مَغناكِ مُلتَهِبٌ وَكَأسُكِ مُترَعه … فَاِسقي أَباكِ الخَمر وَاِضطَجِعي مَعَه
لَم تُبقِ في شَفَتَيكِ لذاتُ الدِما … ما تَذكُرينَ بِهِ حَليبَ المرضعه
قومي اِدخُلي يا بنتُ لوط عَلى الخنى … وَاِزني فَإِنَّ أَباكِ مهّدَ مَضجَعَه
إِن تُرجِعي دَمك الشَهِيِّ لِنَبعَه … كَم جَدوَلٍ في الأَرضِ راجِع مَنبَعَه
لا تَعبَأي بِعِقاب رَبِّكِ إِنَّهُ … جُرثومَةٌ من نارِكِ المُتَدَفِّعَه
في صَدرِكِ المَحمومِ كِبريتٌ إِذا … لَعِبَت بِهِ الشَهَواتُ فَجَّر أَضلُعُه
فَبِكُلِّ صَقعٍ مِن ضُلوعِك قِسمَة … خِلَعٌ عَلى لَهَب الشَبابِ موزَّعَه
إيه سدومُ بُعثتِ مِن خَلِلِ اللظى … حَمراءَ في شَهَواتِكِ المُتَسَرِّعَه
في كُلِّ جيلٍ مِن لَهيبِكِ سُنَّة … سَكرى محطَّمَة عَلَيهِ مُخَلَّعَه
عَقَبت بيَ الذِكرى إِلَيكِ فَأَشعَلَت … قَلبي وَأَجفاني رُؤاكِ الموجِعَه
شاهَدت مِن خَلَلِ اللَهيبِ حَدائِقاً … كانَت نَواضِرَ في الفُصولِ الأَربَعَة
نَشَقَت مِن الفِردَوسِ عبقَة سِحرهِ … وَمن السَماءِ طُيوبِها المُتَضَوِّعه
خَضراءَ طاهِرَة الغراس كَأَنَّها … بِصَفاءِ عَدنٍ لا تَزالُ مُبَرقَعَه
وَكَأَنَّ مِن تَكفيرِ آدم نَفحَةً … فيها وَمن صَلَواتِ حَواءٍ دِعه
وَرَأَيتُ غَدراناً مَراضِع تُربَة … بِأَجِنَّة الزهر النَدِيِّ مرصَّعَه
وَمراوِح الفَجرِ الجَميلِ عَلى الذَرى … يَلقى عَلَيها كُلَّ طيرٍ مخدَعَه
وَرَأَيتُ حوراً في شُفوفِ زَنابِق … بَيضاء من لَبَن الجنان مُشَبَّعَه
نَفخ الصِبا بنُهودِها فَتَكَوَّرَت … وَتَبَسَّمَت عَن وَردَةٍ مُتَرَفِّعَه
ماذا فَعَلتِ سُدومُ أَينَ جَواذِبٌ … كانَت عَلى تِلكَ الخُدورِ مجمَّعَه
فيمَ اِستَحالَ لُبانُكِ النامي إِلى … خَمر بكاساتِ الفجورِ مُشَعشَعَة
ذَوَّبَت خَمرِكِ لا لِيُصبِح طاهِراً … لكِن لِيَستَهوي النُفوسَ فَتَجرَعَه
وَجَعَلتِ غَرغَرَةَ الأَفاعي كَأسَه … لِيَذوقَ مِنها كُلَّ قَلبٍ مَصرَعَه
سَكَرَت بِكِ الدُنيا سدومُ فَكلَّها … زمرٌ عَلى طرق الحَياةِ مُتَعتَعه
وَأَثرَتِ حُنجُرَة الفجور فَأَطلَقَت … حِمَماً عَلى نَغَمِ الجَحيمِ مُوَقَّعَه
أَغنيَّة حَمراء أَنشَدَها الخنى … مِزَقاً عَلى أَوتارِكِ المُتَقَطِّعَه
أَسدومَ هذا العَصر لَن تَتَحَجَّبي … فَبِوَجهِ أمكِ ما بَرِحَتِ مُقَنَّعَه
كانَت مُنَكَّرَة كَوَجهِكِ عِندَما … هَبَّت عَلَيها مِن جَهَنَّم زَوبَعَه
قَذفتك صحراءُ الزِنى بِحَضارَة … ثَكلى مُشَوَّهَةِ الوُجوهِ مُفَجَّعَه
بُؤرٌ مُسَتَّرَة الفَسادِ بخدعة … نَكراءَ بِالخَزِّ الشَهِيِّ مُرَقَّعَه