كن بلسماً إن صار دهرك أرقما … وحلاوة إن صار غيرك علقما
إن الحياة حبتك كلَّ كنوزها … لا تبخلنَّ على الحياة ببعض ما ..
أحسنْ وإن لم تجزَ حتى بالثنا … أيَّ الجزاء الغيثُ يبغي إن همى ؟
مَنْ ذا يكافئُ زهرةً فواحةً ؟ … أو من يثيبُ البلبل المترنما ؟
عُدّ الكرامَ المحسنين وقِسْهُمُ … بهما تجدْ هذينِ منهم أكرما
ياصاحِ خُذ علم المحبة عنهما … إني وجدتُ الحبَّ علما قيما
لو لم تَفُحْ هذي ، وهذا ما شدا ، … عاشتْ مذممةً وعاش مذمما
فاعمل لإسعاد السّوى وهنائهم … إن شئت تسعد في الحياة وتنعما
أيقظ شعورك بالمحبة إن غفا … لولا شعور الناس كانوا كالدمى
أحبب فيغدو الكوخ قصرا نيرا … وابغض فيمسي الكون سجنا مظلما
ما الكأس لولا الخمر غير زجاجةٍ … والمرءُ لولا الحب إلا أعظُما
كرهَ الدجى فاسودّ إلا شهبُهُ … بقيتْ لتضحك منه كيف تجهّما
لو تعشق البيداءُ أصبحَ رملُها … زهراً، وصارَ سرابُها الخدّاع ما
لو لم يكن في الأرض إلا مبغضٌ … لتبرمتْ بوجودِهِ وتبرّما
لاح الجمالُ لذي نُهى فأحبه … ورآه ذو جهلٍ فظنّ ورجما
لا تطلبنّ محبةً من جاهلٍ … المرءُ ليس يُحَبُّ حتى يُفهما
وارفقْ بأبناء الغباء كأنهم … مرضى، فإنّ الجهل شيءٌ كالعمى
والهُ بوردِ الروضِ عن أشواكه … وانسَ العقاربَ إن رأيت الأنجما
يا من أتانا بالسلام مبشراً … هشّ الحمى لما دخلتَ إلى الحمى
وصفوكَ بالتقوى وقالوا جهبذُ … علامةُ، ولقد وجدتك مثلما
لفظٌ أرقّ من النسيم إذا سرى … سَحَراً، وحلوُ كالكرى إن هوّما
وإذا نطقتَ ففي الجوارحِ نشوةٌ … هي نشوةُ الروحِ ارتوتْ بعدَ الظما
وإذا كتبتَ ففي الطروسِ حدائقٌ … وشّى حواشيها اليراعُ ونمنما
وإذا وقفتَ على المنابر أوشكتْ … أخشابها للزهوِ أن تتكلما
إن كنت قد أخطاكَ سربال الغِنَى … عاش ابنْ مريم ليس يملك درهما
وأحبّ حتى من أحب هلاكه … وأعان حتى من أساء وأجرما
نام الرعاة عن الخراف ولم تنمْ … فإليك نشكو الهاجعين النوّما
عبدوا الإله لمغنمٍ يرجونه … وعبدتَ ربّك لست تطلبُ مغنما
كم رَوّعوا بجهنّم أرواحنا … فتألمت من قبلُ أن تتألما
زعموا الإله أعدّها لعذابنا … حاشا، وربُّك رحمةٌ، أن يظلما
ما كان من أمر الورى أن يرحموا … أعداءهم إلا أرقّ وأرحما
ليست جهنم غير فكرةِ تاجرٍ … ألله لم يخلق لنا إلا السما