ما ست فأزرت بالغصون الميس … وأتتكَ تخطُر في غِلالة ِ سُندس
وتبرجت جنح الظلام كأنها … شمسٌ تجلَّت في دَياجي الحِنْدِس
تختال بين لِداتِها فتخالها … بدراً بدا بين الجواري الكنس
أرِجَت يريَّاها الصَّبا وتضوَّعت … أنفاسُها والصبحُ لم يتنفَّس
ووَفتْ بمَوعِدها وباتَ وُشاتُها … للوجد بين عَمٍ وآخر أخرسِ
والبرقُ يخفقُ قلبُه من غَيرة ٍ … والنجم يرمقنا بمقلة أشوس
يا طيبَ ليلتِنا بمُنعَرَج اللِّوى … ومبيتنا فوق الكثيب الأوعس
إذْ باتَ شَملي في ضمانِ وصالها … والقربُ يُبدلُ وحشتي بتأنُّسِ
والليلُ يكتمُ سِرَّنا ونجومُه … تَرنو الينا عن لحاظٍ نُعَّسِ
وسَنى المجرَّة في السَّماءِ كأنَّه … نهرٌ تدفَّق في حديقَة ِ نَرجسِ
باتت تدير علي من ألحاظها … كأساً وأخرى من لماها الالعس
حتى إذا رقَّ النسيمُ وأخفقت … من أفق مجلسِنا نجومُ الأكؤُس
قالت وقد واليتُ هَصرَ قوامِها … ضاق الخناقُ من العِناق فنفَّسِ
ثم انثنت حذر الفراق مروعة ً … في هيئة المُسْتوحِش المستأنسِ
تتنفَّسُ الصُّعَداءِ من وجدٍ وقد … غص الظلام بصحبه المتنفس
واسْتعجلَتْ شدَّ النِّطاق وودعت … توديع مختلسٍ بحيرة مبلس
لله غانية ٌ عَنَتْ لضيائها … شمس الضحى إذا أشرقت في الأطلس
سلبت نفوسَ أولي الغرام صبابة ً … بجمالها الباهي السنيِّ الأنفسِ
وسألتها نفسي فقالت حيرة ً … أيُّ النفوس فقلتُ أغلى الأنفس
لم أنسها يوماً فأذكر أنسها … لا كان من ينسى الأحبة أو نسي
هذا الحسينُ ابنُ الحسين أخو العُلى … علقت يدي منه بودٍ أقعس
لم يُنسِهِ بُعدُ الدِّيارِ مودَّتي … يوماً وعهدي عنده لم يبخس
وسواه يظهر وده بلسانه … وخميره كصحيفة المتلمس
هذا الوفيُّ الهاشميُّ المجتبى … غوثٌ الجليس له وبدر المجلس
طابت أُرومة ُ مجده فزكتْ به … والغرس يعرب عن زكاء المغرس
ايهٍ أخا المَجدِ المؤثَّل والعُلى … لله درك من أديبٍ أكيس
وافت قصيدتُكَ التي فعلت بنا … فعلَ المُدامة بالنُّهى والأرؤُس
ألبستها وشي الكلام فأقبلت … مختالة ً تزهو بأبهى مَلبَسِ
ما ضر سامعها وقد جليت له … أن لا يجيل كؤوسها أو يحتسي
جددت لي عهد الصبا بنسيبها … وربوعُ عهدي بالصِّبا لم تُدرَسِ
وإليكها غراء تستلب الحجا … وتروض كل جموح طبعٍ أشرس
نضَّدتُ عِقدَ نِظامها وبعثتُها … دُرَراً تفوقُ على الدَّراري الخُنَّسِ
وكسوتها من وصف ودك حلة ً … هزَّت لها عِطف المحلَّى المكتسي
تُجلى عليك ونجمُ سعدِك مُشرقٌ … في قمة الفلك الرفيع الأطلس