هل الحرب إلا أن تطير الجماجم … أم البأس إلا ما تجيء الضراغم
بأي سلاح يطلب النصر هالكٌ … سلاح المنايا قاصفٌ منه قاصم
لواآه في الهيجاء جبنٌ منكبٌ … به عن سبيليها ورعب ملازم
يرى النصرات البيض يلمعن دونه … وليس له منهن إلا الهزائم
رمى نفسه في جوف دهياء أطبقت … عليه فأمسى وهو خزيان نادم
وما الحتف إلا نزوة ٌ من مخدعٍ … تمادت به أوهامه والمزاعم
رويداً بني روما فللحرب فتية ٌ … تهيج الظبى أطرابهم واللهاذم
إذا نفروا لم ينفروا عن شمالها … ولم يصحروا عن سيلها وهو عارم
بنوها الألى لا يرهبون بها الردى … إذا اهتزمت في حافتيها الزمازم
معمون فيها مخولون إذا اعتزوا … نمتهم قريشٌ في الحفاظ وهاشم
وشوسٌ شداد البأس من آل يافثٍ … تخوض دم الأبطال والبأس جاحم
لهم كل يومٍ غارة ٌ تصبح العدى … وأخرى تضيء الليل والليل فاحم
إذا أقدموا لم يثنهم عن مغارهم … غداة الوغى أهوالها والمآزم
أولئك أبطال الخلافة تحتمي … بأسيافهم إن داهمتها العظائم
هم المانعوها أن يقسم فيئها … وأن تستبى بيضاتها والمحارم
دعائمها الطولى وآطامها العلى … إذا أسلمت آطام أخرى الدعائم
وما الملك إلا ما أطالت وأثلث … طوال العوالي والرقاق الصوارم
لقد خاب من ظن الأساطيل عدة ً … تقيه الردى إن قام للحرب قائم
ألست ترى ذؤبان روما ومالهم … من الحتف في بطحاء برقة عاصم
إذا استصرخوا أسطولهم لم يكن لهم … من النصر إلا أن تثور الدمادم
تناءى به الأمواج آناً وتدني … ويجري حفافيه الردى المتلاطم
ففي البحر مذعورٌ وفي البر طائحٌ … وما منهما إلا على الحرب ناقم
رجوا من لدنا السلم إذ فات حينه … وإن الذي يرجو المحال لواهم
أبوا أن يكف المشرفيات حلمها … أفالآن لما استجهلتها الملاحم
أسلماً وفي البيداء عاوٍ من الطوى … وفي الجو عافٍ يطلب القوم حائم
علينا لكل ذمة ٌ لا تضيعها … وعهدٌ على ما يحدث الدهر دائم
تواصوا به الآباء حتى إذا مضوا … توارثه منا الأباة القماقم
وما عاب عهد العرب في الناس عائبٌ … ولا لامهم يوماً على الغدر لائم
ولا جاورتهم منذ كانوا مسبة ٌ … ولا فارقتهم منذ حلوا المكارم
هم الناس لا ما تنكر العين من قذى ً … وتوشك أن تنشق منه الحيازم
أرى أمماً فوضى يسوس أمورهم … مسيمٌ بأطراف الدياميم هائم
له جهلات يرتمين به سدى ً … كذى أولقٍ لم تغن عنه التمائم
ألا إن بالبيض الخفاف لغلة ً … وإن بنا ما لا يطيق المكاتم
رفعنا لواء السلم براً ورحمة ً … وقلنا يسوى الأمر والسيف نائم
فما هابنا من جيرة السوء هائبٌ … ولا سامنا غير الهضيمة سائم
أرى القوم أحيوا سنة الظلم والأذى … فقامت بهم آثارها والمعالم
وأصبح ما سن الهداة وما بنوا … تعاوره تلك الأكف الهوادم
سماعاً بني الحق المضاع فإنني … لأطمع أن يعطي السوية ظالم
وما هي إلا غضبة ٌ فانطلاقة ٌ … فوثبة ضارٍ تتقيه الضياغم
أنذعن للباغي ونعطيه حكمه … وفي الترك مقدامٌ وفي العرب حازم
هما أخوا العز الذي دون شأوه … تخر الصياصي خشعاً والمخارم
أقمنا على عهدي وفاءٍ وألفة ٍ … فما بيننا قالٍ ولا ثم صارم
على طول ما قال الوشاة وخببت … حقود الأعادي بيننا والسخائم
وكيف نطيع العاذلين وترتقي … إلينا وشايات العدى والنمائم
أنصدع ركن الدهر من بعد مارسا … وقرت أواسيه بنا والقوائم
فأين الوصايا والمواثيق جمة ً … وأين القوى مشدودة ً والعزائم
وأين النهى موفورة ً لا يزيغها … من الأمل المكذوب ما ظن حالم
ألا إن من شق العصا لمذممٌ … وإن الذي يبغي الفساد لآثم
ومن كان يأبى أن يوالي إمامه … طواعية ً والاه والأنف راغم
يعلم من خان الخليفة أنه … مواقع أمرٍ شره متفاقم
أطاع هواه واستزلته فتنة ٌ … عضوصٌ تلوى في لهاها الأراقم
له الويل ماذا هاج من نزواته … فثار يرامي ربه ويراجم
أيطلب ملكاً أم يريد خلافة ً … تقام لها في المشعرين المواسم
تباركت ربي كيف يعصيك مسلمٌ … فيوقع بالإسلام ما أنت عالم
تباركت إن المسلمين كما ترى … تفاريق منها مستطير ورازم
فيا رب بالبيت العتيق وما ثوى … بيثرب من قبرٍ له الروح خادم
تول شعوب المسلمين برحمة ٍ … تؤلف فيما بينهم وتلائم
أيرضيك ربي أن يقادوا لحتفهم … قياد الأسارى أوثقتها الأداهم
ولولا ذماءٌ من حياة ٍ ذميمة ٍ … لقامت علينا في البلاد المآتم
ولولا إباءٌ من رجالٍ أعزة ٍ … إذن وطئت منا الجباه المناسم
وضاعت بلاد نام عنها ولاتها … إلى أن تولاها المغير المهاجم
أقام يصاديهم وظل ملاوة ً … يراودهم عن عقرها ويساوم
فقالوا يمين الله نسلم أرضنا … ولما تزل أنجادها والتهائم
وإنا لنأبى أن يحارب قومنا … عدو وفينا ما حيينا مسالم
وجاشوا إلينا بالقواضب والقنا … سراعاً كما جاشت بحورٌ خضارم
أولئك جند الله هل من مغالبٍ … وفيلقه الغازي فأين المقاوم
لهم من فنون الحرب ما تجهل العدى … وتعرفهم أسلابهم والغنائم
وقائع يمشي النصر في جنباتها … وسرب المنايا والنسور القشاعم
وللصدمة الكبرى قريبٌ وإنها … لتلك التي يزور عنها المصادم
لئن هد بأس الباسلين من العدى … فإن كبير الباسلين لقادم
سيحيى رجاء المشرقين وتشتفي … على يده منا النفوس الحوائم
لنعم الشهاب المستضاء بنوره … إذا اسود من ليل الحوادث قاتم
ونعم فتى الجلى إذا ما توثبت … وأمسى الفتى من دونها وهو جاثم
سلام عليه يوم يسمو إلى الوغى … يهز لواء النصر والنصر باسم
ويوم يعيد السيف في الغمد ما به … فلولٌ ولكن أعوزته الجماجم