لَقَدْ هَاجَ من عَيْنيّ ماءً على الهَوَى … خَيَالٌ أتَاني آخِرَ اللّيْلِ زَائرُهْ
لِمَيّةَ، حَيّا بِالسّلامِ كَأنّمَا … عَلَيْهِ دمٌ لا يَقْبَلُ المالَ ثَائِرُهْ
كَأنّ خُزَامَى حَرّكَتْ رِيحَها الصَّبا، … وَحَنوَةَ رَوْضٍ حِينَ أقلَعَ ماطِرُهْ
لَنَا إذ أتَتْنَا الرّيحُ مِنْ نَحْوِ أرْضِها … وَدارِيَّ مِسْكٍ غَارَ في البَحرِ تاجِرُهْ
دَعَتني إلَيها الشمسُ تحتَ خِمارِهَا … وَجَعْدٌ تَثَنّى في الكَثيبِ غَدائِرُهْ
كَأنّ نَوَاراً تَرْتَعي رَمْلَ عَالِجٍ … إلى رَبْرَبٍ تَحنُو إلَيْهِ جَآذِرُهْ
مِنَ أينَ أُلاقي آلَ مَيٍّ، وَقَدْ أتَى … نَبيُّ فُلَيْجٍ دُونَهَا وَأغَادِرُهْ
يُرِيدونَ رَوْضَ الحَزْنِ أن يُنفِشوا بهِ … إذا استَأسَدَتْ قُرْيَانُهُ وَظَوَاهِرُهْ
إلَيْكَ ابنَ عَبدِ الله أسنَفْتُ نَاقَتي … وَقد أقلق النِّسعَينِ للبَطْنِ ضَامِرُهْ
وَكَائِنْ لَبِسْنَا مِنْ رِدَاءِ وَدِيقَةٍ … إليْكَ وَلَيْلٌ كَالرُّوَيْزِيّ سَائِرُهْ
أُبَادِرُ مَنْ يأتيكَ مِنْ كُلّ جانِبٍ … مُشَاةً وَرُكْبَاناً، فإني مُبَادِرُهْ
أُبَادِرُ كَفّيْكَ اللّتَيْنِ نَداهُمَا … عَلى مَنْ بِنَجْدٍ، أوْ تهامةَ، ماطِرُهْ
دَعي النّاس وأْتي بي المُهَاجِرَ إنّهُ … أرَاهُ الّذِي تُعطي المَقَالِيدَ عامِرُهْ
وَمَنْ يَكُ أمسى وَهُوَ وَعرٌ صُعودُهُ … فإنّ ابنَ عَبْدِ الله سَهْلٌ مَصَادِرُهْ
نمَى بِكَ مِنْ فَرْعَيْ رَبِيعَةَ للعُلى، … بحَيْثُ يَرُدّ الطَّرْفَ للعَينِ نَاظِرُهْ
مَرَاجِيحُ سَادَاتٌ عِظَامٌ جُدُودها … وَفِيهِمْ لأيّامِ الطِّعَانِ مَساعِرُهْ
وَمَنْ يَطّلِبْ مَسعاةَ قَوْمٍ يجدْ لهمْ … شَمَارِيخَ مِنْ عِزٍّ، عِظَامٍ مآثرُهْ
وَجَدْتُ القَنَا الهِنْدِيَّ فيكُمْ طعانُهُ … وَضَرْبٌ يُدَهْدي للرّؤوس فوادرُهْ
إذا مَا يَدُ الدرْعِ التَوَى ساعِدٌ لَهُ … بِأسيافِهِمْ وَالمَوْتُ حُمْرٌ دَوَائِرُهْ
رَأيْتُ النّسَاءَ السّاعِيَاتِ رِمَاحُنَا … مَعاقِلُها، إذْ أسلَمَ الغَوْثَ ناصرُهْ
إذَا المُضَرَانِ اكْرَمَانِ تَلاقيَا … إلَيكَ فَقدْ أرْبَى على النّاس فاخرُهْ
إذا خِندِفٌ جاءتْ وَقَيْسٌ إذ التَقتْ … بِرُكْبَانِهَا، حَجٌّ مِلاءٌ مَشَاعِرُهْ
بحَقّ امْرِىءٍ لا يَبْلُغُ النّاسُ قِبصَهُ … بَنو البَزَرَى من قيس عيلان ناصرُهْ
إليهِمْ تَناهتْ ذِرْوَةُ المَجدِ وَالحصَى … وَقِبصُ الحصَى إذ حصّل القبص خَابرُهْ
تَميمٌ وَما ضَمّتْ هَوَازنُ أصْبَحتْ … وَعَظمُهُمَا المُنهاضُ قد شدّ جابرُهْ
رَأيْتُ هِشاماً سَدّ أبْوَابَ فِتْنَةٍ … بِرَاعٍ كَفَى من خَوْفهِ ما يُحاذِرُهْ
بمُنتَجِبٍ منْ قَيسِ عَيلانَ صَعّدتْ … يَدَيْهِ، إلى ذاتِ البُرُوجِ، أكَابِرُهْ
فَمَا أحدٌ مِنْ قَيْسِ عَيْلانَ فاخراً … عَلَيْهِ وَلا مِنْهُمْ كَثِيرٌ يُكَاثِرُهْ
وَنَامَتْ عُيُونٌ كَانَ سُهِّدَ لَيْلُهَا … وَفَتّحَ بَاباً كُلُّ بَادٍ وَحَاضِرُهْ
ألَمّا يَنَلْ لي أنْ تَعُودَ قَرَابَةٌ، … وَحِلْمٌ عَلى قَيسٍ رِحابٌ مَصَادرُهْ
رَفَعتُ سِناني من هَوَازِنَ إذْ دنَتْ … وَأسْلَمَها مِنْ كُلّ رَامٍ مَحاشِرُهْ
وَحُلّلَتِ الأوْتَارُ إذْ لَمْ يَكُنْ لهَا … نِضالٌ لِرَامٍ دَمّغَتْهَا نَوَاقِرُهْ
لَقدْ عَلِمتْ عَيلانُ أنّ الذي رَسَتْ … لَئيمٌ وأنّ العَيْرَ قَدْ فُلّ حافِرُهْ
وَكُلُّ أُنَاسٍ فِيهِمُ مِنْ مُلُوكِنَا … لهُمْ رَبُّ صِدْقٍ والخَلِيفَةُ قاهِرُهْ
وَإني لَوَثّابٌ إلى المَجْدِ دُونَهُ، … مِن الوَعْثِ أوْ ضِيقِ المكانِ نَهابرُهْ
وَمِنّا رَسُولُ الله أُرْسِلَ بِالهُدَى، … وَبالحَقّ جَاءَتْ بِاليَقِينِ نَوَادِرُهْ