متى يَشْتَفي كبدٌ مُؤلَمُ … ويَقْضي لباناتِه مُغرَمُ؟
ويحظى بمطلبهِ آملٌ … بأَحشائه لوعة ٌ تُضْرَم
لقد قوَّضَ الركب يوم الخليط … فأنجدَ في قلبي المتْهِمُ
وروَّعني ضيفُ طيفٍ سرى … يُراعُ به كبدٌ مؤلم
خليليَّ هلْ وقفة في الديار … يسِحّ بها المدمَع المُسَجم؟
فإنّا وقفنا عليها ضحى ً … وكلٌّ من الركب مستغرم
وأفشى بسرّي دمع العيون … وسر الصبابة لا يكتم
فأَتْرُكُ خوف الوشاة البكا … وقد يترك المرءُ ما يلزم
إذا ما نسينا عهودَ الغوير … تذكّرنا عهدها الأرسمُ
فيا حبذا يومُنا بالعقيق … مضى وکنقضى يومُها الألْوَم
بحيث تلوح شموس الطلا … ولون الدجى فاحمٌ أسحم
إلى أنْ تبّدى كَميتُ الصباح … وأدبرَ من ليلنا الأدهمُ
تصرَّمَ عهدُ النّقا بالنوى … فما للتصبُّر لا يصرم
أتنكر قتلي، غزالَ الصَّريم … ويشهدُ لي خدُّك العندم؟
ففيمَ أرقتَ دمي عامداً … وحلَّلت في الحبّ ما يحرم؟
حكمتَ عليّ بأمر الغرام … وإنّي لحكمك مستسلم
وقلتُ لمن لامني في هواك … جَهِلتَ ثكلتك ما أعلم
وأرّقَني في الدجى بارقٌ … كما استلَّ من غمده مخذم
وشوّقَني لظِباءِ الحمى … فأَسْقَمَني والهوى يُسْقِم
عجبتُ وكيف وهنَّ الظباء … يُصاد بأجفانها الضّيغمُ
ويسلمُ من مرهفات السيوف … ومن لحظهنّ فلا يَسْلَم
ومن مثلهنَّ أخاف الصّدام … ويصدم مثلي ولا يصدم
هَوَيتكمُ يا أُهيل الحَطيم … وهذا الهوى كلُّه منكم
قضيتم على صبّكم بالعباد … وإنَّ قضاءَ النوى مبرم
فلم يصفُ لي بعدكم مشربٌ … ولا لذَّ لي بعدكم مطعم
وأصبرُ في مُعضَلات الخطوب … وصبر الفتى للفتى أسلم
وعرضي نقيٌّ وأنفي حميٌّ … وبأسي كعزميَ لا يُثلم
ولولا مكارم مفتي العراق … وما غيره المكرمُ المنعم
لما کعتذر الدهرُ من ذنبه … ولا استغفر الزمنُ المجرم
مناقبُ محمود محمودة ٌ … وفوق جباه العلى تُرقَم
رقيق الحواشي كريم الطباع … فهذا هو الأكرم الأشيم
يُنبّيء عن خَلقِه خُلقُه … ويؤذنُ في سيبه المبسمُ
فمنْ أمَّل الفضل من كفّه … وُجودَ أياديه لا يحرم
لأيديهِ في كلّ عنقٍ يدٌ … ومنها أفضيت لنا أنعم
ببأسك أقسِم لا حانثاً … وفي غير بأسك لا أقسم
لأنتَ الفريدُ بهذا الزمان … ومنهجُك المنهجُ الأقوم
وأنتَ الفخارُ ومنك الفخارُ … بمثلك فلْيَفْتَخر آدم
بنيتَ بنفسك بيتَ العلى … إلى أبد الدهر لا يُهدمُ
فَهِمْتَ الرموز من المشكلات … وغيرُك من ذا الذي يفهم
كشفتَ غوامض إشكالها … وفي كشْفكَ اتّضح المبهَمُ
وإنَّ لك الحُجَجَ البالغاتِ … يقرُّ بها المؤمنُ المسلم
جوابُك يا سيّدي مُسكِتٌ … ونُصْحُكَ يا سيّدي مُفحِمُ
يمرُّ بسَخْطك حلوُ المذاق … ويحلو بنائِلك العلقم
إذا ما كتبتَ فإنَّ اليراع … بأنملكَ السيفُ واللهذم
ونثرُك يُزري بعِقْد الجمان … قدرّ المعاني بها تنظم
قليلٌ بحقّك ما نِلتَه … وقَدرُك أكبر بل أعظم
نَشَرْتُ بحقّك طيَّ المديح … وفي مدحك الدين والدرهم
لأنّي بحضرتك المستجير … وإنّي بحبلك مستعصم
وفيك أَسُرُّ الوليَّ الحميمَ … وفيكَ أُنُوفَ العِدى أُرغم
أهنِّيكَ بالعيد يا عيدَنا … فأنتَ الهناءُ لنا والأعظم
بفَضْلِك رَغماً يُقِرُّ الحسُود … وينطقُ في مدحكَ الأبكم
أَجِزني رضاك فثَمَّ الغنى … لأنَّ رضاك هو المغنم