لم يبق لي صبر ولا سلوان … غاض السلو وفاضت الاجفان
فكأن وجدي بارق متالق … وكان دمعي عارض هتان
الدمع ينجدني بخذلان الاسى … ان الدموع على الاسى اعوان
كيف السلو وقد حدا باحبتي … حادي المسري فسارت الاطغان
رحلوا عن الأوطان الا انهم … سكنوا الحشا فلهم بها أوطان
لا تطلبن نعيم عيش بعدهم … فهم الألى كانوا النعيم فبانوا
بانوا فأوحشت الديار لناظر … لا البان يونسه ولا نعمان
يا ليت شعري هل تعود كما مضى … بالطف أيام لنا وزمان
فتعود زاهرة منازل بهجة … كانت بهم وهم الصدور تزان
يا جيرتي هل تسمحون بنظرة … يروى بها المتلهف الظمآن
حال النهار لفقدكم فكانما … بين النواظر والفضاء دخان
بكر النعات كانما الفاظهم … بين الجوانح والحشا نيران
فذهلت عن نفسي ذهول مروع … فتكت به الارزاء والأحزان
قالوا أصاب الفضل بعد سحابه … جدب فصوح روضه الفينان
وسما إلى أوج الفضائل والعلا … خطب فخر إلى الثرى كيوان
تنعى إلى أبا الجواد كناية … إن الكناية للذكي بيان
نعم استقلت بالكمال وأهله … نوب وهل للنائبات أمان
لا يأمن الحدثان إلا جاهل … بضروب ما ياتي به الحدثان
أين الرجال الصالحون تتابعوا … زمراً كما يتتابع الركبان
أين القياصر والأكاسرة الإلى … خضعت لسطوة ملكها التيجان
تركوا قصور العز سامية الذرى … وغدوا وهم تحت الثرى سكان
فتعفرت تلك الوجوه بمنزل … لا المسك عن كثب ولا العقبان
سيف ابن ذي يزن وكان ممنعاً … لم يحمه غمد ولا غمدان
وكذا الخورنق لم تدم اربابه … لا المنذر الأعلى ولا النعمان
ان المنية للبرية منهل … لا سوقة ينجو ولا سلطان
يا عيلم العلم الذي عن بحره … صدر الرجال وكلهم ريان
من للفصاحة والندي جميعه … سمع وأنت به فم ولسان
من للبلاغة يستمر مجليا … في غاية تكبو بها الفرسان
ولرب غامضة جلوت ظلامها … بادلة لوميضها لمعان
من قال فيك بان مثلك دونه … يقف القياس ففضلك البرهان
قد شيعوك وعين كل مشيع … عين يعوم بمائها الإنسان
ما فيهم الا حزين نادب … أو ذاهل عن نفسه حيران
حملوا رياض خلائق في اثرها … تجري الدموع كانها غدران
ضمنت لك الدكر الجميل محامد … خلدتها فينا فصح ضمان
ما زلت منقطع القرين وربما … عزت لك النظراء والاقران
وجمعت ما بين الفكاهة والتقى … لكن لتقوى الله عندك شان
ماذا اقول وطرف فكري كلما … رام المجال توسع الميدان
جمعت سجاياك المحاسن كلها … جمعا فكل سجية احسان
تلك الشمائل والشمول كلاهما … راح وكل مجالس نشوان
آليت لا اسلو ولا أنسى وهل … تنسى خلائق كلهن حسان
فمثال شخصك في الضمير مصور … ابدا ويا ليت المنال عيان
جادت ثراك أبا الجود سحائب … ينهل منها اللطف والرضوان
كنت المخف من الثرا لكنما … بالوزن كان لفضلك الرجحان
قد فاز بالعيش المخفون الاى … ثقلت لهم بالصالح الميزان
وسلمت من تبعات دنيا عيشها … عرض تميل بظله الافنان
سيرت في آل النبي قصائداً … غرراً تضوع بطيبها البلدان
مدحاً تارّج نشرها ومراثياً … في طيها الأحزان والأشجان
غاليت في ثمن القريض فماله … الا نعيم جنانها اثمان
وبكل بيت نلت بيت كرامة … بشراك يوم يحاسب الديوان