كُنْ بالمدامة للسُّرور مُتَمِّما … صفراءَ قبلَ المزج تحكي العَنْدَما
شمسٌ إذا جليتْ بكفٍّ أطلعتْ … منها الحباب على الندامى أنجما
هذي أُوَيْقات السرور فلا تَدَعْ … فُرَصَ السرور من الزمان فربّما
أو ما ترى فصل الربيع وطيبه … والزهر في الأكمام كيف تبسَّما
وکمزج معتقة َ الدنان فإنّني … أهوى المزاج بريق معسول اللمى
ومهفهف الأعطاف يرنو لحظُه … فإخاله يَسْتَلُّ سيفاً مخذما
لولا محاسن جَنَّة ٍ في وجهه … ما شاهد المشتاقُ فيه جهنّما
أو كان يمنحني زلال رضابه … ما بتُّ أشكو من صبابته الظما
ويلاه من شرع الغرام من الذي … جعلَ الوصالَ من الحبيب محرَّما
ولرب ليل زارني في جنحه … وعصى الوشاة به وخالف لوّما
قصّيت أهنأ عيشة من وصلهِ … حتى أنارَ صباحهُ وتصرَّما
إنَّ العيون النُّجل أَوْرَثْنَ الرَّدى … قَلْبي وأرشَقْنَ الخواطر أسْهُما
وتوقُّد النيران في وجناته … أوقدنَ في الأحشاء شوقاً مضرما
أمعنِّفَ المشتاق في أشجانه … إيّاك تعذل بالهوى مستغرما
قد كان لي قلبٌ يطيعك بالهوى … لكنّما سلبوه غزلان الحمى
وبمهجتي الظبي الغرير فإنّني … حكّمته في مهجتي فتحكّما
أهوى التشبب بالملاح ولم يزل … قلبي بمحمود الفعال متيَّما
العالمُ المبدي العجاب بعلمه … والمبهر الأفهام حيث تكلّما
تلقى الأنام عيال بيت علومه … فترى قعوداً ترتجيه وقوّما
هذا تراه مؤمِّلا يرجو الندى … من راحتيه وذا أتى متعلّما
فيرد هذا فائزاً من فضله … فيما يروم وذاك عنه معلما
لم ألقَ أغزرَ نائلاً من كفِّهِ … وأُرَقَّ قلباً بالضعيف وأرحما
إنْ جئته بمسائلٍ ووسائلٍ … أضحى لقصدك مكرماً أو مفهما
جمع المفاخر والمحامد كلها … وأباد بالكرم المشرفَ المعلما
ولكم أتيتُ لبابه في جاحة … فوجَدْتُ ساحته الغنى والمغنما
فقصدت أفودَ من قصدتُ من الورى … وأتيتُ أبركَ من أتيت ميمما
وأتيتُه فوجَدْت حصناً مانعاً … ووردته فرأيت بحراً قد طمى
كم قد أنال مُؤَمِّلاً من رِفْدِه … وأغاثَ ملهوفاً، وأغنى معدما
وشهدْت قرماً بالكمال متَوَّجاً … ورأيت ليثاً بالفخار معمّما
بطلٌ أعزَّ الجارَ في إكرامه … وأهان في كرمِ اليمين الدرهما
بأبي فتى ً مذ كان طفلاً راضعاً … فاضت أناملُ راحتيه تكرُّما
شادت فضائله مقاماً في العلى … سامٍ على طول المدى لن يهدما
متبسمٌ للوافدين لبابه … والغيث إنْ قَصَدَ الهُطَولَ تَبَسَّما
ما فاض نائله وفاض بعلمه … إلاّ التقطْتَ الدُّرَّ منه توأما
كم مشكلات أُوضِحَتْ بذكائه … وأبانَ في تقريره ما أبهما
ما زال مذ شم النسيم حلاحلاً … أمسى بحب الفضل صباً مغرما
يعزى إلى بيت الرسول محمد … وإ لى النبيّ الهاشميّ إذا انتمى
يوم النوال يكون بحراً زاخراً … ولدى العلوم تراه حبراً مفعما
قسراً على كيد المعاند قد علا … وبرغم أنفِ الحاسدين لقد سما
الله أَوْدَعَ في سريرة ذاته … من قبل هذا جوهراً لن يقسما
قل للذي يبغي وصول كماله … هيهات إنَّكَ لست من يصل السما
أحلى من العسل الجنيّ فكاهة … وتراه يوم الجد مرّاً علقما
مثل الأُسود الضاريات إذا سطا … والمرسلات الذاريات إذا همى
كم راح زنديق يروم نزاله … فرآى سيوف الحق عنه فأحجما
وأتى عليه بكلّ برهان بدا … لو كان في جنح الدجى ما أظلما
فهو الذي نهدى به في ديننا … ونرى طريق الرشد فيه من العمى
يا سيّداً حاز العلوم بأسرها … حتى غدا علمَ الأنام وأعلما
فليهنك المجدُ الذي بُلِّغْتَه … لو أنصفوك لكنتَ فيه مقدّما
فلقد بلغت اليوم أرفع منصب … أضحى على أعداك فيه مأتما
ما نلت إلاّ ما جنابك أهلهُ … فابق على أبدِ الزمان مكرَّما
وکسأل ودادَك من جوانح أخرس … لو كان يستطيع الكلام تكلَّما