قلبٌ يذوبُ ومهجة ٌ تتقطَّع … وجوى ً يهيجُ به الفؤاد المولَعُ
لي بعد مَن سكن الغضا نار الغضا … تطوى على الزفرات منها الأضلع
ما زلتُ تُصْبيني الصبّا بهبوبها … سحراً وتبكيني البروق اللُّمَّعُ
وتهيجني الورقاء ما إنْ أصْبَحَتْ … تشدوا على فنن الأراك وتسجع
تُملي عليَّ حديث فرط شجونها … في الشجو من صُحفِ الغرام فأطمع
وقضى ادّكار الظاعنين بأنَّه … لا يستقر لمستهام مضجع
أرأيت أنَّ المزمعين على النوى … عزموا على أخذ القلوب وأزمعوا
لو كنتَ يومَ البين حاضرَ لوعتي … لرأيت كيف تصوب تلك الأدمع
أشكو إليك وأنت أبصر بالهوى … ما أودعوا يا سعد ساعة ودّعوا
هم أهرقوا دمعي المصونَ وأوقدوا … في القلب غلة َ وامقٍ لا تنقع
ولقد رعيتُ لهم هناك وما رَعوا … وحَفِظْتُ وُدَّهم القديم وضيَّعوا
وأخذت أذكرهم وبينَ جوانحي … كبدً تكاد لما بها تتصدع
حُيِّيت يا دار الأحبة في اللوى … بحياً يصوبك في العشيّ ويقلع
حتى يراقَ على ثراك فترتوي … بعد الظما تلك الطلول الخشع
كانت منازلنا تروقُ بأوجهٍ … غَرَبَت فأينَ تقول منها المطلع
يا عهدنا الماضي وليسَ براجعٍ … أفترجعنَّ بما مضيت فترجع
واهاً لعيشك يا نديم بمثلها … والكأسُ من حدق الأوانس تترع
حيث الصبا غضٌّ وأعلاق الهوى … مما تغرُّ بها الملاح وتخدع
نجد الهوى رَطْب المَجَسّ فواصلٌ … لا ينثني وملايمٌ ومُمَنَّع
ونروض باللذات كلَّ أبيَّة ٍ … منها لنا فيها القياد الأطوع
نكصتْ على أعقابها أسرابها … وخلا من الظبيات ذاك المربع
ويحَ الميتم من فراق أحبَّة ٍ … عفَتِ المنازلُ بعدهم والأربع
يتجرع المرَّ الزعاف وإنما … كأس الصدود أقلُّ ما تتجرع
ولربما احتمل السلوَّ لو أنه … يصغي إلى قول العذول ويسمع
لي في المنازل حيثُ رامة وقفة ٌ … فيها لمن عانى الصبابة مصرع
إنَّ الأحبة في زرود ولعلعٍ … سُقي الغمامَ بهم زرودُ ولَعْلَعُ
هتف النوى بهم ضحى ً فتبادروا … فيه إلى تلف المشوق وأسرعوا
يا هلْ تراهم يألفون وهل ترى … يَهَبُ الزمان لأهله ما ينزع
يشتاقهم أبداً على شحط النوى … قلبٌ به حرقٌ وعين تدمع
أنفكُّ أستشفي بطيب حديثهم … أو يشتقي هذا الفؤاد الموجع
لا تسألنّي كيف أنتَ فإنني … جلدٌ على الأيام لا أتضعضع
صفعتْ قذال المطمعات أبوَّتي … وقفا الدنية ِ بالأبوَّة يُصفع
أنا من جميل أبي جميل لم أزل … أدعى إلأى المجد الأثيل فأتبع
عنه المكارم في الوجود تنوعت … أجناسها والجنس قد يتنوع
أفْنَتْ عطاياه الحطامَ وإنَّه … لله أو لسبيله ما يجمعُ
لولاه ماعرف الجميل ولا زها … في غيره للفضل روضٌ ممرع
متهلّلٌ بجمال أبهج طلعة ٍ … ممَّن تشير إلى علاهُ الإصبع
ترجى المنافع من لدنه وإنّما … نال المعالي من يضر وينفع
أينَ الضياغمُ من علاه إذا سطا … هو لامراء من الضياغم أشجع
في موقف ترد النفوس من الردى … والهامُ تسجدُ والصوارم تركع
والحر يطرب حيث صادية الظبا … تروى وساغبة القشاعم تشبع
ذو رأفة في العالمين وشدة ٍ … تومي لعاتية الأمور فتخضع
قطعت أراجيف الرجاء لأهلها … وكذلك العضب المهند يقطع
لله درّك لو وزنت بك الورى … لرجحت حينئذ وقدرك أرفع
يا من رأيت به المديح فريضة … ومن المدايح واجب وتطوع
أبغي رضاك وحبّذا من بغية ٍ … فيها المآرب والطلاب الأنفع
فإذا رضيت فما الشهاد المجتنى … وإذا غضبت فما السمام المنقع
شكراً لسالفة الصنايع منك لي … حيث المكارم والمكان الأرفع
بلَّغتني نعماً خطب بشكرها … فأنا البليغ إذا خطبت المصقع
ونشرتُ بعد الطيّ فيك قصائدي … طيب الثناء عليك فيها يسطع
لولا مدايحك الكريمة لم تكن … تصغي له أذنٌ ويطرب مسمع
أكبت حسَّادي بنعمتك التي … أمست تذّل لها الخطوب وتخضع
أتنالني أيدي الزمان بحادثٍ … يوماً وجانبك الأعز الأمنع
قسماً بمن رفع السماء فأصبحت … زهر النجوم بنظم مدحك تطمع
إن الأبوة والرياسة والعلى … من غير وجهك شمسها لا تطلع
في كل يومٍ من علاك صنيعة … أنتِ المجيد لها وأنت المبدع
والناس إلاَّ أنت في كبّارها … صمٌّ عن الفعل الجميل إذا دُعوا
تالله إنّك واحدٌ في أهلها … ولأنت أنت المشتكى والمفزع
ما ضلّ عن نيل الغنى ذو حاجة … وإلى مكارمك الطريق المهيع
ترجو نَداك وتتقي منك العدى … فالبأس بأسك والسماحة أجمع
تعطي وتمنع نائلاً وأبوَّة … لا كان من يعطي سواك ويمنع
الله يعلم والعوالم كلُّها … إنّي لغير نَداك لا أتوقع
لا زال لي من بحر جودك مورد … عذب ووبل سحابة لا تقلع
فلئن طمعتُ فلي بجودك مطمعٌ … ولئن قنعت فلي بجودك مقنع