نعاهُ للفضلَ والعلياءِ والنسب … ناعيه للأرضِ والأفلاك والشهب
ندباً وشرعاً وجوب الحزن حين مضى … فأي حزن وقلب فيه لم يجب
نعم إلى الارض ينعى والسماء على … فقيدكم يا سراة َِ المجدِ والحسب
بالعلم والعمل المبرور قد ملئت … أرضٌ بكم وسماءٌ عن أبٍ فأب
مقدمٌ ذكرُ ماضيكم ووارثه … في الوقت تقديمَ بسم الله في الكتب
آهاً لمجتهد في العلم يندبه … من بات مجتهداً في الحزن والحرب
بينا وفود الندى منهلة منناً … إذا نازلتنا الليالي فيه عن كثب
و أقبلت نوبُ الأيامِ ثائرة ً … إذ كان عوناً على الأيامِ والنوب
ففاجأتنا يدُ التفريقِ مسفرة ً … عن سفرة ٍ طال فيها شجوُ مرتقب
و جاءنا عن إمامٍ مبتدا خبرٍ … لكن به السمع ُ منصوبٌ على النصب
قالت دمشقُ بدمع النهرِ واخبراً … فزعت فيه بآمالي إلى الكذب
حتى إذا لم يدع لي صدقهُ أملاً … شرقتُ بالدمع حتى كادَ يشرق بي
و كلمتنا سيوفُ الكتب قائلة ً … ما السيفُ أصدقُ أنباءً من الكتب
و قال موتُ فتى الانصارِ مغتبطاً … الله اكبرُ كلّ الحسنِ في العرب
لقد طوى الموتُ من ذاكَ الفرند حلى … كانت حلى الدين والأحكام والرتب
و خصّ مغنى دمشق الحزنُ متصلا ً … بفرقتين أباتتها على وصب
كادت رياحُ الأسى والحزن تعكسها … حتى الغصون بها معكوسة العذب
و الجامع الرحب أضحى صدره حرجاً … والنسر ضمّ جناحيه من الرهب
و للمدراس همّ كاد يدرسها … لولا تدارك أبناءٍ له نجب
من للهدى والندى لولا بنوه ومن … للفضل يسحب أذيالاً على السحب
من للفتوة والفتوى مجانسة … في الصيغتين وفي الآداب والأدب
من للتواضع حيث القدر في صعدٍ … على النجوم وحيث العلم في صبب
من للتصانيف فيها زينة وهدى … و رجم باغٍ فيا لله من شهب
أمضى من النصل في نصر الهدى فإذا … سلتِ نصال العدى أوقى من اليلب
ذو همة ٍ في العلى والعلمِ قد بلغت … فوق السماك وما تنفك في دأب
حتى رأى العلم شفع الشافعي به … و قال من ذا وذا أدركتُ مطلبى
من للتهجد أو من للدعا بسطت … به وبالجود فينا راحتا تعب
من للمدائحِ فيه قد حلت وصفت … كأنما افتر منها الطرسُ عن شنب
لهفي لنظام مدح ٍ فكرُ أجمعهم … بالهم لا بالذكا أمسى أبا لهب
كأن أيديهمو تبت أسى فغدت … من عيّ أقلامها حمالة َ الحطب
لهفي على الطهر في عرض وفي سمة … وفي لسان وفي حكم وفي غضب
محجبٌ غير ممنوعِ الندى بسنا … عليائهِ ومهيب غير محتجب
أضحى لسبك فخارٍ من محاسنه … على العراق فخار غير منتقب
آهاً لمرتحلٍ عنا وأنعمهُ … مثل الحقائب للمثنين والحقب
إيمان حب إلى الاوطان حركه … حتى قضى نحبه يا طول منتحب
لهفي لكل وقور من بنيه بكى … وهو الصواب بصوب الواكف السرب
و كل بادية في الحجب قلنَ لها … يا أختَ خير أخ يا بنتَ خير أب
إلى الحسين انتهى مسرى علي فلا … هنئت يا خارجي الهم بالغلب
بعدَ الإمام عليٍّ لا ولاء لنا … من الزمان ولا قربى من النسب
يا ثاوياً والثنا والحمدُ ينشره … بقيتَ أنتَ وأفنتنا يد الكرب
نم في مقام نعيم غير منقطع … و نحن في نار حزن غير متئب
من لي بمصر التي ضمتك تجمعنا … ولو بطون الثرى فيها فيا طربي
ما أعجب الحال لي قلبٌ بمصرَ وفي … دمشق جسمي ودمعُ العينِ في حلب
بالرغم منا مراثٍ بعد مدحك لا … تسلى ونحنُ مع الأيامِ في صخب
ما بين أكبادنا والهمّ فاصلة ٌ … كلاّ ولا لصنيع الشعر من سبب
أما القريضُ فلولا نسلكم كسدت … أسواقهُ وغدت مقطوعة الجلب
قاضي القضاة ِ عزاءً عن إمام تقى … بالفضل أوصى وصايا المرءِ بالعقب
فأنت في رتب العليا وما وسعت … بحرٌ تحدث عنه البحر بالعجب
ما غاب عنا سرى شخص لوالده … وعلمه والتقى والجود لم يغب
جادت ثراك أبا الحكام سحبُ حياً … تخطو بذيلٍ على مثواك منسحب
وسار نحوك منّا كلّ شارقة ٍ … سلام كلّ شجيّ القلب مكتئب
تحية الله نهديها وتتبعها … فبعدَ بعدكِ ما في العيش من أرب
وخفّف الحزن إنا لاحقون بمن … مضى فأمضى شباة الحادث الأشب
إن لم يسر نحونا سرنا إليه على … أيامنا والليالي الذهب والشهب
إنا من التّرب أشباح مخلقة … فلا عجيبٌ مآلُ التربِ للترب