مُصابُ بَنِي الدنيا عظيمٌ بأَدهمِ … وأعظمُ منه حيرة ُ الشعرِ في فمي
أأنطقُ والأنباءُ تترى بطيبٍ … وأسكتُ والأنباءُ تترى بمؤلم؟
أتيتُ بغالٍ في الثناءِ منضَّدٍ … فمَنْ لي بِغالٍ في الرِّثاءِ مُنظَّم؟
عسى الشعرُ أن يجزي جريئاً، لفقده … بَكى التركُ واليونانُ بالدمع والدّم
وكم من شجاعٍ في العداة ِ مكرَّمٍ … وكم من جبانٍ في اللداتِ مذمَّم
وهل نافعٌ جَرْيُ القَوافي لغاية ٍ … وقد فتكتْ دهمُ المنايا بأدهم
رمَتْ فأَصابت خيرَ رامٍ بها العِدَى … وما السَّهمُ إلا للقضاءِ المحتَّم
فتًى كان سيفَ الهندِ في صورة ِ امرىء ٍ … وكان فتى القتيانِ في مسكِ ضيغم
لحاهُ على الإقدام حسَّادُ مجدهِ … وما خُلِقَ الإقبالُ إلا لمُقْدِم
مزعزعُ أجيالٍ، وغاشي معاقلٍ … وقائدُ جَرّارٍ، ومُزْجِي عَرَمْرَم
سلوا عنه مليونا وما في شعابه … وفي ذرويته من نسورٍ وأعظم
وقال أناسٌ: آخرُ العهدِ بالملا … وهمتْ ظنونٌ بالتراثِ المقسَّم
فأَطْلَعَ للإسلام والمُلْكِ كوكباً … من النصر في داجٍ من الشك مُظلِم
ورحنا نباهي الشرق والغربَ عزَّة ً … وكُنَّا حديثَ الشامتِ المترحِّم
مَفاخرُ للتاريخ تُحْصَى لأَدهم … ومَنْ يُقْرِضِ التاريخَ يَرْبَحْ ويَغْنَم
أَلا أَيُّها الساعونَ، هل لَيس الصَّفا … سواداً، وقد غصَّ الورودُ بزمزم؟
وهل أقبلَ الركبانُ ينعونَ خالداً … إلى كلِّ رامٍ بالجمارِ ومحرم؟
وهل مَسجدٌ تَتْلُونَ فيه رِثاءَه؟ … فكم قد تَلَوْتُم مَدْحَهُ بالترنُّم
وكان إذا خاضَ الأسنة َ والظَّبى … تَنَحَّتْ إلى أَن يَعْبَر الفارسُ الْكَمِي
ومَنْ يُعْطَ في هذي الدَّنِيَّة ِ فُسْحَة ً … يُعَمَّرْ وإن لاقَى الحروبَ ويَسْلم
عليٌّ أَبو الزَّهراءِ داهية ُ الوغَى … دهاهُ ببابِ الدّارِ سيفُ ابن مُلْجَم
فروق، اضحكي وابكي فخاراً ولوعة ً … وقُومي إلى نعش الفقيدِ المعظَّم
كأمِّ شهيدٍ قد أتاها نعيُّة ُ … فخفَّتْ له بينَ البكا والتبسُّم
وخطِّي له بينَ السلاطينِ مضجعاً … وقبراً بجنبِ الفاتح المتقدِّم
بَخِلْتِ عليه في الحياة ِ بموكبٍ … فُتوبي إليه في الممات بمأْتم
ويا داءُ، ما أَنصَفْتَ إذْ رُعْتَ صدرَهُ … وقد كان فيه الملكُ إن رِيعَ يَحتمِي
ويا أيها الماشونَ حولَ سَريرِه … أَحَطْتُم بتاريخٍ فَصيحِ التكلُّم
ويا مصرُ، مَنْ شَيَّعْتِ أَعْلى همامة ً … وأَثْبَتُ قلباً مِنْ رَواسِي المقطَّم
ويا قومُ، هذا منْ يقام لمثله … مثالٌ لباغي قدوة ٍ متعلِّم
ويا بحرُ، تدري قدرَ مَنْ أَنت حاملٌ؟ … ويا أَرضُ، صونيه، ويا رَبِّي، ارْحَمِ