجته … بموجزم لسان الحال مختصر
دانوا لأمرك بعد الذل وامتثلوا … وكان عفوك عنهم عفو مقتدر
كم من يدٍ لهم طولى تطول على … سمر العوالي رماها الله بالقصر
ومنذ عادوا فقد عادوا لمهلكة … لما نهوا عنه من بغيٍ ومن وطر
في كل عام لهم حرب ومعترك … وموعد للمنايا غير منتظر
وهم متى شئت كانوا منك يومئذ … لدى المنيّة بين الناب والظفر
لا يبلغ الشر منهم مثل مبلغه … في عامهم ذلك الماضي ولم يثر
وربَّ أحمقَ معروفٍ لشهرته … وافاك قومه الأعجام في نفر
لا يعرفون وجوه الموت ترهقهم … ذلاً وتوسعهم طرداً إلى الغرر
أخزاهم الله في الأدبار إذ ذبحوا … قبل الخلائف ذبح الشاة والبقر
وفرّ قائدهم من خوفه هرباً … حتى تحجَّب بالحيطان والجدر
ليت المنيّة غالته بمهلكة … وقد أصيب لحاه الله من دير
إن الأباعد لم يُوثَقْ بخدمتهم … هم العدوُّ فكن منهم على حذر
أبْعِدْ عن العسكر المنصور منزلهم … فشرّهم غير مأمون من الضرر
لا يصلح الجاهل المغرور في نظر … إلاّ إذا كان مصروفاً عن النظر
المفسدون بأرض ينزلون بها … والبارزون بقبح الفعل والصور
لله درك لم تسبق بما فعلت … منك العزائم في ماض من العصر
بعث للبصرة الفيحاء تحفظها … بصارم البأس من أحداثها الغير
طهّرتها من فساد كان يكنفها … ولم تدع باغياً فيها ولم تذر
وصنتها عن شرار الناس قاطبة … صون الجنين لدى الإنفاق بالبدر
فعلتَ فعلاتك الأتي فعلتَ بها … تبقى مع الدهر في الأخبار والسير