مَنْ لصبٍّ في هواكم مُستهامِ … دَنِفٍ نهبَ وُلُوعٍ وغَرامِ
فعلى خديّ ما تسقي الحيا … وعلى جسميَ ثوب من سقام
فسقاكم غدقاً من أدمعي … مستهلّ القطر منهل الغمام
عبراتٍ لم أزَل أهرقها … أو بيلّ الدمع شيئاً من أوامي
زفرة رَدَّدْتها فکضْطَرَمَتْ … في حشا الصبّ أشدَّ الاضطرام
هل عَلِمْتم بعدما قوَّضتمُ … أنَّ لي من بعدكم نوح الحمام
فارقت عيناي منكم أوجهاً … أسفرت عن طلعة البدر التمام
في عذاب الوجد ما أبقيْتُمُ … من فؤادي في غرام وهيام
مهجة ذاهبة فيكم وما … ذهبت يوم نواكم بسلام
عرضت واعترض الوجد لها … ورماها من رماة السرب رامِ
قل لمن سدّد نحوي سهمه … من أَحَلَّ الصَّيْدَ في الشهر الحرامَ
طالما مرّ بنا ذكركمُ … فتثنّى كلُّ ممشوق القوام
وبما أتحفَ منأخباركم … ربّما کستغنيت عن كل مدام
أو كانت عنكم ريح الصبا … نسمت بين خزامى وثمام
أين ذاك العهد في ذاك الحمى … والوجوه الغر في تلك الخيام
إنَّ أيّامي في وادي الغضا … لم تكن غير خيالٍ في منام
من مُعيرٌ ليَ منها زمناً … يرجع الشيخ إلى سنِّ الغلام
وأَحبّاء كأنْ لم يَأْخذوا … من أبيّاتِ المعالي بخطام
فرَّقتْ شملهم صرفُ النوى … وَرَمَتْهُم بعواديها المرامي
ولقد طالت عليهم حَسْرتي … فکقصرا إن تُنْصفاني من ملام
لستُ أنسى العيش صفواً والهوى … رائقاً والكأسُ ناراً في ضرام
بينَ ندمان كأَنْ قد أصْبَحوا … من خطوب الدّهر طرّاً في ذمام
ينثر اللؤلؤ من ألفاظهم … فترى من نثرهم حسن النظام
تفعل الراح بهم ما فعلت … هذه الدنيا بأبناء الكرام
إنّما كانت علاقات هوى … أصْبَحَتْ بعد کتّصالٍ بکنصرام
وکنقضى العهد وأيّام الصبا … أدفلتْ من بعدُ إجفال النعام
أسفاً للشعر لا حظّ له … في زمان الجهل والقوم اللئام
فلقوم حلية ٌ يزهو بها … ولأقوام سمامٌ كالسهام
والقوافي إنْ تصادفْ أهلها … کنسجمت في مدحهم أَيَّ کنسجام
وقوافيَّ التي أنزلتها … من عليِّ القدرِ في أعلى مقام
أبلج من هاشم لأوضحَ من … وضح الصبح بدا بادي اللثام
إنْ يَجُدْ كان سحاباً ممطراً … أو سطا كان عزيزاً ذا انتقام
يعلم الوارد من تيّاره … أيَّ بحرٍ ذا من الأبحار طامي
يا لقوم أرهبوا أو أرغبوا … من كرامٍ بحسامٍ أو حطام
فهمُ الأشراف أشرف الورى … وهمُ السادات سادات الأنام
هم ملاذ الخلق في الدنيا وهم … شفعاء الخلق في يوم القيام
نشأوا في طاعة الله فمن … قائمٍ بالقسط أو حبرٍ همام
رضعوا دَرَّ أفاويق العلى … وغذوا بالفضل من بعد انفطام
وإذا ما أرهفوا بيض الظبا … أغمدوها في الوغى في كلّ هام
بأكفٍّ من أياديهم هوامي … وسيوفٍ من أعاديهم دوامي
ظَلْتُ أروي خَبَراً عن بأسهم … عن سنان الرّمح عن حد الحسام
وإذا كانتْ سماوات العلى … فهمُ منها سواريها السوامي
يا ربيع الفضل فضلاً وندى ً … وحياة الجود في الموت الزؤام
أنتَ للرائد روضٌ أنُفٌ … وزلال المنهل العذب لظامي
فإذا رمت بَلالاً لصدى ً … ما تعدّاك إلى الماء مرامي
يا شبيه الشمس في رأد الضحى … ونظير البدر في جنح الظلام
لم يزدني الشكر إلاّ نعمة … قرنت منك علينا بالدوام
نبَّهت لي أعين الحظ الّتي … لم تكن يومئذ غير نيام
بسطت أيديك لي واقتطفتْ … بيد الإحسان أزهار الكلام
قد تجهَّمْنا سحاباً لم تكن … منك والخيبة ، ترجى بالجهام
فثناء بالذي نعرفه … وکمتداح بکفتتاح وکختتام
عادك العيد ولا زلت به … بعدما قد فزتَ في أجر الصيام
فابقَ واسلم للعلى ما بقيت … سيّدي أنت ودُم في كل عام